
ارتفاع في أسعار العقارات داخل مدينة إدلب بسبب زيادة الطلب - 18 آذار 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
ارتفاع في أسعار العقارات داخل مدينة إدلب بسبب زيادة الطلب - 18 آذار 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
في 26 من أيار الحالي، ألغت وزارة المالية السورية قرار ضريبة البيوع العقارية وفقًا للقيمة الرائجة، حال العدول عن البيع.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) إن وزير المالية محمد يسر برنية، أصدر قرارًا بإلغاء ضريبة البيوع العقارية وفقا للقيمة الرائجة، في حال النكول (العدول) عن البيع، وعدم إتمامه بموافقة البائع والشاري، وذلك في معرض تطبيق أحكام القانون رقم “15” لعام 2021.
ووفقًا للقرار، طلب وزير المالية من مديريات المالية بالمحافظات، اعتبار عملية (النكول) التراجع عن المبيع في كل حالاته، سواء كانت الضريبة مسددة أو غير مسددة عملية مقبولة ماليًا دون أن يترتب على ذلك أي ضريبة.
الإلغاء مسمح طالما أن العملية محصورة بالدائرة المالية، ولم يتم الفراغ لدى دوائر التوثيق العقارية، شريطة تقديم إقرار خطي من قبل أصحاب العلاقة البائع والشاري، لإلغاء عملية التنازل عن المبيع وعلى مسؤوليتهم، وأن ترد الضريبة أصولًا في حال كانت مسددة.
ويتم إلغاء الضريبة التي كانت مستحقة، إن لم يستكمل البيع في الدوائر العقارية، بحسب وزير المالية، محمد يسر برنية.
وزير المالية، محمد يسر برنية، برر اتخاذ هذا القرار بأنه خطوة بسيطة تعكس اهتمام الوزارة بتسهيل الإجراءات، والحد من الظلم الذي قد يتعرض له المواطن من خلال إلغاء قرار ضريبة البيوع العقارية في حال النكول (العدول) عن البيع وعدم إتمامه بموافقة البائع والشاري.
الخبير العقاري والأكاديمي الاقتصادي، الدكتور عمار اليوسف، قال لعنب بلدي، إن القرار يعد خطوة عادلة ومنطقية بالاتجاه الصحيح، إذ كانت سابقًا تعتبر بمثابة عقوبة للشخص الذي يتراجع عن البيع.
حول أثر سوق العقارات بإلغاء الضريبة في حال العدول عن البيع، يعتقد الدكتور عمار اليوسف، بعدم وجود أثر واضح لذلك، إذ يعاني سوق العقارات في سوريا من حالة “جمود مطلق” نتيجة بعض الإجراءات التي تم اتخاذها عقب سقوط النظام.
أبرز الإجراءات، إيقاف السجل العقاري عن الفراغات تمهيدًا للحصول على الموافقات الأمنية، فضلًا اختلال السوق بين العرض والطلب، بالإضافة إلى تذبذب قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، وإحجام غالبية الناس عن بيع عقاراتها بشكل كامل.
من جهته يرى الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، في حديث لعنب بلدي، أن إلغاء الضريبة في حال العدول عن البيع أمر منطقي يمكن أن يترك أثرًا في نفسية السوق العقاري بشكل عام، ويساعد على تحريك السوق بشكل أكبر، لكون الضريبة كانت تحد بشكل كبير من مجرد التفكير بامتلاك عقار.
في 25 من آذار 2021، أقر مجلس الشعب السوري قانون “ضريبة البيوع العقارية”، إذ يعتمد القانون على استيفاء الضريبة على العقارات المباعة بالاعتماد على قيمتها الرائجة، بدلًا من القيمة المعتمدة في السجلات المالية.
وينص القانون على أن يشكّل وزير المالية لجانًا مركزية ورئيسة وفرعية في المحافظات والمدن والمناطق ودوائر الخدمات، لتحديد القيمة الرائجة للمتر المربع الواحد من العقار لكل شريحة وفق المعايير المحددة لذلك، وتحميلها على خرائط إلكترونية مصممة لهذه الغاية.
وحدد القانون قيمة الضريبة على البيوع العقارية التي ستُفرض على العقارات بالمعدل الآتي:
● %1 من القيمة الرائجة للعقارات السكنية والأراضي الواقعة خارج المخطط التنظيمي والأسطح والعقارات السكنية.
● %2 للأراضي الواقعة داخل المخطط التنظيمي المصدّق.
● %3 عن بيع العقارات غير السكنية.
كما تخضع العقارات غير السكنية المؤجرة للسوريين وغيرهم لضريبة دخل بمعدل 10% من بدل الإيجار السنوي، على ألا تقل ضريبة الدخل عن ستة بالعشرة آلاف من القيمة الرائجة للعقار المؤجر.
الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، اعتبر أن استمرار تحصل الضريبة في حال إتمام عملية البيع، هو أمر طبيعي، وموجود في معظم دول العالم، ويمكن اعتبارها كضريبة على رأس المال.
الدكتور عمار اليوسف من جهته، أكد أن هذه الضريبة تعتبر واردًا لخزينة الدولة وهي المستفيد الوحيد من استمرارها، وبالتالي من الصعب إلغاؤها أو تقلل من قيمتها.
ويعتبر اليوسف أن قيمة الضريبة “عالية جدًا” و “ظالمة” بالنسبة للمواطنين الراغبين بالبيع والشراء، وأثرت بشكل سلبي على حركة سوق العقارات، بسبب الرفع المستمر للتخمين المالي للقيمة الرائجة للعقارات، وبالتالي زيادة قيمة الضريبة على المواطنين.
الباحث قضيماتي، أشار إلى أن ما يجب تغييره هنا هو نسبة الضريبة والمبلغ الذي يدفع أثناء عملية البيع، إذ تشكل ثقلًا كبيرًا على المواطنين.
ويرى أنه في الحالة السورية يمكن اعتبار هذا النوع من الضرائب “محقة” لكونها تساعد الدولة في تأمين تكاليف البنية التحتية المتعلقة بالبناء والعقارات، إلا أن نسبتها يجب أن تكون ضمن المعقول، دون أن يتأثر المواطنون سلبًا بقيمتها.
يواجه سوق العقارات في سوريا عام 2025 الحالي وضعًا معقدًا يتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإقليمية والدولية.
من المتوقع أن يستمر سوق الإيجار في النشاط مدفوعًا بالطلب المتزايد، بينما من المرجح أن يظل سوق المبيعات ضعيفًا بسبب التحديات الاقتصادية وعدم اليقين السياسي، وفق ما ذكر تقرير تحليلي بعنوان “سوق العقارات في سوريا عام 2025: تحليل شامل وتوقعات مستقبلية”.
في وقت قد يشهد فيه سوق العقارات العالمي هذا العام بعض التعافي، تشير آراء الخبراء إلى أن السوق السوري من المرجح أن يظل متواضعًا بسبب التحديات الخاصة بالبلاد.
من المبكر تمامًا قياس أثر وقف العقوبات الغريبة على سوريا على سوق العقارات، إذ يستلزم الأمر المزيد من الوقت لقياس هذا الأثر، خاصة أن نتائج رفع العقوبات لا تظهر إلا خلال فترة تتراوح بين ستة أشهر وسنة، وفق ما يرى الدكتور عمار اليوسف.
من المهم في هذا الأمر النظر إلى إمكانية وجود استثمارات أجنبية عقارية جديدة في سوريا، بحسب اليوسف، مضيفًا أن الاستثمار في قطاع الإسكان والسكن والقطاعات التجارية سيؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات نتيجة اختلال العرض والطلب، إذ سيزيد العرض ويقل الطلب، وبالتالي ستنخفض الأسعار، إلا أن هذا أمر لا يزال سابق لأوانه، وفق تعبير الخبير العقاري.
حول المعوقات الأساسية التي ستحول دون تنشيط قطاع العقارات، أوضح اليوسف أن أبرزها يتعلق بالقدرة الشرائية الضعيفة للمواطن السوري.
فيما يعتقد الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، أن رفع العقوبات سيكون لها أثر كبير في تحريك السوق العقاري في سوريا بشكل عام، وإعادة الإعمار ودخول الشركات ورؤوس الأموال الكبيرة المهاجرة إلى البلاد عن طريق القنوات الرسمية.
وأضاف قضيماتي أن سوق العقارات يمكن أن يكون لها مستقبلًا واعدًا، لكن هناك حاجة كبيرة لقوانين وأنظمة تشجع على الاستثمار وتقسيم المناطق إلى مناطق استثمارية يمكن من خلالها دخول شركات البناء إلى السوق السورية بشكل منظم.
معدات بناء ثقيلة في موقع “ماروتا سيتي” ضمن أكبر مشروع استثمار عقاري جنوبي دمشق دون ضوابط قانونية عادلة – 8 من تشرين الأول 2018 (AP)
الخبير الاقتصادي، مخلص الناظر، قال في تسجيل مصور عبر قناته في “يوتيوب” إنه من المتوقع أن تشهد سوريا انتعاشًا تدريجيًا مع تقدم إعادة الإعمار، موضحًا أنه إذا نجحت الحكومة الانتقالية في فرض الاستقرار وجذب الاستثمارات الخارجية، من المتوقع أن ترتفع أسعار العقارات بنسبة كبيرة خلال الـ5 إلى 10 سنوات المقبلة.
وأوضح الناظر أن محافظتي دمشق وحلب كمركزين اقتصاديين، ستكونان الواجهة الأولى للمستثمرين، تليهما المدن الساحلية مثل اللاذقية بفضل إمكانياتها السياحية.
كما ستزيد عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم الطلب على العقارات، مما قد يؤدي إلى طفرة في نشاط البناء، كما أن مشاريع البنية التحتية مثل إعادة تأهيل الطرق والسكك الحديدة ستجعل المناطق النائية أكثر جذابية، كل هذا سيخلق فرص عمل خاصة بعمال البناء والمهندسين المعماريين والمدنيين.
على المدى الطويل يعتقد الدكتور مخلص الناظر أن سوريا قد تصبح مركزًا إقليميًا للتجارة والاستثمار إذا تمكنت من استعادة مكانتها الجغرافية كحلقة وصل بين تركيا ودول الخليج.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى