امتحانات الفصل الثاني للمرحلة الانتقالية في مدارس سوريا لعام 2025 (وزارة التربية/تلجرام)
على أبواب الامتحانات
دروس خصوصية تفوق قدرة الأهالي في دمشق وريفها
عنب بلدي – كريستينا الشماس
يواجه عدد كبير من الأسر السورية في دمشق وريفها أعباء مالية متزايدة نتيجة الارتفاع في تكاليف الدروس الخصوصية والمعاهد التعليمية، خاصة مع اقتراب امتحانات شهادتي التعليم الأساسي التي ستبدأ في حزيران الحالي، والثانوي في تموز المقبل.
يتزايد الإقبال على الدروس الخصوصية في ظل تراجع فعالية التعليم بالمدارس الحكومية، ما دفع العديد من الأهالي إلى تخصيص الجزء الأكبر من دخلهم الشهري لتأمين الدعم الدراسي لأبنائهم، وسط أجور لا تتناسب مع متوسط الدخل الفردي والظروف المعيشية الراهنة.
يثقل كاهل الأسر
الحديث عن الدروس الخصوصية ليس مجرد أمر شائع في البيوت السورية، بل تحول إلى همّ يومي يثقل كاهل الأسر، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وتختلف أجور الحصة الواحدة بحسب المادة والأستاذ والمكان، لكنها في معظم الحالات تتجاوز قدرة الأسرة المتوسطة الدخل على التحمل.
“ندفع للأستاذ 150 ألف ليرة على الحصة الواحدة في مادة الرياضيات، وابني بحاجة لأربع حصص أسبوعيًا، كيف لي أن أواكب هذا وأنا موظف راتبي لا يتجاوز 300 ألف؟”، قال محمد الدخيل، موظف حكومي يعيش في منطقة صحنايا بريف دمشق، مشيرًا إلى أن معظم راتبه يذهب لتغطية تعليم ابنه طالب البكالوريا العلمي.
ويضطر محمد للعمل الإضافي على سيارة “تاكسي” لسداد مصاريف ابنه التعليمية وحاجات منزله.
في الوقت نفسه، تروي سلمى العميري، من سكان منطقة المزة بدمشق، كيف وجدت نفسها مضطرة للاستدانة من أقاربها لتسجيل ابنتها في معهد خاص.
“المعهد طلب منا مليونين ونصف مليون مقابل الدورة الكاملة لمواد الشهادة، واضطررنا لتسديد القسط على دفعتين، لأنه لا يوجد خيار آخر، فالمدرسة وحدها لا تكفي”، قالت سلمى.
لينا سعد، من سكان منطقة جرمانا بريف دمشق تعيش المعاناة ذاتها، وتشارك سلمى الرأي نفسه، إذ تصل تكلفة الدروس الخصوصية لابنها إلى ما يقارب مليوني ليرة بالشهر.
وتصل أجرة الدرس الخصوصي للساعة الواحدة لمادة الرياضيات إلى 85 ألف ليرة، ومادة الفيزياء 60 ألف ليرة، ومادة اللغة الإنجليزية 70 ألف ليرة، بينما تصل جلسة مادة اللغة العربية إلى 150 ألفًا، في حين تصل تكلفة جلسة مادة العلوم إلى 75 ألف ليرة سورية.
وتتخوف لينا من تكلفة الجلسات الامتحانية المقبلة، فمن المتوقع أن تبلغ تكلفة كل جلسة 200-300 ألف ليرة، وهذا يختلف حسب المادة والأستاذ والمعهد الخاص.
معاهد خاصة لا تراعي
باتت المعاهد الخاصة الوجهة الأبرز للطلاب الراغبين بتحصيل علامات عالية تضمن لهم القبول في الفروع الجامعية المطلوبة، إلا أن أجور تلك المعاهد لا تراعي الواقع المعيشي للسوريين.
تتراوح تكلفة الدورة الكاملة لمرحلة الشهادة الثانوية بين مليونين ونصف مليون وخمسة ملايين ليرة سورية، بحسب المعهد والمكان والمادة.
ومع تعدد المواد وتكرار المراجعات، قد تصل التكلفة الإجمالية إلى ما يزيد على 6 ملايين ليرة، وهو رقم يفوق أضعاف ما يجنيه الموظف السوري في عام كامل.
“هناك طلاب لا يستطيعون دخول هذه المعاهد رغم تفوقهم، لأن الوضع المادي لا يسمح”، قالت سوسن محمد، مدرّسة اللغة العربية في أحد المعاهد الخاصة بدمشق، مشيرة إلى أن الفجوة تتسع بين من يملكون القدرة على الدفع ومن لا يملكون، ما ينعكس سلبًا على مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلبة.
أجور مناطقية
الفارق في الأجور بين معاهد وأساتذة المدينة وريفها يعكس تفاوتًا في القدرة على الوصول إلى خدمة تعليمية نوعية.
بحسب ما رصدته عنب بلدي في الأحياء الراقية مثل المالكي وأبو رمانة والمزة، قد تصل أجرة الحصة الواحدة إلى 300 ألف ليرة، في حين لا تتجاوز 75 ألف ليرة في بعض مناطق الريف.
يتحدث خالد خطاب، من سكان المعضمية بريف دمشق، أنه ذهب بابنه إلى أحد الأساتذة المعروفين في المزة، فطلب منه 250 ألف ليرة للحصة الواحدة، وقال بالحرف، “إذا مو عاجبكم، في غيركم طوابير”، إذ اضطر خالد للبحث عن بديل أقل تكلفة.
وتعرضت ريما الأمير، من سكان منطقة القصاع، لموقف مشابه، فأحد أساتذة اللغة العربية المعروفين في دمشق، طلب منها 200 ألف ليرة، على الرغم من أن أجرة الحصة في منطقة أخرى لا تتجاوز 150 ألف ليرة.
أساتذة أم تجار
قال أساتذة تواصلت معهم عنب بلدي، إن السبب لا يكمن في الطمع، بل في التكاليف المعيشية المرتفعة في العاصمة، وضغوط الحياة التي لا تميز بين أستاذ وطالب.
“أنا مضطر لرفع الأجرة لأنني أدفع إيجارًا مرتفعًا، وأحتاج لتأمين معيشة أولادي، خاصة بعد أن تدهور دخلنا كمدرسين في المدارس الحكومية”، يوضح عبد الكريم الحلبي، أستاذ الفيزياء من سكان مشروع دمر.
بالمقابل، يرى فريد الحسن، موجه سابق في مدرسة “جاك فرعون” بصحنايا في ريف دمشق، أن أجور الدروس الخصوصية تتجاوز قدرة المواطن ذي الدخل المحدود، ووصفها بـ”غير الرحمانية”، متسائلًا “هل هم أساتذة أم تجار”.
مهند عرموش، مدرس لغة إنجليزية للشهادة الإعدادية في صحنايا، قال لعنب بلدي، إن اللوم لا يقع كله على عاتق الأساتذة، فكثيرون منهم يعيشون ذات الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الأهالي.
رواتب المعلمين في المدارس الحكومية بالكاد تكفي لتأمين حاجات أسبوع واحد، ما يضطرهم للجوء إلى الدروس الخصوصية كمصدر دخل إضافي.
“راتبي لا يتجاوز 280 ألف ليرة، وهذا لا يغطي حتى أجور المواصلات والطعام. لا أطلب هذا الأجر المرتفع طمعًا، بل لأنني مضطر”، قالت الأستاذة ريم مهنا، مدرسة اللغة الإنجليزية التي تعمل بمعهد خاص في كفرسوسة بدمشق.
ومن وجهة نظر ريم، تختلف جودة التعليم الخاص بحسب الجهد الشخصي، والطلاب يحققون نتائج ملموسة تعكس قيمة ما يدفعونه.
“أنا أقدم ملخصات، واختبارات أسبوعية، ودعمًا نفسيًا وتحفيزًا مستمرًا، وهذا يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين”، هكذا تبرر ريم بأن المبلغ الذي تتقاضاه من الطالب والذي يصل إلى 100 ألف ليرة على الجلسة الواحدة، يتناسب مع المجهود التي تقدمه.
معاناة الطلاب
يعيش الطلاب أنفسهم حالة ضغط بين التزامات الدراسة، وتوترات الامتحانات، وتداعيات الوضع الاقتصادي.
“أشعر أني في سباق لا أستطيع اللحاق به”، قالت رنا قدسيه، طالبة الشهادة الثانوية (الفرع العلمي) من منطقة جرمانا، وأضافت، “زملائي يدرسون في معاهد ولديهم أساتذة خصوصيون، وأنا أكتفي بمراجعة المدرسة والكتب، وهذا يشعرني أن فرصي أقل منهم”.
أما خالد حسن، من سكان منطقة المليحة، فقال، “كنت أعمل في محل بقالة بعد الظهر لأوفر مصروف الدروس الخصوصية، لكن الآن العمل قليل، فأصبحت أعتمد على الدروس المسجلة من الإنترنت”.
ورغم محاولاته، يقر خالد بأن التعليم الذاتي لا يغني عن الشرح المباشر والتفاعل مع الأستاذ.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم السورية، أن أعداد الطلاب لشهادتي التعليم الأساسي والثانوي، وصل إلى 724,216 متقدمًا لعام 2025.
وسجل أعداد الطلبة لشهادة التعليم الأساسي (التاسع العام) 359,282 طالبًا وطالبة، بينما وصل عدد طلبة القسم الشرعي إلى 10,502 طالب.
في حين وصلت أعداد المتقدمين للشهادة الثانوية العامة من الفرع العلمي إلى 212,217 متقدمًا، بينما وصل عدد المتقدمين للفرع الأدبي إلى 115,397، في حين بلغ العدد في الثانوية الشرعية 2,152 طالبًا، بينما في الثانوية المهنية وصل إلى 24,666 طالبًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :