الأطراف تعمل على حلها..

مفاوضات دمشق- “قسد” تصطدم بعقبة المعتقلين في حلب

تبادلت الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" نحو 250 موقوف ضمن اتفاقية في حلب شمالي سوريا - 3 نيسان 2025 (عنب بلدي/ محمد مصطو)

camera iconتبادلت الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" نحو 250 موقوف ضمن اتفاقية في حلب شمالي سوريا - 3 نيسان 2025 (عنب بلدي/ محمد مصطو)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – موفق الخوجة

تسير المفاوضات بين الحكومة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ضمن خطوات لا تخلو من بعض العقبات، وسط محاولات من جميع الأطراف لضمان تنفيذ الاتفاق الموقع في 10 من آذار الماضي.

وبينما تسير الوفود من شمال شرقي سوريا إلى دمشق، لمتابعة الاتفاقية وطرح الشروط ومراجعة البنود، يواجه مسار المفاوضات في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، اللذين تسيطر عليهما “قسد”، “توقفًا مؤقتًا”، وسط تبادل كلا الطرفين الاتهامات بالعرقلة.

وبدأت المفاوضات العلنية بين الجانبين منذ إعلان الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، توقيعه اتفاقًا مع قائد “قسد”، مظلوم عبدي، في 10 من آذار الماضي.

نصّ الاتفاق على ثمانية بنود، تمثّل أهمها بدمج الهياكل المدنية والعسكرية التابعة لـ”قسد” مع مؤسسات الدولة.

واتفق الجانبان على وضع لجان تنفيذية تعمل على تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.

في حلب

سرى اتفاق آخر في مدينة حلب بين الحكومة و”قسد”، بداية نيسان الماضي، واعتبره باحثون قابلتهم عنب بلدي في وقت سابق “بالون اختبار” للاتفاق العام، الذي جرى بين الشرع وعبدي.

الاتفاق جاء بـ14 بندًا، تضمن خروج قوات “قسد” العسكرية وبقاء “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) تمهيدًا لدمجهم ضمن صفوف وزارة الداخلية السورية.

وحمل الاتفاق بنودًا أخرى، تتعلق بتبادل الأسرى بين الطرفين، وصولًا إلى تبييض السجون.

وبدأت أولى خطوات التنفيذ بعد يومين من التوقيع، بتبادل نحو 250 موقوفًا من الجانبين، وكان الهدف الوصول لأكثر من 600 موقوف، بحسب تصريحات سابقة لمدير مديرية الأمن العام بحلب (قائد الأمن الداخلي في حلب حاليًا) محمد عبد الغني.

وتبع تبادل الأسرى خطوات تنفيذية أخرى، أولاها خروج أرتال من قوات “قسد” العسكرية إلى شمال شرقي سوريا، وشملت نحو 900 عنصر.

وفي منتصف نيسان الماضي، بدأت الحكومة واللجنة المفاوضة من حيي الأشرفية والشيخ مقصود بالسير نحو تنفيذ البنود الخدمية، بحسب الاتفاق.

عائق المعتقلين

تعرقل قضية المعتقلين مسار التفاوض بين الجانبين في حلب، إذ تأجل خروج دفعات من الأسرى لأكثر من مرة، لأسباب لا تعلنها الحكومة أو “قسد”.

وبحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي من مصدر في محافظة حلب فضّل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح في هذا الملف، ترفض “قسد” إخراج معتقلين لديها من “الجيش الوطني السوري”.

وأشار المصدر إلى أن “قسد” تحتجز نحو 70 أسيرًا من “الجيش الوطني” تطالب بهم الحكومة في مفاوضاتها.

وكان يفترض أن تجري الدفعة الثانية من عمليات تبادل الأسرى، في 28 من أيار الماضي، إلا أنه تأجل بعد انتظار ذوي المعتقلين لعدة ساعات، ما أثار غضبهم.

الحكومة لم تعلن الأسباب ورمت الاتهام على “قسد”، إلا أن الأخيرة قالت إن سبب التأجيل يعود لرفض السلطات إخراج مقاتلات من “وحدات حماية المرأة” (YPJ).

بدورها، تواصلت عنب بلدي مع مدير مديرية الإعلام في حلب، ومع العلاقات العامة، إلا أنها لم تتلقَّ ردًا على الأسئلة المتعلقة بمسار التفاوض وسبب التأجيل، حتى لحظة تحرير التقرير.

“قسد” تتهم السلطة

هيفين سليمان، الرئيسة المشتركة لمجلس أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، قالت لوكالة “هاوار” الموالية لـ”قسد”، إنهم كانوا مستعدين لتطبيق جميع بنود الاتفاقية، مشيرة إلى أن ما أسمتها “سلطة دمشق” أخلّت بالبند المتعلق بتبييض السجون، عبر رفضها تسليم مقاتلات “وحدات حماية المرأة” إلى جانب أسرى آخرين.

واعتبرت أن سبب التأجيل غير قابل للنقاش و”لا بد لسلطة دمشق من تبييض سجونها، وتحقيق حرية الجميع”، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الاتفاقية لم تلغَ، لكنها تتعرض لعوائق “تخلقها سلطة دمشق من كل حدب وصوب”، وفق تعبيرها.

الإداري في “أسايش” وأحد أعضاء التفاوض، قهرمان بكر، اعتبر في حديثه لـ”هاوار” أن الحكومة بهذه الممارسات “خرقت وتجاوزت بنود الاتفاقية” ولم تلتزم بها.

وبالنسبة لـ”قسد” فبحسب بكر، كانت مستعدة لتسليم الأسرى لديها “دون أي إشكالية”، مؤكدًا في الوقت نفسه أنهم مصرون على تبييض السجون بالكامل.

المصدر قال لعنب بلدي، إن “قسد” تطلب أسرى من تشكيلات عسكرية تتبع لـ”قسد” وبعضها الآخر يتبع مباشرة لقنديل، في إشارة إلى حزب “العمال الكردستاني”.

وأضاف أن الأسرى الذين تطالب بهم “قسد” موجودون في سجن “حوار كلس” شمالي حلب، الذي تتبع إدارته لأنقرة مباشرة.

سجن “حوار كلس” يحوي سجناء قبضت عليهم فصائل “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، وتشرف عليه الأخيرة بشكل مباشر، وتنقل بعض سجنائها للتحقيق معهم داخل تركيا، خاصة ما يتعلق بـ”قضايا الأمن القومي التركي”.

يعملون على الحل

من جانبه، الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، أسامة شيخ علي، قلل من أهمية تأجيل تبادل الأسرى، واعتبره “أمرًا هامشيّا” لافتًا إلى أن العملية تكررت خلال الأيام الماضية.

وأكد الباحث، خلال حديث إلى عنب بلدي، أن هناك تحديات وعقبات أمام مسار المفاوضات بين دمشق و”قسد”، لكن لا يمكن القول إن هناك تأخرًا في المسار، وفق شيخ علي.

المصدر في حلب، شدّد أيضًا على أن المفاوضات لم تتوقف، وأنها قد تستأنف في أي لحظة.

وتتمثل التحديات الحالية، وفق شيخ علي، بتحركات من “قسد” لا ترضى عنها الحكومة، مشيرًا إلى وجود لعناصر من “الحشد الشعبي” ومن تسميهم الحكومة بـ”فلول النظام السابق” على أراضيها.

وأكد أن الأطراف على الأرض تعمل على حلّها، وتريد للاتفاقية عمومًا النجاح.

ولفت شيخ علي إلى أن الحكومة، بعد الاتفاق الذي جرى في 10 من آذار، أنشأت لجانًا عملت على تذليل العقبات أمام المسار التفاوضي.

الملفات تعمل عليها اللجان “بتروٍّ”، إذ بدأت بملف السجون وانضمام “قسد” إلى الجيش، والملفات الأمنية، ثم ملف الثروات والملف الإداري، إذ إن هناك لجانًا تتابع كل موضوع على حدة، وفق شيخ علي.

“الإدارة الذاتية” في دمشق

يشمل التفاوض بين الحكومة و”قسد” مسارين، الأول بين الأجسام السياسية والثاني مجتمعي تقوده الأحزاب السياسية، وفق البنود التي انبثقت من مؤتمر “الحوار الكردي- الكردي”، بحسب تصريح سابق لعضو الهيئة الرئاسية في “المجلس الوطني الكردي” في سوريا، سليمان أوسو، لعنب بلدي.

وفي 28 من أيار الماضي، وصل وفد من “الإدارة الذاتية” وهي المظلة الإدارية لـ”قسد”، إلى العاصمة دمشق، للتفاوض مع الحكومة السورية، وبحث نطاق اتفاق 10 من آذار.

قائد “لواء الشمال الديمقراطي” التابع لـ”قسد”، “أبو عمر الإدلبي”، قال عبر منصة “إكس”، إن لجنة التفاوض جاءت لتكريس الاتفاق المبرم بين الشرع وعبدي، بما “يمثّل خطوة مفصلية على طريق ترسيخ الاستقرار الوطني وتعزيز وحدة الدولة السورية”.

وفي 26 من أيار، قالت “الإدارة الذاتية” إنها اتفقت مع الحكومة السورية على تنظيم آلية تهدف لإخراج العائلات السورية من مخيم “الهول”، الذي يضم عائلات مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” شرقي محافظة الحسكة.

وأعلن رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين في “الإدارة”، شيخموس أحمد، عن اجتماع ثلاثي عُقد في مخيم “الهول”، ضم وفدًا من الحكومة السورية، ووفدًا من التحالف الدولي، وممثلين عن “الإدارة الذاتية”.

وقال إن الاجتماع انتهى بالاتفاق على وضع آلية مشتركة لإخراج العوائل السورية الموجودة ضمن مخيم “الهول” لوضع حد لمعاناة هذه العائلات.

واجتمعت وفود أخرى من الحكومة يقودها رئيس الاستخبارات الحالي، والمكلف برئاسة لجان المفاوضات عن الحكومة مع “قسد”، حسين السلامة، لبحث شؤون فنية تتعلق بإدارة الآبار والمعابر البرية.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة