الرياضة النسائية السورية تعاني قلة الدعم وغيابها عن الإعلام

بطولة كاراتيه لتأهيل لاعبات المنتخب - دمشق 2 أيار 2025 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

camera iconبطولة كاراتيه لتأهيل لاعبات المنتخب - دمشق 2 أيار 2025 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – سدرة الحريري

رغم وجود وزارة مخصصة للشباب والرياضة في سوريا، لا تزال الرياضات النسائية بعيدة عن دائرة الاهتمام الرسمي والإعلامي، ففي كرة القدم والسلة والطائرة وألعاب القوى، تحضر اللاعبات في الهامش، وتغيب عنهن البنية التحتية، والدعم المالي، والتغطية الإعلامية.

على امتداد البلاد، تواجه الرياضيات السوريات واقعًا مركبًا، بين نظرة اجتماعية تقليدية، وضعف في التخطيط الرسمي، وتجاهل مزمن من وسائل الإعلام، وبينما تتفاخر الجهات المعنية بإنجازات محدودة لفئات الرجال، تبقى مشاركات النساء المحدودة، بلا برامج تأهيل، ولا فرص تطوير، ولا منافسات حقيقية تضمن استمرارية الأداء.

لا استراتيجية

لا تزال الرياضة النسائية في سوريا تواجه تهميشًا مزمنًا، وتعكس تصريحات مها جنود، أول مدربة كرة قدم في سوريا، هذا الواقع بوضوح، إذ قالت في حديث إلى “DW”، “لم يكن هناك دعم كبير، ولا حتى دوري”.

وأضافت جنود أنه لم يكن هناك سوى مجموعة صغيرة من اللاعبات المتحمسات للعب كرة القدم، دون تقديم أي دعم مالي أو وضع استراتيجية أو دوري لكرة القدم.

ورغم إصدار الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في عام 2018 قرارًا يُلزم الاتحادات الوطنية بتأسيس أقسام فنية لكرة القدم النسائية، بقيت الخيارات محدودة داخل سوريا، حيث لم تتوفر الكوادر المؤهلة ولا بنية تنظيمية داعمة، ولم يكن يوجد مدربة سوى جنود تمتلك الخبرة الكافية لتمثيل سوريا.

 دعم خجول وأعباء ذاتية

اللاعبة لامار البدوي، وهي ثالث أفضل لاعبة “تنس” في سوريا، أشارت إلى استمرار غياب الدعم رغم مشاركاتها الطويلة.

قالت البدوي في حديث إلى عنب بلدي، “بدأتُ لعب التنس في عام 2020، ولم أتلقَّ أي دعم مادي من الاتحاد الرياضي، لا لفئة الرجال ولا النساء”.

وأضافت، “حتى اليوم، أحتاج إلى دفع تكاليف التدريب وحجز الملاعب من مالي الخاص، رغم أنني مصنفة ضمن الأفضل”.

وتعكس شهادتها واقعًا مشتركًا بين لاعبات الرياضات المختلفة، حيث تبقى المبادرات الفردية هي الأساس، بينما يظل الدعم الرسمي جزئيًا وغير منتظم، ولا يغطي احتياجات اللعبة أو اللاعبين

تغطية إعلامية غائبة

لا يقتصر تهميش الرياضة النسائية في سوريا على البنية التحتية والدعم الفني، بل يمتد إلى التغطية الإعلامية التي بقيت ضعيفة وغير منهجية، ما أدى إلى تغييب الإنجازات النسائية الرياضية عن الفضاء العام.

في الوقت الذي تُسلّط فيه الأضواء على البطولات الذكورية، تظل البطولات النسائية على هامش التغطية، فبعض وسائل الإعلام تتجاهلها بدافع قلة التفاعل الجماهيري أو ضعف “الإثارة البصرية”، بينما يرى بعضها أن الإنجازات النسائية تُصوّر إما كـ”حدث نادر” أو “استثناء بطولي”، لا كمؤشر على مسار رياضي يجب دعمه وتعزيزه، وفق ما تراه لاعبة السلة السورية شهد شجاع.

هذا التناول يعكس مشكلة أعمق تتعلق بالنظرة المجتمعية للرياضة النسائية، حيث تنعكس الصور النمطية على السياسات الإعلامية، ويُقدَّم الإعلام كمجرّد انعكاس للطلب الجماهيري.

في حديث إلى عنب بلدي قالت شجاع، “أنا ألعب مع نادي درجة ثانية، لذا فإن التغطية الإعلامية تنعدم بشكل كامل لفئة النساء”.

أنشئت في العام الحالي رابطة اتحاد الصحفيين الرياضيين السوريين، وكان أحد أهدافه دعم الرياضة السورية من خلال تغطية رياضية عادلة ومهنية، تبرز نجاحات الرياضة السورية وتسلط الضوء على التحديات التي تواجهها.

ولكن إلى الآن لم يظهر أي دور واضح وفعّال للاتحاد من ناحية التغطية الإعلامية الرياضية.

وفي حديث إلى عنب بلدي، قال الصحفي بلال المسدي، إن الإعلام الرياضي في سوريا يعاني من ضعف ملحوظ نتيجة غياب وسائل الإعلام المختصة بالرياضة، وعدم وجود قناة رياضية رسمية، يمكن أن تلعب دورًا في تغطية مختلف جوانب الرياضة السورية، بما في ذلك الرياضة النسائية التي تعاني بشكل خاص من نقص التغطية الإعلامية.

حاليًا، تقتصر التغطية الإعلامية على بعض الصور الفوتوغرافية والنقل المباشر للمباريات عبر الهواتف المحمولة، بسبب عدم توفر المعدات اللازمة للعاملين في هذا المجال، “ناهيك بقلة الدعم المادي المقدم لهم”.

وأضاف أن المؤسسات الإعلامية بشكل عام تفضل تغطية الألعاب الجماهيرية مثل كرة القدم والسلة للرجال، نظرًا إلى أنها تحظى بمتابعة أكبر مقارنة بالنساء، وأن هذه العوامل تتداخل مع بعضها وتؤثر سلبًا على تطور الإعلام الرياضي النسائي في البلاد.

ماذا عن وزارة الرياضة

بحسب ما قاله مدير المكتب الإعلامي لوزارة الرياضة والشباب، ناصر الخطيب، لعنب بلدي، تولي الوزارة اهتمامًا بدعم الرياضة النسائية في مختلف الألعاب، وتعمل على توسيع قاعدة الفرق النسائية ضمن الأندية المعتمدة.

وفي إجابته عن الاستراتيجية التي تتبعها الوزارة لتطوير الرياضات النسائية قال، “الوزارة تعتمد على استراتيجية متعددة المحاور تقوم على:

  • التشجيع على تأسيس فرق نسائية في مختلف الألعاب وتقديم التسهيلات والدعم اللوجستي والفني وحتى المالي.
  • إطلاق برامج تدريب وتأهيل للكوادر الفنية والإدارية النسائية، بما يضمن بناء منظومة متكاملة من اللاعبات والمدربات والحكام.
  • دعم مشاركة الفرق النسائية في المنافسات العربية والدولية لرفع مستوى الاحتكاك وتطوير الأداء
  • تعزيز الوعي المجتمعي بدور المرأة الرياضية من خلال الأنشطة المجتمعية والبرامج الإعلامية.

وهو ما يعبر عن رؤية الوزارة في رسم خطة تضع المرأة في قلب العملية الرياضية، سواء كانت لاعبة أو مدرّبة أو إدارية أو حتى قيادية في المؤسسات الرياضية، بحسب الخطيب.

وأوضح أن الوزارة تعمل على تقديم الدعم المادي لجميع اتحادات الألعاب بغية إعداد منتخبات قوية، بحيث تُراعى فيها احتياجات الفرق النسائية.

وهذا الدعم يتنوع ما بين تغطية تكاليف المشاركة في البطولات، وتوفير المستلزمات والتجهيزات الرياضية، ودعم الأنشطة التدريبية والتأهيلية، وإقامة المعسكرات التدريبية الداخلية والخارجية.

وعلى الرغم أن الأرقام التفصيلية تخضع للآليات الإدارية والمحاسبية في الوزارة، فإن التوجه العام واضح في ضمان وجود تمويل كافٍ لدعم الرياضة النسائية، ويُعتبر ذلك جزءًا من التزامات الوزارة تجاه تحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين الجنسين في الرياضة.

وعن دور الوزارة في الشق الإعلامي وإبراز صورة المرأة الرياضية السورية في الإعلام، ودعم الرياضة النسائية إعلاميًا قال الخطيب، إن الوزارة تدرك أهمية الإعلام في إبراز إنجازات الفرق النسائية وتشجيع حضورها في المشهد الرياضي، ولهذا السبب، تقوم الوزارة بالتنسيق مع الإعلام الرسمي والرياضي لتغطية البطولات التي تشارك فيها الفرق النسائية، وتشجيع الاتحادات على نشر الأخبار والصور والنتائج الخاصة باللاعبات والفرق النسائية عبر وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية والصفحة الرسمية للوزارة، وهو ما بدأت نتائجه تظهر تدريجيًا من خلال الاهتمام المتزايد والمتابعة الإعلامية الجادة.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة