وما زال النرد يدور.. بين ألم الذكريات والغربة

وما زال النرد يدور.. بين ألم الذكريات والغربة
tag icon ع ع ع

رواية “وما زال النرد يدور” للكاتب السوري سامر النجار، صدرت عام 2020، وهي سيرة نفسية تتقاطع مع التاريخ السياسي والاجتماعي المعاصر، خصوصًا في سياق الثورة السورية.

تتناول الرواية في صفحاتها الذات الفردية بالحكاية الجماعية، وتعكس الشخصيات بين مرآة الداخل ومرآة الواقع المشتعل، وتتطرق إلى فكرة أن لا شيء ثابت سوى انكسارات الإنسان في وجه آلة القمع والانهيار.

تدور أحداث الرواية حول شخصية “آدم”، شاب تتشكل حياته على وقع خسارات متتالية، تبدأ بفقدان والديه في حادث سير وهو في سن الرابعة، ليتكفله الجد الذي سرعان ما يرحل بدوره، تاركًا إياه في مواجهة الطرد من بيت العائلة، والنفي المبكر نحو التشرد، ليجد مأوى أولًا لدى صديق والده، ثم يبدأ رحلة الاستقلال الذاتي في مجتمع يكثر فيه القمع والخوف.

 تدخل الثورة السورية عام 2011 على حياة “آدم” كمنعطف وجودي، إذ ينخرط فيها مع رفاق الجامعة وابنة عمه “دارين”، وتمضي الحكاية من زخم الحلم إلى عنف الواقع، حين يُعتقل الرفاق وتُغتصب “دارين” قبل أن تنهي حياتها، وينجو “آدم” من الملاحقة الأمنية، ويبدأ رحلة الهرب من بلد إلى آخر، حاملًا معه ذاكرة فاجعة لا تهدأ، ووطنًا يتآكل في داخله.

تتكرر المشاهد وتتبدل الأمكنة، لكن ظل الحرب والمطاردة لا يزول، ولا يتبدد شعور الغربة ولا الإحساس باللاجدوى.

يسكن “آدم” في الغربة جسدًا فقط، فيما روحه تظل أسيرة لما مضى، وتغدو الذاكرة رفوفًا تحط عليها الأحزان، بعضها فوق بعض.

وفي وسط هذه الدوامة، يتسلل الحب إلى حياته كضوء خافت في نفق طويل، كأن الرواية بأكملها كانت تهيئ لهذا الالتقاء، حيث لا يكون الخلاص تامًا، ولا النهاية وردية، بل مساحة أمل هشّ تُقاوم وسط الركام.

يرى الكاتب في الثورة ولادة جديدة لشعب كان يتنفس تحت الركام، ولكنه يدرك في الوقت نفسه أن الثورة ليست فقط حراكًا سياسيًا، بل أيضًا صراع داخلي للإنسان السوري مع ماضيه وخوفه وذاكرته.

يتلخص فحوى الرواية بأنها مرآة لانهيار الأحلام، ومعترك للمعاناة الإنسانية في وجه الفقد والمنفى، دون أن تُغفل لحظات التوق إلى السلام والانتماء، فهي سيرة جيل كامل، لا فرد يُلقي به القدر في فوضى التاريخ، ويظل النرد يدور.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة