تترقب الحكومة اللبنانية زيارة لوفد سوري على رأسه وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لمناقشة قضايا تهم البلدين على رأسها ملفي اللاجئين وضبط الحدود.
وكشف نائب رئيس الحكومة اللبنانية، طارق متري، أن الزيارة قد تُشكّل نقلة نوعية في تنسيق الملفات العالقة، منها عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، وضبط وترسيم الحدود المشتركة.
إضافة إلى ملف المعتقلين، وقضايا المفقودين اللبنانيين في سوريا، وصولًا إلى مراجعة العلاقات الثنائية على أسس جديدة تقوم على “الندية والاحترام المتبادل”، وذلك بحسب تصريحات لمتري، نشرتها صحيفة “المدن” اللبنانية، اليوم 15 من حزيران.
وبحسب متري، قد تتم الزيارة قبل نهاية الشهر الحالي، و”الأهم فيها هو توثيق العلاقة بين البلدين، وإدراك كلّ من الطرفين أن استقرار البلدين أولوية للجميع، ولكلٍّ منهما مصلحة في استقرار البلد الآخر”.
في سياق آخر، أعرب متري عن تفاؤله النسبي، بشأن الخطة الموضوعة لإعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، معتبرًا أن التعاون مع السلطات السورية والأمم المتحدة، وخصوصًا “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” و”منظمة الهجرة الدولية”، هو الركيزة الأساسية لإنجاح هذا المسعى، مع التأكيد على ضرورة “ضبط التسلل غير الشرعي”، ودور الأمن العام في هذا الإطار.
وأشار نائب رئيس الحكومة اللبنانية، إلى أن السلطات السورية والأمم المتحدة وضعتا خطة تنفيذية تم تبنيها من قبل اللجنة الوزارية لتسهيل العودة وإعطاء الحوافز للسوريين الذين أبدوا استعدادًا للعودة إلى بلدهم.
ويرى متري أنه إذا “تم التعاون الجاد مع الدولة السورية، فـ “إننا لا نتوقع أي عقبات في طريق هذا المسعى الذي نقوم به”، من جهة أخرى، يقول متري إن وكالات الأمم المتحدة ترى أن تنفيذ الخطة سيكون ممكنًا إذا انطلقنا من السوريين الذين أبدوا استعدادًا للعودة”.
فيما يتعلق بأعداد هذه الفئة، فضّل متري عدم الدخول في لغة الأرقام، لكنه أكد أن “هناك مئات الآلاف من السوريين الذين أبدوا استعدادًا للعودة السريعة بحلول أيلول المقبل، لذلك سنبدأ بهم في المرحلة الأولى”.
في 8 من حزيران الحالي، أعلن إنجاز المرحلة الأولى من خطة جديدة لعودة اللاجئين السوريين من لبنان لسوريا، حيث ستبدأ قبل بدء العام الدراسي، مطلع أيلول 2025 المقبل، مشيرًا إلى صعوبة تحديد الأعداد، وتوقع أن تتراوح بين 200 و300 ألف شخص، وذلك يتوقف على نجاح العملية، وذلك في تصريح لجريدة “الشرق الأوسط“،
وبحسب استطلاع رأي، أجرته مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان التابعة للأمم المتحدة، أوضح متري أن قسمًا كبيرًا من اللاجئين السوريين، أبدى استعداده للعودة.
وأوضح متري أن الحكومة السورية برئاسة، أحمد الشرع، لا تعارض عودة اللاجئين، وإن كانت قلقة من الظروف المعيشية والسكنية، وكل ذلك يجعل العودة الطوعية ممكنة وعلى مراحل.
آلية العودة ستنقسم بين منظمة وغير منظمة، بحيث يتم في الأولى تسجيل الأسماء وتأمين حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري، على أن يحصل كل نازح على مبلغ 100 دولار.
أما بخصوص العودة غير المنظمة، فسيكون على النازح أن يحدد موعد مغادرته، وتأمين وسيلة التنقل، لكنه سيحصل أيضًا على 100 دولار، لافتًا إلى أن الأمن العام اللبناني، سيعفي المغادرين من الغرامات المترتبة عليهم، نتيجة إقامات منتهية الصلاحية، مع شرط عدم العودة إلى لبنان.
وشدد متري على أن الترحيل القسري الجماعي غير وارد.
وذكر أن الحكومة اللبنانية تلقت وعودًا، بأن تدعم الهيئات المانحة وبعض الدول العائدين إلى سوريا للاستقرار هناك، وعدم العودة بطريقة غير شرعية إلى لبنان، لأسباب اقتصادية.
مزارع شبعا وسفير جديد
تداولت الصحف اللبنانية، تحليلات ومعلومات حول ما ستتضمنه زيارة الشيباني، إلى بيروت، وسط وجود الكثير من الملفات العالقة بين البلدين.
نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، عن مصادر وصفتها بالـ “متابعة للملف الإقليمي”، في 10 من حزيران الحالي، قولها إن زيارة الشيباني تنطوي على أبعاد مختلفة، منها أنها تستهدِف استكمال الحوار الذي بدأ مع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، ولا سيما في الملف القضائي الخاص بالموقوفين في سجون لبنان، حيث تطالب السلطات السورية بالإفراج عنهم، أو تسليمها من يُفترض به متابعة حكمه في سوريا.
كذلك تنطوي الزيارة على اهتمام دمشق بملف ترسيم الحدود البرية المشتركة وضبطها، إضافة إلى الملف الفلسطيني الذي تعتبر سوريا نفسها معنية به في لبنان.
وقالت المصادر إن “سوريا بدأت تبحث في تعيين سفير جديد لها في لبنان، وإن الشيباني سيتحدّث في هذا الأمر مع المسؤولين اللبنانيين”.
لكنّ الملف الأهم، يبدو أنه يتعلق بمزارع شبعا المحتلة، إذ يتردّد في الآونة الأخيرة على مسامع المسؤولين اللبنانيين عن نية سوريا الإعلان أنها أراضٍ سورية، ما قد يفتح نزاعًا بين البلدين، برغم أن جهات لبنانية كثيرة، لا تمانع في اعتبار هذه الأراضي سورية، لأن في ذلك ما يعطل حجة المقاومة بالعمل على تحريرها.
وقالت المصادر إن “ملف شبعا نوقش سابقًا في الزيارات التي قام بها مسؤولون لبنانيون إلى سوريا، وإن الجانب السوري تحدّث عن عملية مقايضة تقوم على تنازل سوري في الحدود الشرقية لمناطق متاخمة للقلمون الغربي من بينها بلدات شيعية داخل الأراضي السورية مقابل تثبيت شبعا حتى تكون جزءاً من مرتفعات الجولان، وهذا التبادل هو بسبب الوثاءق التي تؤكد أن المزارع هي جزء من قضاء حاصبيا”.
أما عن الشق الآخر من الزيارة، فهو يتعلق بالتموضع الجديد لسوريا، حيث تشير تلك مصادر مطّلعة إلى أن “القيادة السعودية طلبت إلى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال زيارته الأخيرة للمملكة تفويضها بالملفين السوري واللبناني، على أن تكون هي عرّابة التفاهم لحكومة البلدين ومرجعيتهما السنّية”.
وأضافت مصادر الجريدة أن “الرياض حاليًا لديها نفوذ لا يستهان به في سوريا، وخصوصًا حين يتعلق الأمر بالملف اللبناني، حيث يتصرف معها المسؤولون السوريون كمرجعية، وهي من يحدد جدول الأعمال السوري المرتبط في لبنان”.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى