
تلف محصول البندورة في ريف دير الزور الشرقي بسبب توقف محطة ضخ "الزر" - 12 حزيران 2025 (عنب بلدي/ عبادة الشيخ)
تلف محصول البندورة في ريف دير الزور الشرقي بسبب توقف محطة ضخ "الزر" - 12 حزيران 2025 (عنب بلدي/ عبادة الشيخ)
دير الزور – عبادة الشيخ
بعد قرار مفاجئ من قبل لجنة الاقتصاد التابعة لمجلس دير الزور المدني التابع لـ”الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، بوقف تشغيل محطة ضخ “الزر” للري الزراعي، يواجه المزارعون في ريف دير الزور الشرقي أزمة تهدد محاصيلهم الصيفية.
القرار وصل شفويًا إلى موظفي المحطة في قرية الزر، والتي توقفت منذ الأسبوع الأول من حزيران الحالي، في وقت حرج تتطلب فيه المحاصيل كميات من المياه، ما ينذر بـ”كارثة” زراعية واقتصادية وشيكة في المنطقة، وفق المزارعين.
وبحسب التقديرات، فإن القرار يلحق الضرر بأكثر من 15000 دونم تحصل على مياه سقاية من محطة الري، وتمتد مسافة الأراضي الزراعي المتضررة من قرية الزر وصولًا لبلدة الشنان بريف دير الزور الشرقي.
يعتمد آلاف المزارعين في قرى ريف دير الزور على محطة ضخ “الزر” بشكل كلي لسقاية محاصيلهم، وبالتالي فإن وقف المحطة يعني موت محاصيلهم ومشاهدتها تذبل أمام أعينهم.
المزارع أحمد العلي من بلدة الشحيل، يمتلك عشرة دونمات مزروعة بالقطن والذرة الصفراء، عبّر عن غضبه من القرار قائلًا، “لقد استثمرت كل ما أملك في هذه الأرض، ودفعت ثمن بذور وأسمدة ومحروقات، وها هي التكاليف تتبخر أمام عيني”.
وأضاف لعنب بلدي أنه دفع نحو 3000 دولار أمريكي في زراعة الأرض، وكان يأمل أن يكون هذا الموسم جيدًا لتعويض خسائر السنوات الماضية، لكن المحطة متوقفة منذ أيام، والمسؤولون يخبرونه بأنها لن تعمل حتى يتم دفع فواتير السقاية، أو بمعنى آخر، حتى يتم سحب الأموال من المزارعين بالقوة.
وذكر المزارع أن قرار إيقاف المحطة أثّر سلبيًا على آلاف العائلات التي تعتمد على الزراعة كمصدر رزق وحيد.
من جانبه، حسين المحمدان، الذي يزرع الخضراوات الصيفية مثل البندورة والخيار والبامية الديرية، أشار إلى أن محاصيله تتطلب ريًا يوميًا، معتبرًا أن “يومًا واحدًا من العطش يمكن أن يدمر المحصول بأكمله”.
وقال حسين، إن الخسائر تتزايد بشكل يومي مع توقف ضخ المياه، فالبندورة تضررت بشكل كبير، ويقدّر أنه فقد أكثر من نصف المحصول.
واعتادت اللجنة جمع مبالغ من المزارعين المستفيدين من محطة الري بشكل سنوي بحسب المساحة المزروعة لديهم، لكن المزارعين لم يدفعوا هذا العام، وأرجع بعضهم السبب لسوء وضعهم المالي.
للوقوف على حجم الأضرار المحتملة وتأثير هذا القرار على القطاع الزراعي في المنطقة، التقت عنب بلدي مع المهندس الزراعي ضياء الجراح، الذي اعتبر أن توقف محطة ضخ “الزر” في هذا التوقيت الحرج هو بمثابة حكم بالإعدام على الموسم الزراعي.
وقال المهندس إن هذه المحطة تخدم مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في المنطقة، وتعتمد عليها آلاف الدونمات المزروعة بمحاصيل استراتيجية مثل القطن والذرة، بالإضافة إلى الخضراوات الصيفية التي تعتبر مصدرً رئيسًا لدخل المزارعين.
وأضاف المهندس أن المحاصيل الصيفية تتطلب كميات كبيرة من المياه خلال مراحل نموها المختلفة، وخاصة في مراحل الإزهار وتكوين الثمار، وبالتالي فإن نقص المياه يؤدي إلى ذبول النباتات، وتساقط الأزهار والثمار، وضمور البذور، ما يقلل الغلة، وفي كثير من الأحيان يؤدي إلى موت النبات بالكامل.
وذكر أن في حالة القطن والذرة، فإن الخسائر ستكون فادحة، إذ إن هذه المحاصيل حساسة جدًا لنقص المياه في هذه الفترة.
ولا يقتصر الضرر على المحاصيل الحالية، بل يمتد ليشمل التربة أيضًا وفق المهندس، لأن نقص الرطوبة يؤدي إلى تشقق التربة، وزيادة ملوحتها على المدى الطويل، ما يجعلها أقل خصوبة وصلاحية للزراعة في المواسم المقبلة.
واعتبر المهندس الزراعي أن ما يحصل أشبه بـ”كارثة بيئية واقتصادية شاملة إذا لم يتم تدارك الوضع بسرعة”.
موظف بلجنة الاقتصاد في “الإدارة الذاتية” (فضل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام)، أشار إلى أن القرار يأتي في إطار جهود تنظيم عملية الجباية وضمان استمرارية الخدمات.
وذكر أن لجنة الاقتصاد تدرك أهمية الري للمزارعين، لكن تشغيل محطات الضخ يتطلب تكاليف باهظة من صيانة ومحروقات ورواتب للموظفين.
وقال، “لفترة طويلة، كان هناك إهمال كبير في دفع مستحقات السقاية من قبل بعض المزارعين، ما أثر على قدرة اللجنة على توفير هذه الخدمة بشكل مستدام”.
وذكر أن الهدف من هذا القرار ليس الإضرار بالمزارعين، بل هو حثهم على الالتزام بسداد المستحقات المتراكمة لضمان استمرارية عمل المحطة وتوفير المياه للجميع.
ولفت إلى أن اللجنة تعمل على وضع آلية أكثر فعالية للجباية لضمان عدم تكرار هذه المشكلة في المستقبل، وقد تلجأ الجنة إلى حلول مؤقتة بالتنسيق مع المزارعين الأكثر تضررًا.
ولم يقدم الموظف إجابة واضحة حول إعادة تفعيل المحطة، مكتفيًا بالقول إن “المسألة قيد الدراسة، وستتم إعادة تشغيل المحطة فور التوصل إلى حلول مُرضية تضمن الجباية العادلة للمستحقات”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى