رغم حيادها في الحرب بين إسرائيل وإيران

سوريا ممر للطائرات والصواريخ وعرضة للشظايا

سقوط مسيّرة إيرانية في محافظة درعا - حزيران 2025 (الإخبارية السورية/فيسبوك)

camera iconسقوط مسيّرة إيرانية في محافظة درعا - حزيران 2025 (الإخبارية السورية/فيسبوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – أمير حقوق

دخل الهجوم الإسرائيلي- الإيراني أسبوعه الثاني، وسط تصعيد متبادل بالقصف بين الطرفين، مع تهديدات باستمرار الهجوم وتصعيده في الفترة المقبلة.

وأطلقت إسرائيل عملية “الأسد الصاعد” ضد البرنامج النووي الإيراني، في 13 من حزيران الحالي، وأعلن الجيش الإسرائيلي أن 200 طائرة مقاتلة هاجمت أكثر من 100 هدف في إيران، بما في ذلك منشآت نووية.

 إيران ردت مساء اليوم نفسه بمهاجمة عشرات الأهداف في إسرائيل بالصواريخ، بما في ذلك منشآت عسكرية وقواعد جوية، واستهدفت على وجه الخصوص وزارة الدفاع في تل أبيب.

شظايا لا يمنعها الحياد

لم تسلم سوريا من شظايا الهجوم المتبادل بين إسرائيل وإيران، رغم التزامها الصمت والحياد، فسماؤها تزدحم بالصواريخ والطائرات الإسرائيلية والإيرانية.

ويتعدى الأمر المجال الجوي، إذ تحولت أراضي سوريا إلى مسرح بالوكالة لسقوط الصواريخ والمسيّرات بين الجانبين، خاصة المتجهة من إيران، والتي تسقطها الدفاعات الجوية الإسرائيلية فوق الجنوب السوري.

المحلل العسكري العميد عبد الله الأسعد، قال لعنب بلدي، إنه لا شك أن مصلحة العمليات الإسرائيلية إسقاط الصواريخ الإيرانية خارج الأراضي الفلسطينية الموجودة بها إسرائيل.

وبحسب نوع الأسلحة المستخدمة، تسقط تلك الصواريخ في مسرح جديد خارج حدودها، ألا وهو الأراضي السورية، وذلك غير مستغرَب، لأنه يصعب حصر تأثير الهجوم ضمن أراضي إيران وإسرائيل فقط.

ويرى الأسعد أن الصواريخ ليست عبارة عن أسلحة تقليدية، إنما أسلحة استراتيجية ذات مدى طويل، ويجب التعامل معها بدفاع جوي يناسبها، كمجموعة مقلاع داوود، أو القبة الحديدية وما يشابهها.

وبالتالي تتعامل هذه المنظومات الدفاعية الجوية الإسرائيلية مع الصواريخ الإيرانية قبل وقت وصولها، وقبل مسافة بعيدة، لأن تلك الصواريخ، سواء الباليستية أو المضادة، يتم الالتقاء بينهما على مدى بعيد، يحقق سقوطها قبل وصولها الهدف، لأن سرعتها هائلة.

إما بسبب اعتراضها أو لانتهاء حشوتها

الخبير العسكري العقيد أحمد الحمادي، أوضح لعنب بلدي أن سبب سقوط المسيّرات والصواريخ فوق الأراضي السورية هو قربها من إسرائيل، وخاصة منطقة الجنوب، ويتم إسقاطها بفعل قوة نارية من الأسفل واعتراضها من قبل الجانب الإسرائيلي عبر الصواريخ والمسيّرات خارج حدودها، حتى لا تتأثر بها.

ومن أسباب فشل وصول الصواريخ للهدف، انتهاء الحشوة الدافعة لها، أو تشويش داخلي تتعرض له، ويتم الدخول لدارة الصاروخ الإلكترونية أو الطائرة المسيّرة، وتسقط قبل الوصول للهدف.

تعدٍ على السيادة السورية

يعتبر مسير الصواريخ والطائرات بالمجال الجوي السوري وإسقاطها فوق أراضيها انتهاكًا للقانون الدولي، وفق الخبير الحمادي.

وقال إن هذه الصواريخ والمسيّرات تسبب هلعًا للأهالي، وعند وقوعها تشعل نيرانًا في الغابات والمزروعات داخل مناطق السقوط، وتتركز الخسائر على الجانب الاقتصادي والنفسي والبشري، عدا عن انتهاك سيادة الدولة.

وافقه الرأي الباحث السياسي فراس علاوي، الذي قال لعنب بلدي، إن استخدام المجال الجوي لسوريا من قبل الجانبين الإسرائيلي والإيراني، هو تعدٍ على السيادة السورية، ولكن الدولة السورية ما زالت هشة، ومعظم الدول لا تستطيع منع استخدام مجالها الجوي بهذه الأحداث، إذا لم تكن تملك قوة، أو ليست لديها رغبة بدخول الصراع، ويلحظ اختراق المجال الجوي للأردن وللعراق ولبنان، وهي دول ذات سيادة، وبالتالي هذا الأمر ليس خاصًا فقط بالحكومة السورية.

مدى الدفاعات الجوية الإسرائيلية

تستغرب الأوساط السياسية من مدى دفاع القبة الحديدية، وباقي الأنظمة الدفاعية الجوية الإسرائيلية، وقدرتها على إسقاط الصواريخ الإيرانية من مسافات بعيدة، وفوق الأراضي السورية.

وبحسب ما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية، فإن طبقات منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية تتمثل في:

  • القبة الحديدية: صواريخ قصيرة المدى ومسيّرات وقذائف هاون.
  • مقلاع داوود: صواريخ متوسطة المدى، وطائرات حربية.
  • السهم 2-3: صواريخ باليستية بعيدة المدى وعابرة للقارات.

العقيد أحمد الحمادي، كشف أن القبة الحديدية، ومقلاع داوود، وعددًا من منظومات الدفاع الجوي، كل نوع منها مخصص لارتفاع معيّن وجهة محددة، ومنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي تفشل وصول أكثر من 80% من الصواريخ والمسيّرات الإيرانية داخل إسرائيل، ويعتبر ذلك نجاحًا لها.

بالمقابل، إيران تدفع بموجات من الصواريخ الباليستية و”الكروز” والفرط صوتية والمسيّرات بهجوم هجين، ما يربك وسائل الدفاع الجوي الإسرائيلي، ويضعف قدرتها مما يؤدي لوصول بعضها إلى المناطق الإسرائيلية.

العميد عبد الله الأسعد، بيّن أن صواريخ القبة الحديدية ومقلاع داوود وغيرها، لديها مدى كبير، يمنحها إسقاط الصواريخ فوق سوريا وفوق العراق أيضًا، ولذلك تسقط الصواريخ فوق سوريا.

أنظمة الدفاع الجوي على حدود سوريا

يرجح الخبراء العسكريون أن إسرائيل وضعت أنظمة دفاع جوي عبر حدود سوريا، الأمر الذي يفسر إسقاط الصواريخ والمسيّرات فوق الأراضي السورية.

العميد عبد الله الأسعد، قال إنه غير مقبول وجود الأنظمة الدفاعية الجوية الإسرائيلية على الحدود السورية، لأنها تصبح عرضة للتخريب، وهذه الدفاعات لا توضع على الحدود الأمامية وإنما الخلفية، لأنها ذات مدى بعيد وغير مباشر، كصواريخ القبة الحديدية.

أما العقيد أحمد الحمادي فيرى أن إسرائيل ليس من الجديد عليها أن تقيم منظومات دفاع جوي في الجولان، باعتباره ممرًا للصواريخ والمسيّرات، لذلك فإن الاستهداف للطيران المسيّر وللصواريخ في سماء درعا والقنيطرة هو من فعل وسائط الدفاع الجوي الإسرائيلي الموجودة بالجولان المحتل.

ويأتي هذا ضمن إطار توزيع الدفاع الجوي على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، والخطط تقوم على نشر الرادار ووسائط الدفاع الجوي حتى تغطى جميع الأجزاء، ولا تتوفر نقاط ميتة يتسلل من خلالها الطيران أو الصواريخ تؤثر على الدولة، بحسب الحمادي.

الباحث السياسي فراس علاوي، قال إن إسرائيل أنشأت نطاق حماية في الجولان منذ هجوم “7 أكتوبر”، وازداد منذ سقوط نظام الأسد، وهذا الحزام يحمي منطقة الجولان من الطيران المسيّر مهما كان اتجاهه، ويستهدف الصواريخ الإيرانية العابرة فوق الأراضي السورية.

ما وراء الصمت السوري

حياد وصمت الحكومة السورية حيال الصواريخ والمسيّرات التي تسقط فوق أراضيها، فسره خبراء بطرق مختلفة، إذ يرجح العقيد أحمد الحمادي، أن سوريا اليوم ليست لديها إمكانيات قتالية، خاصة في الدفاع الجوي، وهي ممر لعبور المسيّرات والصواريخ، وهي الآن دولة محايدة تتجنب دخول الصراع، ولا تريد أن تكون أراضيها ساحة لهذا الصراع كالأردن.

العميد عبد الله الأسعد، اعتبر أن سوريا لا تتعامل مع مرور الصواريخ والمسيّرات فوق سمائها وسقوط بعضها فوق أرضها، لأن المسيّرات تمر فوق “الكوريدور” الجنوبي، وهذا موضوع عرف في أثناء الحروب.

وذكر أن مسار الطائرات عادة يتم بالتفاهم مع الدولة التي تمر في أجوائها أو بوجود دولة وسيطة على مسير الطائرات والصواريخ التي تعبرها، لأن إشعارات التعارف تتضمن عدم استهداف تلك المسيّرات.

الباحث السياسي فراس علاوي، يرى أن سوريا لا تتعامل مع اختراق مجالها الجوي عسكريًا، لأنها لا تملك الأسلحة، وهي بحاجة لنظام جوي متطور ولصواريخ متطورة.

أما سياسيًا، فتوقع علاوي أن الحكومة السورية لن تصمت حيال استخدام مجالها الجوي، وستصدر بيانات رفض واستنكار لاستخدام أجوائها، وهي ليست متأهبة لخوض الصراع مع أي طرف، أو الاصطفاف مع طرف ضد آخر، وهي تنأى بنفسها، وهذا موقف يُحسب لها.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة