روني بردغجي.. سوري- سويدي يحقق الحلم في برشلونة

اللاعب السويدي من أصول سورية ونجم نادي كوبنهاغن الصاعد روني باردغجي (تعديل عنب بلدي)

camera iconاللاعب السويدي من أصول سورية ونجم نادي كوبنهاغن الصاعد روني باردغجي (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

بينما تواصل إدارة برشلونة بناء مشروعها الجديد بقيادة الألماني هانسي فليك، تبدو أعين الكتالونيين متيقظة أكثر من أي وقت مضى للمواهب الواعدة، حتى لو كانت تلك المواهب تلمع بعيدًا في أقصى شمال أوروبا.

ومن هناك، من كوبنهاغن، يسطع اسم الشاب روني باردغجي، الجناح السويدي ذو الأصول السورية، الذي بات قريبًا من ارتداء قميص “البلوغرانا” في صفقة يُنظر إليها على أنها استثمار للمستقبل، لا مجرد صفقة آنية.

من الغربة إلى الحلم

المثير في قصة روني باردغجي لا يقتصر على صعوده الرياضي فحسب، بل يتعداه إلى جذوره التي تحمل ملامح اللجوء والمعاناة.

وُلد بردغجي في الكويت عام 2005 لعائلة سورية كانت قد غادرت سوريا قبل اندلاع الثورة بسنوات، بحثًا عن ظروف اقتصادية واجتماعية أفضل، واستقرت في الدولة الخليجية.

إلا أن الحياة في الكويت لم تكن ميسرة للعائلة، بسبب حالة “البدون” إذ واجهت قيودًا قانونية قاسية، وحرمت من أبسط حقوقها، بما في ذلك جوازات السفر، مما جعل فكرة الانتقال إلى أوروبا حلًا لا بديل عنه.

في عام 2012، حصلت الأسرة على حق اللجوء السياسي في السويد، وهناك بدأت صفحة جديدة من حياة الصبي روني.

استقرت العائلة في بلدة كاليغني الهادئة جنوب شرقي السويد، وهناك، في ملاعب صغيرة وأحياء متواضعة، بدأ شغف الكرة يتبلور في قدم الطفل الذي لم يتجاوز السابعة من عمره.

التحق بداية بنادٍ محلي صغير، قبل أن ينتقل إلى أكاديمية “روتيبي”، حيث بزغ اسمه بسرعة لافتة، وكان غالبًا ما يتفوق على لاعبين يكبرونه بثلاث أو أربع سنوات، ما جعل أنظار كشافي الأندية تتجه إليه مبكرًا.

موهبة ملفتة على رادار الكبار

برشلونة لم يتحرك بالصدفة، فمنذ كانون الأول 2024، كان اسم باردغجي حاضرًا على طاولة الإدارة الرياضية بقيادة ديكو، بعد أن خطف الأنظار بأداء مبهر مع نادي كوبنهاغن في دوري أبطال أوروبا.

لعل أبرز لحظاته كانت عندما سجل هدفًا حاسمًا في الانتصار المثير على مانشستر يونايتد 4-3 في واحدة من أكثر مباريات الموسم درامية.

مع 10 أهداف في النصف الأول من الموسم، سرعان ما وجد نفسه في دائرة اهتمام أندية كبرى مثل ريال مدريد، يوفنتوس، تشيلسي، وباير ليفركوزن.

لكن برشلونة كان الأسرع والأكثر جدية. ووفقًا لما نشرته “موندو ديبورتيفو” وتقارير من “ESPN”، فقد تم التوصل إلى اتفاق شبه نهائي مع كوبنهاغن يقضي بانتقال بردغجي إلى كتالونيا مقابل نحو 2 مليون يورو، إضافة إلى مكافآت مرتبطة بالأداء.

الرقم يبدو متواضعًا بالنظر إلى موهبة اللاعب، لكن قرب نهاية عقده في كانون الأول المقبل كان له دور في خفض قيمة الصفقة، وأيضًا وضع نسبة من حقوق بيع اللاعب المستقبلية للنادي السويدي.

خطة مدروسة وأمل كبير

الخطة واضحة، بردغجي سيلتحق بتدريبات الفريق الأول منتصف تموز، لكن سيتم تسجيله مع فريق برشلونة الرديف “برشلونة أتلتيك”، مع احتمالية مرافقة الفريق الأول في جولته التحضيرية إلى آسيا، حيث سيكون المدرب فليك على موعد مع تقييم مباشر للموهبة الشابة.

هذه الخطوة جاءت رغم بعض التردد، خاصة في ظل التحديات الأخيرة التي واجهها اللاعب، أبرزها خلافه مع ناديه حول مسألة التجديد، مما أدى إلى تجميده لفترة، ثم إصابة في الركبة أبعدته حتى آذار 2025.

رغم ذلك، بقي برشلونة على اتصال بوضعه الطبي وتلقى تقارير تطمئن على تعافيه.

أرقام وشخصية واعدة

في موسمه الأول 2021-2022، شارك بردغجي مع الفريق الأول، وخاض حتى اليوم 84 مباراة، سجل خلالها 15 هدفًا، وشارك في دوري أبطال أوروبا، وحقق خمسة ألقاب محلية.

كل هذا قبل أن يبلغ العشرين من عمره، وتُقدّر قيمته السوقية حاليًا بنحو 7.5 مليون يورو.

لكن خلف الأرقام، هناك شخصية هادئة، ناضجة، قريبة من عائلتها، وواعية لهويتها.

بردغجي لم يتنكر يومًا لأصوله السورية، بل كثيرًا ما تحدّث عنها بفخر، سواء في لقاءاته أو على وسائل التواصل الاجتماعي. وكان مشجعًا لبرشلونة منذ الطفولة، ما يجعل من انضمامه للنادي حلمًا قديمًا تحقق أخيرًا.

أي قميص سيمثّل دوليًا؟

ومع هذا الصعود، بدأ سؤال يلوح في الأفق: هل سنراه يومًا بقميص منتخب سوريا؟ روني يحمل الجنسية السويدية منذ سنوات، وهو ركيزة أساسية في منتخب تحت 21 عامًا، لكنه لم يلعب بعد مع المنتخب الأول، مما يُبقي باب التبديل مفتوحًا، وفق قوانين “فيفا”.

بعض الجماهير السورية بدأت تطالب اتحاد الكرة بمحاولة التواصل مع اللاعب، وتقديم مشروع مقنع له، على أمل أن يختار تمثيل بلده الأصلي.

وحتى إن رجّحت المعطيات استمراره مع السويد، يبقى الانتماء العاطفي عنصرًا لا يمكن تجاهله، خصوصًا في حالة لاعب نشأ في بيئة لا تزال مرتبطة بهويته.

خطوة قد تغيّر كل شيء

في النهاية، سواء قرّر تمثيل سوريا أو السويد، فإن انتقال بردغجي إلى برشلونة سيكون نقطة تحوّل كبرى في مسيرته.

قصة بدأت في الغربة، ومُهّدت بالألم والطموح، وها هي اليوم تصل إلى واحد من أعظم مسارح الكرة. في مشروع فليك الجديد، قد نرى مكانًا يُحجز لروني إلى جوار أسماء مثل بيدري ويامال.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة