مباني السكن الشبابي في منطقة الأشرفية بحلب - كانون الثاني 2018 (سانا)
حلب.. عائلات “السكن الشبابي” ممنوعون من العودة
تعيش آلاف العائلات النازحة من منطقة السكن الشبابي قرب حي الأشرفية في حلب شمالي سوريا حالة من الترقب، بانتظار حل ينهي أكثر من عشر سنوات من الغياب القسري عن منازلها.
ورغم هدوء الأوضاع ميدانيًا، لا تزال التعقيدات الأمنية والإدارية تقف عائقًا أمام عودتهم، في وقت تشير إحصائية اللجنة التي تتابع الموضوع بالنيابة عن أهالي المنطقة، إلى أن عدد العائلات المتضررة يتجاوز 2800 عائلة.
ويرتكز الخلاف على منطقة تضم مجمعات سكنية شبابية، تعرف بين الأهالي باسم “السكن الشبابي”، وتقع على أطراف حي الأشرفية شمالي المدينة، حيث لا تزال قوات “سوريا الديمقراطية” (قسد) تتمركز في المنطقة، ما أبقاها خارج نطاق السيطرة الإدارية المحلية، وأعاق أي خطوات رسمية لإعادة السكان، وزاد من حساسية الملف، ويعقد إمكانية الوصول إلى حلول عادلة ودائمة.
ومع انتهاء المعارك منذ سنوات، لا تزال المنطقة مغلقة أمام الأهالي، ما دفع كثيرين للسكن مؤقتًا في أحياء أخرى، أو اللجوء إلى مناطق تعاني من ضعف الخدمات وارتفاع الإيجارات، أو حتى إلى مخيمات النزوح.
وعود دون تنفيذ
رصدت عنب بلدي شهادات عدد من السكان الذين منعوا من العودة إلى منازلهم، رغم مرور سنوات على نزوحهم.
“أبو محمد”، أحد المتضررين، والذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، كونه يتردد بالذهاب إلى أماكن سيطرة “قسد” في حلب، قال إنه غادر منزله، في 12 من حزيران 2014، ولم يُسمح له بالعودة حتى اليوم.
وأوضح أن الأهالي قدموا لوائح بأسمائهم وتفاصيلهم إلى جهات في “قسد”، لكن الرد جاء بالرفض دون ذكر الأسباب.
وتحولت بعض المنازل إلى مراكز تدريب عسكرية، فيما استُخدمت ممتلكات الأهالي من قبل “قوى الأمن الداخلي” (أسايش)، وتعرضت المنازل لأضرار وسرقات شملت البنية التحتية، وفق “أبو محمد”.
ويطالب الأهالي بحل عاجل، مؤكدين استعدادهم لإعادة ترميم المنازل على نفقتهم الخاصة أو عبر مؤسسات المجتمع المدني، بينما لا تزال بعض العائلات تقيم في خيام قرب المنطقة، دون حلول جذرية.
“أبو محمد” نوّه إلى أن السكان تواصلوا مع لجنة المتابعة في أمن الدولة ومكتب محافظ حلب، إلا أن الرد جاء بأن “الملف لا يدخل ضمن صلاحياتهم”، ما دفع بعض الأهالي للتفكير حاليًا بتنظيم وقفات احتجاجية عند مداخل الحي.
“التحرير ناقص”
سيدة تقيم مع عائلتها في مخيم الكوسا في ريف جرابلس، هجرت قسرًا من منزلها في السكن الشبابي وفضلت عدم ذكر اسمها لأسباب اجتماعية.
قالت السيدة، لعنب بلدي، إن “التحرير ناقص” ما دامت ممنوعة من العودة إلى منزلها، وتعيش في خيمة تفتقر لأدنى مقومات الحياة من ماء وكهرباء وتعليم، في حين تعتبر أن العودة حق مدني يجب ألا يرتبط بأي اعتبارات سياسية أو عسكرية.
وأضافت أن السكن الشبابي كان منطقة مدنية بالكامل قبل تحوله إلى نقطة عسكرية، ولا يزال مغلقًا أمام السكان، رغم عودة معظم أهالي حي الأشرفية المجاور إلى منازلهم، الأمر الذي يزيد من الشعور بالتمييز والإقصاء.
واعتبرت أن منازل الحي تعرضت للسيطرة والتصرف من قبل جهات عسكرية متعاقبة، من بينها “لواء شهداء بدر” التابع سابقًا لـ”الفرقة 16″ في “الجيش السوري الحر” بقيادة خالد حياني، قبل أن تصل “قسد” إلى المنطقة وتتابع بدورها السيطرة على عدد من المنازل، وسط معلومات متداولة عن بيع بعضها بأسعار زهيدة.
وتنتظر السيدة قرارًا رسميًا يتيح لها العودة، كما وجهت مناشدات للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ومحافظ حلب، عزام الغريب، التدخل لحل الملف، وإنهاء ما وصفته بـ”التمييز القائم على التصنيفات السياسية”.
ملف مؤجل
رغم المزاعم التي تتحدث عن عدم وجود مانع رسمي من قبل “قسد” يحول دون عودة السكان، وأن الوضع على الأرض من تضرر الأبنية هو ما يحول دون عودة السكان، أفاد خلدون الطويل، أحد وجهاء الحي المتواصلين مع إدارة “قسد”، بأن الأهالي نظموا أربع محاولات جماعية للعودة خلال الأشهر الماضية.
ضمت كل منها نحو 50 شخصًا، وقُدمت خلالها أسماء الأهالي المعنيين، لكن دون نتائج ملموسة، ما يعكس ضبابية المشهد واستمرار إغلاق الحي.
وخلال تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى الثاني بين “قسد” والحكومة السورية، في 2 من حزيران الحالي، طرح ملف السكن الشبابي على عضو لجنة الاتفاق وقيادي الأمن العام، سراقة عموري، الذي أكد بدوره أن الملف محط اهتمام، إلا أن الأولوية حاليًا تُمنح لملف الأسرى، بحسب ما رصدته عنب بلدي آنذاك.
مشروع حكومي لمحدودي الدخل
تأسس السكن الشبابي ضمن مشاريع إسكان حكومية لتأمين مساكن مدعومة للشباب وذوي الدخل المحدود، قبل أن يتحول إلى ساحة نزاع، وتتعرض بنيته التحتية لأضرار جسيمة.
وسيطرت على المنطقة جهات أمنية وعسكرية مختلفة، بينها “لواء شهداء بدر”، ثم “قسد”، ولا تزال العودة إلى الحي متعذّرة في ظل غياب حلول رسمية، وتضارب التصنيفات الأمنية والإدارية للمنطقة.
وتعود مشاريع السكن الشبابي في حلب إلى أوائل العقد الأول من الألفية، وتوزعت على ضاحيتي المعصرانية والأشرفية، حيث بلغ عدد المكتتبين فيها نحو 9125 مكتتبًا بين عامي 2002 و2004، بحسب تصريحات المديرة السابقة لفرع المؤسسة العامة للإسكان بحلب، ميادة التنجي، لوكالة الأنباء الرسمية (سانا).
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :