جلسة انتخابات مجلس الشعب بحلب.. مطالب بتمثيل الشارع

اجتماع اعضاء اللجنة الدستورية ومحافظ حلب مع أهالي ووجهاء المدينة - 25 حزيران 2025 (عنب بلدي/ محمد ديب بظت)

camera iconاجتماع اعضاء اللجنة الدستورية ومحافظ حلب مع أهالي ووجهاء المدينة - 25 حزيران 2025 (عنب بلدي/ محمد ديب بظت)

tag icon ع ع ع

شهدت الجلسة التعريفية، التي نظّمتها العليا لانتخابات مجلس الشعب بحلب تفاعلًا من قبل الحاضرين، فيما يتعلق بتشكيلة هذا المجلس ومهماته وعدد المقاعد وطبيعة التمثيل.

وطالب متداخلون في الجلسة بأن يكون مجلساً حقيقًا للشعب.

أقيمت الجلسة أمس الأربعاء 25 من حزيران، في مدرج النصر بكلية الهندسة المدنية في جامعة حلب، بحضور محافظ المدينة عزام غريب وأعضاء من اللجنة الدستورية العليا محمد طه الأحمد.

وتأتي ضمن سلسلة فعاليات سابقة نظمتها اللجنة في عدد من المحافظات السورية، بهدف تسليط الضوء على آليات الاستحقاق الانتخابي المقبل، والدور المنوط بالمؤسسات الأكاديمية والشباب في المرحلة السياسية الجديدة التي تعيشها البلاد بعد التغيرات الأخيرة.

وتناولت الكلمات الافتتاحية الحديث عن أهمية المشاركة الفاعلة في صناعة القرار الوطني، في وقت لا تزال فيه الأسئلة قائمة حول البيئة الانتخابية، وواقع الحريات السياسية، ومدى قدرة مجلس الشعب القادم على التأثير في السياسات العامة.

خلال الجلسة التعريفية حول استحقاق مجلس الشعب، تحدث رئيس اللجنة محمد الأحمد، عن رؤية اللجنة في ظل ما تمر به البلاد من تحولات، و”حساسية المرحلة الحالية”، لا سيما ما يتصل بعمل السلطتين التنفيذية والقضائية، والتحديات التي تواجههما نتيجة القوانين والأنظمة المعمول بها.

واعتبر الأحمد أن القوانين السارية حاليًا “بالية”، وحتى تلك التي عدلت قبيل سقوط النظام السابق، جاءت بشكل “يخدم عائلة الأسد ويكرس نفوذها”، وهو ما وصفه بأنه “أولى المشكلات التي تعاني منها البلاد اليوم”.

وأضاف أن الحاجة ماسّة للوصول إلى مجلس شعب يتمتع بمواصفات فنية عالية، يكون قادرًا على حمل أعباء “ثورة تشريعية” حقيقية، في وقت يعلّق فيه السوريون آمالًا كبيرة على أداء السلطة التنفيذية في المرحلة المقبلة.

وأوضح الأحمد أن مهام مجلس الشعب لا تقتصر على التشريع، بل تشمل كذلك الرقابة والمساءلة، من خلال متابعة أعمال الوزراء والتدقيق فيها، مشيرًا إلى أن للمجلس الحق في منح الثقة للحكومة أو سحبها، استنادًا إلى الأداء.

كما أشار إلى البعد التمثيلي لأعضاء المجلس، الذين سيكونون بمثابة “بوابات لنقل مشكلات الناس” من مناطقهم، وهي مشكلات قد لا تتمكن السلطة التنفيذية من رصدها بشكل مباشر، إذ اعتبر أنه من الأهمية بمكان وجود مجلس قادر على صياغة حلول واقعية، بالاستناد إلى معطيات محلية، من خلال مشاورات مع السلطات المحلية وممثلي المجتمع المدني.

وفيما يتعلق بالاختصاصات، أشار الأحمد إلى أن المجلس المقبل سيضم لجانًا متخصصة، مثل لجنة السياسات الخارجية، ولجنة الاقتصاد والمال، مؤكدًا حرص اللجنة العليا للانتخابات على تشكيل مجلس قادر على الاضطلاع بهذه المهام بأعلى قدر من الكفاءة.

آلية العمل

في سياق حديثه عن آلية الانتخابات، قال الأحمد إن اللجنة العليا أعدت في الأيام الماضية مسودة للنظام الانتخابي المؤقت، تتضمن معايير الترشح، وتوزيع المقاعد، والجدول الزمني للعملية الانتخابية، مضيفًا أن هذه المسودة ستُعرض على رئيس الجمهورية في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع للمصادقة عليها، إلى جانب النظام الداخلي للجنة.

وعقب المصادقة، ستبدأ اللجنة بتشكيل لجان انتخابات فرعية، ولجان طعون، على مستوى المحافظات، حيث ستتألف كل لجنة فرعية من عضوين لضمان مبدأ التشاور وتجنب الانفراد بالقرار، بحسب الأحمد، الذي أوضح أن محافظة مثل حلب، ستضم 21 لجنة انتخابية فرعية (عضوان لكل منطقة، بالإضافة إلى لجنة مركزية واحدة).

ووفق الأحمد، ستكون هذه اللجان “محلّفة” و”محايدة”، إلى جانب تمتعها بدرجة عالية من النزاهة والاستقلالية، بما يضمن عدم الانحياز لأي جهة.

وأضاف الأحمد أن اللجان الفرعية ستتولى اختيار الهيئات الناخبة على مستوى المناطق، بمعدل يتراوح بين 30 و50 عضوًا لكل هيئة، بحسب عدد المقاعد المخصصة لكل منطقة.

ويفترض أن تضم هذه الهيئات ممثلين عن جميع الوحدات الإدارية التابعة للمنطقة، وأن تعكس تنوّعًا في الشرائح الاجتماعية، من حيث الفئة العمرية (على ألا يقل عمر العضو عن 25 عامًا)، والمستوى الثقافي، وطبيعة العمل أو المهنة، إلى جانب النزاهة وسلامة السجل العدلي، بما يضمن تمثيلًا عادلًا وواقعيًا للمجتمع المحلي، وفق تعبيره.

وأشار إلى أن عدد مقاعد محافظة حلب، البالغ حاليًا 20 مقعدًا، قابل للزيادة بعد إعادة النظر في توزيع المقاعد على المحافظات، اعتمادًا على إحصائية السكان الصادرة عام 2010، التي ستشكل الأساس المعتمد في هذه العملية.

وأضاف أن المرحلة الحالية وصلت إلى إعداد القوائم الأولية للهيئات الناخبة، والتي تعرض بناءً على مقترحات لجان الانتخابات الفرعية، وستفتح لاحقًا فترة للاعتراضات، تنظر فيها لجان الطعون الفرعية، قبل اعتماد القوائم النهائية.

مداخلات وانتقادات

وخلال الجلسة التي حضرتها عنب بلدي، قدم الفنان المسرحي همام حوت مداخلة انتقد فيها السماح لأعضاء الهيئة الناخبة بترشيح أنفسهم إلى مجلس الشعب، معتبرًا أن ذلك “يجعل الخصم هو الحكم”، على حد وصفه.

وأضاف: ” تتحدثون عن مجلس تشريعي وتمثيلي، فليكن تشريعيًا فقط، نحن بحاجة إلى كفاءات قادرة على صياغة القوانين بسرعة، لأنها تجربة جديدة وفريدة على مستوى العالم، وتستدعي سباقًا مع الزمن”.

وتساءل حوت عن مدى صلاحيات أعضاء المجلس متسائلًا عن قدرة عضو مجلس الشعب، المنتخب وفق هذه الآلية، مساءلة رئيس الجمهورية، أو استجواب المحافظ أو الوزير.

ورداً على ذلك، أوضح أعضاء اللجنة أن مجلس الشعب، بحسب تصورهم، ليست فقط سلطة تشريعية، بل شريك في صياغة هوية سوريا الجديدة، وبالتالي فإن معايير اختيار الأعضاء لا تقتصر على التحصيل العلمي، بل تشمل أيضًا الرمزية الوطنية والنضالية.

وأشاروا إلى أن “الأعيان والوجهاء” لا يقصد بهم أصحاب النفوذ التقليدي، بل أولئك الذين قادوا العمل الثوري والاجتماعي، ويمتلكون الشجاعة والمسؤولية، حتى إن لم يحملوا شهادات عليا.

أما فيما يخص صلاحية مساءلة رئيس الجمهورية، فقد بيّن أعضاء اللجنة أن هذا الأمر “حساس”، موضحين أن الإعلان الدستوري المعمول به حاليًا يقضي باستمرار العمل بالقوانين السارية، ما لم تلغَ أو تعدل.

وبحسب اللجنة، لا توجد مادة قانونية تتيح لمجلس الشعب مساءلة الرئيس، باستثناء ما يرد في قانون المحكمة الدستورية، والتي تملك صلاحية النظر في تهم الخيانة العظمى، لذلك، فإن وجود مجلس شعب فاعل هو خطوة أساسية لإقرار قانون جديد ينظّم مساءلة رئيس الجمهورية مستقبلاً.

تمثيل المرأة

من جانبه، اعتبر رئيس فرع نقابة المحامين في حلب، كمال أطلي، أن عدد المقاعد المخصصة للمحافظة لا يعكس حجمها السكاني أو دورها، مطالبًا برفع عدد أعضاء مجلس الشعب من 150 إلى 300 عضو، نظرًا للعبء التشريعي الكبير المتوقع في المرحلة المقبلة.

كما شدد على أهمية إشراك القانونيين في مختلف مفاصل الدولة، “ليس من باب رفع المظلومية، بل كضرورة تقنية وتشريعية لبناء سوريا الجديدة”، بحسب تعبيره.

وفي سياق آخر، تساءلت ناشطة اجتماعية عن التدابير المتخذة لضمان تمثيل النساء في مجلس الشعب، وردت اللجنة بأن نسبة تمثيل النساء في الهيئة الناخبة لن تقل عن 20%، وأن تشكيل اللجان الفرعية سيأخذ بعين الاعتبار هذا التمثيل.

وأشارت اللجنة إلى أن تعيين الثلث الأخير من أعضاء المجلس من قبل رئيس الجمهورية سيسهم في “ترميم النقص”، في حال عدم وصول عدد كافٍ من النساء عبر الانتخابات.

كما أوصى أحد الحاضرين بضرورة تخصيص مقعد على الأقل في المجلس لذوي الشهداء والمفقودين والمعتقلين، فيما اعتبر ربيع البيزكي، في حديث إلى عنب بلدي، أن المجلس يجب أن يمثل الشارع وأصوات الناس، لا أن يتحول إلى “وزارة”، مضيفًا: “هذا مجلس شعب، لا نريده فقط لأصحاب الشهادات، بل لمن يمتلكون صوتًا يعبر عن الناس”.

وعقدت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب سلسلة من الاجتماعات في محافظات دمشق وريف دمشق ودرعا وإدلب.

وكان الشرع أصدر المرسوم الرئاسي رقم 66 لعام 2025 في 13 حزيران الجاري، القاضي بتشكيل اللجنة العليا برئاسة محمد طه الأحمد.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة