“التزييف العميق”.. تطورات متسارعة محفوفة بالمخاوف والمخاطر

تعبيرية(pexels)
tag icon ع ع ع

تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على منصة “إكس”، مقطع فيديو يجمع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وهما يتشابكان بالأيدي، إثر المشادة الكلامية التي حدثت بينهما على هامش لقائهما بالبيت الأبيض في شباط الماضي.

وبعد انتشار المقطع على نطاق واسع، تبين أن ما وثقه الفيديو لم يحدث خلال لقاء الرئيسين، بل خضع للفبركة عبر تقنية “التزييف العميق” (Deep Fake)، التي تشهد تطورًا متسارعًا في السنوات الأخيرة، مدفوعة بتقدم الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم العميق.

وأدى هذا التقدم إلى إنتاج تطبيقات وأدوات تتيح توليد محتوى مزيف عالي الجودة، يصعب التمييز بينه وبين المحتوى الحقيقي، ما يثير مخاوف واسعة النطاق بشأن الاستخدامات المحتملة لهذه التقنية في مجالات السياسة والأمن والإعلام والحياة الشخصية.

ما “التزييف العميق”

هو عبارة عن مقاطع فيديو أو صور أو تسجيلات صوتية يتم إنشاؤها أو التلاعب بها صناعيًا باستخدام تقنياتالذكاء الاصطناعي  (AI)، وتقنياتالتعلم الآلي  (ML)، وخاصةالتعلم العميق (DL) الذي يعد مزيجًا من التعلم العميق والتزييف.

تسمح هذه التقنيات بالاستبدال أو التوليف المقنع للوجوه والأصوات والأفعال فيبدو وكأن شخصًا ما قال أو فعل شيئًا لم يفعله في الواقع، وعلى الرغم من أن تقنية “التزييف العميق” نشأت من مجتمعات الإنترنت، فإنها تطورت بسرعة، وأصبحت أمام تحدٍ أخلاقي.

يعتمد “التزييف العميق” على شبكات الخصومة التوليدية (GANs) التي تتألف من شبكتين عصبيتين متنافستين، الأولى تنشئ المحتوى المزيف (على سبيل المثال، صورة بوجه مقلوب)، والأخرى تحاول التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف.

ومن خلال التدريب التكراري، يصبح المولد بارعًا بشكل متزايد في إنتاج محتوى مزيف واقعي يمكن أن يخدع المميّز، والمراقبين البشريين في نهاية المطاف.

وأتاحت البرمجيات الحديثة إنشاء مقاطع مزيفة لوجوه شخصيات عامة وسياسيين، تنطق بعبارات لم تُقل في الأصل، إلى جانب تركيب وجوه على مقاطع فيديو حساسة دون موافقة أصحابها، إلى تصاعد استخدام التقنية في حملات تشويه السمعة والابتزاز.

أشارت الدراسات الحديثة إلى توسع نطاق هذه الظاهرة بشكل لافت، ففي تقرير صادر عن “مركز الأمن والتقنية الناشئة” بجامعة “جورج تاون”، حذرت دراسة “التزييف العميق تقييم التهديدات الواقعية”، من أن التزييف العميق قد يصبح إحدى أكثر أدوات التضليل تأثيرًا خلال السنوات المقبلة.

وأفادت الدراسة بأن أكثر من 90% من المحتوى المرئي المنشور عبر الإنترنت قد يكون معرضًا للتلاعب أو التزييف بحلول عام 2026.

وفي سياق متصل، نشر مركز “الإمارات للدراسات والبحوث التجريبية”، تقريرًا عن “تحديات التزييف العميق لمصداقية المعلومات وسبل مواجهتها”.

تضمن التقرير طرق الحد من التداعيات السلبية لـ”التزييف العميق”، عبر تطوير أدوات ذكية لتمييز المحتوى المزيف، وزيادة مستويات التعاون الدولي، وضرورة توحيد المفاهيم والأدوار الرئيسة في الحملات التضليلية من أجل مواجهتها بصورة أفضل، وفرض الحكومات آليات مراقبة في منصات التواصل الاجتماعي.

ومن المتوقع ظهور نشاطات تضليلية أكثر تعقيدًا في أثناء الحملات الانتخابية مع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي، لذا يجب على الدول أن تسعى إلى تقليص “الأمية الإعلامية” لتخفيف مخاطر “التزييف العميق” على مجتمعاتها، وإلزام القطاع الخاص بتحمل مسؤوليته الاجتماعية في مواجهة المعلومات المضللة و”التزييف العميق”، بحسب التقرير.

ونظرًا إلى صعوبة تحديد حجم التأثير الذي يفرضه “التزييف العميق” على مختلف الدول، فإن فجوة التحليل في التقرير، تتمثل في عدم إمكانية تحديد الدول الأكثر تأثرًا بالتبعات السلبية لهذا التزييف.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة