مقاتلون ضمن وزارة الدفاع السورية على طريق اللاذقية- جبلة (رويترز)
“رويترز”: الحكومة السورية متورطة بأحداث الساحل
اتهم تحقيق لوكالة “رويترز” جهات حكومية بالتورط بتنفيذ مجازر أحداث الساحل، غربي سوريا، التي جرت في شهر آذار الماضي، من ضمنها جهاز الأمن العام.
وبحسب التحقيق الصادر اليوم، الاثنين 30 من حزيران، تورط نحو 12 فصيلًا يتبع بشكل مباشر أو شكلي لوزارة الدفاع السورية، تلقى عناصرها أوامر مباشرة بالقتل من قادتها.
هذه الفصائل بعضها ينضوي تحت “هيئة تحرير الشام” نواة وزارة الدفاع الحالية (حلّت نفسها)، أبرزها “لواء عثمان” و”الوحدة 400″.
كما تورطت فصائل أخرى مدعومة من تركيا، مثل فرقة “الحمزة” و”لواء السلطان سليمان شاه”إضافة إلى فصيل يحوي عناصر أجنبية، وفصيل “جيش الإسلام” العامل في ريف دمشق.
وذكرت الوكالة أن جهاز الأمن العام، تورط بشكل مباشر في الانتهاكات بحق مدنيين في الساحل السوري، تلك الفترة.
وأشارت الوكالة إلى أن وزارتي الدفاع والداخلية، وفصيل “جيش الإسلام” لم يعلقوا على نتائج التحقيق، بينما نفى محمد الجاسم (أبو عمشة) تورط فصيله “السلطان سليمان شاه”، المعروف بـ”العمشات”، بارتكاب انتهاكات.
على “تلجرام”
اعتمدت “رويترز” في تحقيقها على شهادات من أكثر من 200 عائلة من عائلات الضحايا خلال زيارات ميدانية، وعبر الهاتف، ومع 40 مسؤولًا أمنيًا ومقاتلين وقياديين، بالإضافة إلى محققين ووسطاء عيّنتهم الحكومة.
كما اطلعت “رويترز” على محادثات عبر تطبيق “تلجرام” أنشأها مسؤول في وزارة الدفاع لتنسيق رد الحكومة على التحركات التي قام بها عناصر النظام السابق.
وتفحّصت الوكالة عشرات التسجيلات المصورة، وحصلت على لقطات من كاميرات المراقبة، وراجعت قوائم مكتوبة بخط اليد بأسماء الضحايا، من وجهاء تلك المناطق وشهود عيان.
وبحسب الوكالة، كان يدير مجموعة “تلجرام” المتحدث باسم وزارة الدفاع، حسن عبد الغني، باسم مستعار هو “أبو عهد الحموي”، والأخير كان مطلعًا على كل مجريات الأحداث.
ما أحداث الساحل
اندلع ما يعرف بأحداث الساحل، في 6 من آذار الماضي، عقب تحركات لعناصر وضباط في جيش النظام السابق، استهدفت عناصر للأمن العام في ريف اللاذقية غربي سوريا.
وخلال ساعات، سيطر ما تسميهم الأوساط الحكومية بـ”الفلول” على مناطق من مدينتي اللاذقية وطرطوس، مخلفين قتلى من المدنيين إضافة إلى أكثر من 200 قتيل من الأمن العام.
دفعت هذه التحركات، وزارتي الدفاع والداخلية لاستقدام تعزيزات إلى المنطقة، تبعها مؤازرات من فصائل موالية للحكومة إلى جانب مدنيين مسلحين، ما خلّف انتهاكات طالت مدنيين، أدت لمقتل المئات منهم، على خلفية انتماءات طائفية.
مع بزوغ شمس يوم 7 من آذار، استعادت القوات التابعة للحكومة زمام الأمور، إلّا أن التوترات وعمليات القتل خارج نطاق القانون امتدت حتى 8 من ذات الشهر.
اختلاف في التوثيق
واختلفت الأرقام الصادرة عن المراكز الحقوقية حول العدد الدقيق لقتلى أحداث الساحل.
ووثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 1334 شخصًا، بينهم 60 طفلًا و84 امرأة، قُتل 889 شخصًا منهم على يد القوات الحكومية، بينما قُتل 446 آخرون على يد مقاتلين موالين للأسد، فيما ذهب “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إلى إحصاء 1557 قتيلًا مدنيًا.
من جانبها، وثقت “رويترز” في تحقيقها مقتل 1479 شخصًا واختفاء العشرات، من الطائفة العلوية، أحصتهم من 40 موقعًا مختلفًا جرى فيهم عمليات قتل انتقامية.
خلفية طائفية.. عقوبات
وارتبطت أحداث الساحل بخلفيات طائفية، تعود إلى انتماء مشعّليها إلى الطائفة العلوية، التي ينحدر منها الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، ما أثار فتنة على كامل المستوى الجغرافي السوري، مازالت تتردد أصداؤه بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر.
أبرز الأسماء التي ارتبط اسمها بالأحداث، الضابطَان في جيش النظام السابق، غياث دلا، ومقداد فتيحة، واللذَين أدرجا على قوائم العقوبات الأوروبية.
كما أدرج الاتحاد الأوروبي كلًا من محمد الجاسم “أبو عمشة” وسيف الدين بولاد “أبو بكر” قائد فرقة “الحمزة” بسبب ارتباطهما بأحداث الساحل.
من جانبه، قال محافظ طرطوس، أحمد الشامي، لوكالة “رويترز” إن العلويين ليسوا مُستهدفين.
وأقرّ الشامي بوقوع انتهاكات بحق المدنيين العلويين، وقدر عدد القتلى في طرطوس بنحو 350 شخصًا، وهو ما يتوافق مع ما توصلت إليه “رويترز” أيضًا، مشيرة إلى أن الحكومة لم تنشر هذا الرقم.
وأضاف المحافظ أن الطائفة العلوية ليست مُدرجة على أي قائمة، سوداء أو حمراء أو خضراء، وفق تعبيره، وتابع أن “الطائفة بحاجة إلى الأمان. إنه واجبنا كحكومة، وسنعمل على تحقيقه”.
لجنة للتحقيق
عقب أحداث الساحل، أصدر الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لجنة لتقصي الحقائق، لبحث الأسباب التي أدت لاندلاع الأحداث وما تبعها من انتهاكات وقتل للمدنيين وعناصر الأمن العام، وحدد حينها عملها بشهر واحد.
ولم تعلن اللجنة عن نتائجها بعد المدة المذكورة، ما دفع الرئيس السوري، إلى تمديد عملها، منذ 10 من نيسان الماضي، وحتى ثلاثة أشهر، مشترطًا عدم تجديد المدة.
ياسر فرحان، المتحدث باسم اللجنة، قال لـ”رويترز” إن الرئيس الشرع سيستلم نتائجها خلال أسبوعين، حيث تقوم اللجنة حاليًا بتحليل المعلومات وإعداد تقريرها النهائي بناءً على شهادات ومعلومات جُمعت من أكثر من ألف شخص، بالإضافة إلى إحاطات من مسؤولين واستجوابات للمعتقلين.
وأضاف، “نحن غير قادرين على تقديم أي ردود قبل الانتهاء من هذه العملية احترامًا لنزاهة الحقيقة”، مضيفًا “أتوقع أن تجدوا النتائج مفيدة، وأنها تكشف الحقيقة”.
لجنة تحقيق الساحل بلا نتائج وتواجه اتهامات بـ”المماطلة”
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :