بانتظار زيارة الشيباني

ملفات شائكة تعطّل طاولة الحوار السوري- اللبناني

رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع يستقبل رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام - 14 نيسان 2025 (رئاسة الجمهورية العربية السورية)

camera iconرئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع يستقبل رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام - 14 نيسان 2025 (رئاسة الجمهورية العربية السورية)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – أمير حقوق

تشهد سوريا مرحلة دقيقة في علاقاتها السياسية مع الدول، خاصة إثر التحولات السياسية والأمنية المتسارعة، وللعلاقات اللبنانية جزء مرتقب من سياسة سوريا الجديدة، باعتبارها شهدت توترات عديدة خلال فترة النظام السابق.

وكشف نائب رئيس الحكومة اللبنانية، طارق متري، أن الحكومة اللبنانية تترقب زيارة لوفد سوري على رأسه وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لمناقشة قضايا تهم البلدين على رأسها ملفي اللاجئين وضبط الحدود.

وقال متري، في 15 من حزيران الماضي، إن الزيارة قد تُشكّل نقلة نوعية في تنسيق الملفات العالقة، منها عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، وضبط وترسيم الحدود المشتركة.

ظروف التأخير

بعد مرور حوالي شهر على إعلان الحكومة اللبنانية، لم تسجل لبنان زيارة الوزير الشيباني، الأمر الذي دفع الأوساط السياسية لتحليل تأجيل الزيارة، وآثارها السياسية على البلدين، لأنها تعتبر خطوة ضمن مسار إقليمي أوسع تسعى فيه سوريا لإعادة الانفتاح على جيرانها، بعد سنوات من العزلة السياسية.

الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، قال لعنب بلدي، إنه حتى الآن لم يتم تأسيس بيئة حوار مناسبة بين سوريا ولبنان، وقد يكون ذلك أحد أهم الأسباب التي أدت إلى تأخير الزيارة، والسعودية تلعب دورًا في تأسيس هذه البيئة.

وتوقع أنه بمجرد توفر بيئة مناسبة، سيرتفع التفاعل بين البلدين، وسيشهدان حينها زيارات على مستويات مرتفعة.

أما الباحث السياسي والصحفي فراس علاوي، فيرى أن الزيارة تأخرت لأسباب لوجستية وتتعلق بالعلاقات بين البلدين، وأيضًا بطبيعة الملفات، فهناك ملفات لم يتم التوافق عليها حتى الآن.

وأشار، في حديث إلى عنب بلدي، إلى أنه لكي تكون الزيارة ناجحة، يجب التوافق على بعض الملفات، ومنها ملفات الحدود والمعتقلين السوريين في لبنان، وهناك ضغط من “حزب الله” لعدم تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة.

وأعلنت وزارة الإعلام السورية، في 11 من تموز الحالي، أنه لا صحة لما يتم تداوله عن وجود نية لدى الحكومة السورية باتخاذ إجراءات تصعيدية تجاه لبنان، موضحة أن الحكومة تؤكد على أولوية ملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية وضرورة معالجته بأسرع وقت من خلال القنوات الرسمية بين البلدين.

الأولوية لترسيم الحدود والمعتقلين

ملفات عديدة وشائكة تنتظر زيارة الوزير الشيباني للبنان، كمحاولة لحل هذه القضايا بين البلدين، وإعادة رسم خريطة علاقات جديدة بين الدولتين.

الباحث محمود علوش، يعتقد أن أهم القضايا الملحّة بالنسبة لسوريا ولبنان، والتي ستكون ضمن قائمة أولويات القضايا التي ستناقش في زيارة الشيباني، هي أمن الحدود وترسيمها، وملف اللاجئين السوريين في لبنان، وملف الودائع السورية في البنوك اللبنانية.

واعتبر علوش أن هذه الملفات شائكة، وهي تركة عقود من العلاقات غير المتزنة بين البلدين خلال حقبة النظام السابق، مؤكدًا أن البيئة الجيدة لحوار البلدين، تساعد في معالجة هذه الملفات على المدى البعيد.

ويرى أن المصالح المتبادلة تقوم بدرجة أساسية على استقرار البلدين، لأن أمن واستقرار سوريا من أمن واستقرار لبنان، والعكس بالعكس، ومصلحة البلدين تصب في تعزيز الاستقرار السياسي فيهما، علاوة على ذلك فإن التحول السياسي في سوريا والمشهد الجديد إلى جانب المشهد السياسي الجديد في لبنان، يشكل محفزًا لعلاقات جيدة تنطلق على أساس الاحترام المتبادل والتعاون في العلاقات المشتركة.

وافقه الرأي الباحث السياسي فراس علاوي، وأكد أن الملفات الأساسية التي ستناقش على الطاولة، هي ترسيم الحدود، وتطبيع العلاقة بين البلدين، وقضية اللاجئين السوريين، وتهريب المخدرات، وملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، وأيضًا الملف الأمني وملف المعابر بينهما، وكذلك ملفات اقتصادية كأموال السوريين في بنوك لبنان.

وأوضح وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجي، في 1 من تموز، أن عملية ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان معقدة، وتتطلب وقتًا، ولا بد من لجنة تقنية مشتركة سورية- لبنانية للتعامل مع هذا الملف.

وأكد خلال مقابلته مع قناة “سكاي نيوز عربية“ أن الوثائق والخرائط الفرنسية، التي تعود لأكثر من 100 عام، التي سلمتها فرنسا لسوريا ولبنان في أيار الماضي، هي وثائق سرية، تتضمن تحديدًا فرنسيًا للحدود بين لبنان وسوريا، والنظر إلى هذه الخرائط يحتاج إلى اختصاصيين، وهو موضوع تقني.

وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، حنين السيد، في مقابلة مع وكالة “رويترز“، في 9 من تموز الحالي، إن نحو 11 ألف شخص سوري سجلوا أسماءهم للعودة من لبنان إلى سوريا في الأسبوع المقبل.

وتستهدف خطة للحكومة اللبنانية عودة ما بين 200 و400 ألف شخص هذا العام.

مسار تطبيع البلدين مع إسرائيل

أعلن المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس براك، في 7 من تموز الحالي، أن الحوار بين سوريا وإسرائيل قد بدأ، مضيفًا أن الحكومة السورية الجديدة التي تولت السلطة العام الماضي بعد سقوط “حليف إيران” بشار الأسد، تفتح الآن حوارًا مع إسرائيل.

سياسيون لبنانيون اعتبروا أن تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل سينعكس بشكل لافت على لبنان، وسيأخذه لنفس المسار في التطبيع.

الباحث السياسي في العلاقات الدولية محمود علوش، قال إن من المبكر الحديث عن تطبيع سوريا ولبنان مع إسرائيل، لمجموعة من الاعتبارات، أولها أن الحالة في لبنان وإن بدت تتأثر بالحالة السورية بحكم الواقع الجيوسياسي، إلا أنها مختلفة عنها، لأن لكل بلد خصوصية تتعلق بهذه العلاقة مع إسرائيل.

ولفت إلى أن المفاوضات السورية- الإسرائيلية ترتكز على التوصل إلى اتفاقية فض الاشتباك، وإذا نجح هذا الترتيب الأمني سيمهد البيئة المناسبة للحوار بين البلدين، وبالتالي ستتطور بيئة الحوار بين سوريا ولبنان.

وإذا اتجهت سوريا لمسار التطبيع، بالتأكيد لبنان لن يبقى بمعزل عنه، لكن الظروف في لبنان تختلف بشكل جوهري عن ظروف سوريا ولا سيما على مستوى السياقات الداخلية.

وأكد أنه بلا شك أن المسار الجديد في العلاقات السورية- الإسرائيلية، ستكون له امتدادات كبيرة على لبنان.

الباحث السياسي فراس علاوي، اعتبر أن تطبيع العلاقة بين سوريا وإسرائيل بعيد وليس بالوقت الحالي، ولكن ربما هناك توسيع اتفاقات تهدئة كاتفاق فصل القوات.

ورجح أن تبريد ملفات المنطقة جزء من الاستقرار، الذي بدوره يعد جزءًا من عملية التعاون بين سوريا ولبنان، وأي تعاون بينهما سيقرب العلاقات، وهذا المأمول من زيارة الوزير الشيباني.

طرابلس مجرد “إشاعة”

نشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن سوريا اشترطت على إسرائيل منحها مدينة طرابلس اللبنانية لموافقتها على اتفاقية “أبراهام”، الأمر الذي نفاه المبعوث الأمريكي إلى سوريا.

وهنا يعتقد الباحث محمود علوش أن الإشاعة لا يمكن أخذها على محمل الجد، وأن إسرائيل تصعّد من خلال وسائل إعلامها محاولة تسميم البيئة الجديدة بين سوريا ولبنان لتحقيق مصالحها السياسية.

أما الباحث فراس علاوي فيرى أن إشاعة مدينة طرابلس الهدف منها توتر العلاقات السورية- اللبنانية، وزعزعة هذه العلاقات.

وقد شهدت العلاقات السورية- اللبنانية حالة من التوتر وعدم الاتزان خلال مرحلة النظام السابق، خاصة مع تدخل قوات “حزب الله” اللبناني مع نظام الأسد في المعارك خلال مرحلة الثورة السورية، الأمر الذي ولّد عدة نزاعات بين الطرفين، أهمها زيادة أعداد اللاجئين السوريين في لبنان، وعدم ضبط الحدود، وتهريب المخدرات السورية عبر حدود لبنان.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة