طلاب سوريون في مدرسة بإدلب - 15 كانون الأول 2024 (فرانس برس/ لؤي بشارة)
لاكتساب اللغة الأم
أولاد اللاجئين العائدين ينعشون الدروس الخصوصية في إدلب
إدلب – سماح علوش
لم يكن قرار العودة إلى سوريا سهلًا على خلود عبدو، بعد عشر سنوات من الغربة قضتها مع عائلتها في تركيا، لكن مستقبل أطفالها الدراسي كان حافزًا لها لتحسم أمر العودة الطوعية، وتبدأ رحلة البحث عن مدرّسين أو مدرّسات لتعليمهم اللغة العربية وقواعدها.
سقوط النظام السوري السابق، في 8 من كانون الأول 2024، دفع ملايين السوريين الذين هُجّروا بعد اندلاع الحرب التي طالت 14 عامًا، للتفكير بالعودة إلى بلادهم، إلا أن تلك العودة مرهونة بعدة عوامل، منها دراسة الأبناء، الذين دخلوا في مدارس أجنبية، ما أدى إلى ضعف أو فقدان اللغة الأم (العربية) لمصلحة لغات الدول المضيفة.
عودة اللاجئين السوريين تكثّفت تدريجيًا إبان بدء عملية “ردع العدوان” في 27 من تشرين الثاني 2024، خاصة من تركيا، المضيف الأكبر للاجئين السوريين.
وكان يعيش في تركيا نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري تحت بند “الحماية المؤقتة”، وبعد بدء العملية، بدأ عددهم بالانخفاض تدريجيًا، حتى وصل إلى نحو 2.6 مليون، بحسب أحدث إحصائية لإدارة الهجرة التركية، حتى 10 من تموز الحالي.
الدروس الخصوصية.. “حاجة ماسّة”
رشيد، مدرّس لغة عربية في إدلب، قال لعنب بلدي، إن اللغة العربية بقواعدها ومفرداتها تعد واحدة من أصعب اللغات في العالم، لذلك يجد المهجرون السوريون القاطنون في دول غير عربية صعوبة تعليمها لأبنائهم.
وبعد عدة عروض وطلبات من قبل معارفه، بدأ رشيد بجلسات لتعليم الأطفال عن بُعد (أونلاين) على عدة مراحل بدءًا من الحروف وأشكالها، وبعد إتقان الكتابة والقراءة، يبدأ بمرحلة القواعد والنحو، ليُسهّل الأمر على الطلاب.
وبحسب المدرّس، فإن ثقافة الدروس الإلكترونية انتشرت بشكل كبير مؤخرًا، بسبب الحاجة “الماسّة” إليها من قبل الأهالي المقيمين في أوروبا وتركيا والذين يرغبون بتعليم أبنائهم العربية، بسبب ارتيادهم مدارس تعلمهم لغات تلك البلدان، وبالتالي يبحث الأهالي المهتمون والراغبون بالعودة إلى سوريا عن مختصين بإعطاء تلك الدروس على عدة برامج منها “جوجل ميت” و”زوم”، ينهل منها أبناؤهم لغتهم العربية، وتساعدهم على تطوير مهاراتهم، والتواصل مع أقرانهم في مختلف أنحاء العالم.
صعوبة الاندماج العكسي
عادت خلود مع عائلتها بداية حزيران الماضي، وبعد عدة استفسارات على مواقع التواصل الاجتماعي، كان الحل الأنسب لها أن تسجل أبناءها في دورة خاصة عند إحدى المعلمات المتخصّصات، ورغم أن أعمارهم متفاوتة، فابنها الكبير في الصف السادس، وابنتها الوسطى في الصف الرابع، وابنتها الصغرى في الصف الثاني، فإنهم بمستوى واحد وعليهم تعلم الأساسيات.
غفران بدوي، أم لأربعة أطفال، ثلاثة منهم في المدرسة، توجهت للنوادي الصيفية التي تقام سنويًا في المدارس الخاصة بإدلب، فور عودتها من ألمانيا منذ قرابة الشهرين، لكن أطفالها وجدوا صعوبة بالتأقلم مع المدرسة والتعلم، فأصبح لديهم رد فعل عكسي، وفق تعبيرها، لشعورهم بالنقص عن أقرانهم الذين عاشوا ودرسوا في سوريا، ما سبب لديهم شعورًا بعدم الرغبة بالتعلم والبدء من الصفر.
وهذا ما أكدته دعاء، وهي معلمة صف تعمل في إحدى المدارس الخاصة خلال الصيف، فالنادي الصيفي بأنشطته، سواء التعليمية أو الترفيهية، لا يمكن أن يكون كافيًا لتعليم الأطفال القادمين من دول اللجوء، لا سيما أن معظمهم لا يجيدون القراءة أو الكتابة، فيشعرون بالإحباط.
وهنا يأتي دور المدرسة، المتمثل بمساعدتهم على الاندماج والتأقلم، أولًا مع البيئة الجديدة التي انتقلوا إليها، وثانيًا أنهم ليسوا دون أقرانهم بالمستوى التعليمي، وبالتعاون مع الأهالي يمكن تعزيز الثقة بالنفس التي تعتبر العامل الأبرز للمضي قدمًا والتعلم، وفق دعاء.
مصدر رزق للمعلمين
يعمل رشيد بشكل فردي من خلال إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي لجذب المهتمين بتعلّم اللغة العربية، ولتكون تلك الجلسات مصدر رزق له ولعائلته في ظل تدهور الأوضاع المعيشية بشكل عام في إدلب، خلال السنوات الماضية، وبشكل خاص للمعلمين، بسبب قلة فرص العمل وتدني الأجور مقارنة بغلاء المعيشة.
وتختلف أجور الدروس الخصوصية بحسب مستوى الطالب وعدد الجلسات، بالإضافة إلى عدد الطلاب المشاركين بكل جلسة.
وبحسب رشيد، فإنه يتقاضى ثلاثة دولارات على الساعة، وقد تزيد أو تنقص بحسب الاتفاق والمطلوب بين الطرفين.
من جانبها، راما نجيب، معلمة صف تقيم في مدينة إدلب، تعمل في إحدى المدارس الإلكترونية بنظام التعلم عن بُعد، وتتقاضى 150 دولارًا في الشهر، وتعمل يوميًا ما عدا أيام العطل الرسمية، بمعدل ساعتين، بالإضافة إلى دورات بدوام فيزيائي لتقوية الطلاب في اللغة العربية والحساب.
ويختلف الأجر بحسب الحالة، إلا أنه يبلغ وسطيًا 50 دولارًا على كل طالب شهريًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :