معبر واحد لعشرات البلدات..

طلاب دير الزور في سباق مرهق مع الامتحانات والحياة

عبارات نهرية في بلدة الحسينية بدير الزور - 4 تموز 2025 (عنب بلدي/ عبادة الشيخ)

camera iconعبارات نهرية في بلدة الحسينية بدير الزور - 4 تموز 2025 (عنب بلدي/ عبادة الشيخ)

tag icon ع ع ع

دير الزور – عبادة الشيخ

يشكّل إغلاق المعابر النهرية على طول سرير نهر الفرات في دير الزور شرقي سوريا، والاكتفاء بمعبر الجسر الترابي كشريان وحيد يربط ضفتي النهر، عبئًا ثقيلًا على كاهل سكان المحافظة، حيث تتفاقم حدته بشكل خاص خلال فترة امتحانات الثانوية العامة.

كما يلقي الواقع اليومي بظلاله على مختلف جوانب الحياة، من الحركة والتنقل إلى الأعباء الاقتصادية والنفسية.

وتربط المعابر النهرية مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومناطق سيطرة الحكومة، على طرفي سرير النهر.

وفي كل بلدة أو قرية من الريف، يوجد معبر نهري يستخدمه الأهالي للتنقل، أبرز تلك المعابر، الصبحة والبصيرة والبريد والشنان ودرنج من جهة شرق الفرات، أما من الغرب، البوليل والزباري والميادين والعشارة.

مع تزايد قلق الأهالي بشأن القيود المفروضة على الحركة والتنقل، دعا أهالٍ في دير الزور إلى إعادة فتح الجسور والمعابر النهرية الأخرى المغلقة، بالإضافة إلى صيانة وتأهيل الجسور الحالية، ومن شأن ذلك أن يقلل الضغط الهائل على معبر الجسر الترابي الوحيد، ويسهم في تسهيل حركة الأفراد والبضائع بشكل كبير، ما يدعم النشاط التجاري ويخفف من معاناة المواطنين اليومية.

سباق مع الزمن والمسافة

تشتد وطأة هذه المشكلة على طلاب الثانوية العامة الذين يخوضون غمار الامتحانات المصيرية، وبات  التأخر عن الامتحانات “شبحًا” يطرق أبوابهم، فازدحام الجسر الترابي قد يحرمهم من فرصة تقديم امتحاناتهم في الموعد المحدد، ما يسبب لهم قلقًا وتوترًا بالغيَن.

وبحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي من مديرية امتحانات دير الزور، فإن نسبة 35% من الطلاب الذين يخضعون للامتحانات الثانوية العامة قادمون من مناطق سيطرة “قسد”.

مراد الشاطر، طالب في المرحلة الثانوية، قال لعنب بلدي، إنه خرج من بلدة الباغوز، التي تسيطر عليها “قسد”، قرابة الثالثة فجرًا للوصول إلى مركز تقديم الامتحان في مدينة الميادين، حيث تسيطر الحكومة، موضحًا أن الطريق استغرق ثلاث ساعات، بينما كان يستغرق قرابة الساعة الواحدة قبل إغلاق المعابر، مشيرًا إلى ارتفاع التكاليف المادية إلى ثلاثة أضعاف.

وقال والده، شاطر الشاطر، “ندفع يوميًا أضعاف تكلفة المواصلات المعتادة، فقط لنضمن ألا يتأخر محمد عن امتحانه، وهذا عبء اقتصادي كبير علينا، بالإضافة إلى القلق الذي نعيشه صباحًا حتى عودته”.

ويُعدّ معبر الجسر الترابي اليوم الشريان الوحيد للعبور بين ضفتي نهر الفرات في دير الزور، ما يجعله يشهد ازدحامًا خانقًا على مدار الساعة، بعد إغلاق أكثر من 16 معبرًا بحسب مصدر في جهاز الأمن الداخلي، فضل عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام.

تمتد المعابر من بلدة البوليل حتى العشارة بريف دير الزور الشرقي، ويضطر المواطنون لدفع مبالغ باهظة للوصول إلى وجهاتهم، ما يزيد من الأعباء المالية في ظل ظروف معيشية صعبة، كما أن صعوبة الوصول للخدمات الأساسية كالمستشفيات والأسواق والدوائر الحكومية على الضفة الأخرى من النهر أصبحت تحديًا يوميًا بحسب أهالٍ التقتهم عنب بلدي.

أضرار معنوية للطلاب

لا يقتصر الأمر على التأخير، فالانتظار لساعات طويلة والعبور الشاق يتسبب للطلاب بالإرهاق والتعب الجسدي والنفسي قبل دخول قاعات الامتحان، ما يؤثر سلبًا على تركيزهم وقدرتهم على الاستيعاب.

فاطمة السالم، طالبة في المرحلة الثانوية من مدينة البصيرة، قالت إنها تشعر بالإرهاق حتى قبل أن يبدأ الامتحان، مضيفة أنها تقضي ساعات طويلة في الطريق.

“عندما أصل إلى مركز الامتحان في مدينة الميادين أكون منهكة، هذا يؤثر على قدرتي على التركيز وتذكّر المعلومات”، أضافت فاطمة.

وأشارت الطالبة إلى الضغط النفسي الذي وصفته بالهائل، ليس فقط بسبب الامتحان نفسه، بل بسبب مشقة الطريق والخوف من أن يضيع تعبها سدى بسبب تأخير لا يد لها فيه.

انعكاسات اقتصادية سلبية

لا تقتصر تداعيات إغلاق المعابر على الأفراد فحسب، بل تمتد لتشمل القطاع التجاري والاقتصادي.

وتؤدي إعاقة حركة البضائع بين ضفتي النهر إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة أسعار السلع، ما يثقل كاهل المستهلكين ويضعف النشاط التجاري.

بحسب عامر السراي، وهو تاجر ألبسة، فالمعابر غير الشرعية أوفر بكثير، حيث لا يوجد ضرائب، وبعد إغلاق المعابر سيضطر التاجر لدفع مبلغ 250 دولارًا عند كل مرة يدخل بها مناطق “قسد” قادمًا من مناطق سيطرة الحكومة السورية.

الجسور.. مشكلة قديمة

وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، في تقرير حمل عنوان “دير الزور.. محافظة مقطعة الأطراف” 29 حادثة اعتداء على جسور المحافظة منذ عام 2011 وحتى آذار 2017.

وتوزعت حوادث الاعتداء على تسعة على يد قوات النظام السوري، و15 كان “التحالف الدولي” مسؤولًا عنها، بينما دمّرت “التنظيمات المتشددة” جسرين، ودُمّر جسر واحد على يد القوات الروسية، بينما نسب التقرير حادثتين إلى جهات مجهولة.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة