وقفة تضامنية نظمها سوريون للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين في لبنان - حمص 18 شباط 2025 (العربي الجديد)
تهم "ملفقة" وانتهاكات
اعتقالات عشوائية تستهدف سوريين في لبنان
عنب بلدي – مارينا مرهج
تشهد المناطق اللبنانية منذ مطلع العام الحالي تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة الاعتقالات التي تستهدف لاجئين سوريين مقيمين على الأراضي اللبنانية بشكل غير شرعي، مع تكثيف الأجهزة الأمنية حملاتها في مختلف المناطق، من الشمال إلى البقاع وصولًا إلى بيروت.
وبلغ عدد الموقوفين السوريين في لبنان خلال النصف الأول من تموز الحالي ما يقارب 500 شخص، بتهمة تجولهم داخل الأراضي اللبنانية من دون أوراق ثبوتية قانونية، بحسب البيانات الصادرة عن قيادة الجيش اللبناني.
وتركزت الحملات في الأسابيع الأخيرة على مداهمة منازل ومخيمات، ونصب حواجز تفتيش مؤقتة في عدد من البلدات، ما أدى إلى توقيف مئات السوريين، بعضهم من حملة أوراق إقامة منتهية الصلاحية، وآخرون لا يملكون أوراقًا ثبوتية.
وقالت منظمات لحقوق الإنسان، إن الانتهاكات بحق السوريين تفاقمت عقب اجتماع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ورئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، في 14 من نيسان الماضي، والذي كان من المتوقع أن يرسم مسارًا جديدًا للتعاون في مواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها أزمة اللاجئين.
وصرحت منظمة “صحفيات بلا قيود” في بيان لها حينها، أن “استمرار الممارسات المسيئة، حتى بعد المبادرات الدبلوماسية، يُظهر غيابًا خطيرًا للإرادة السياسية لحماية الفئات السكانية الضعيفة”.
تهم إرهابية مفبركة
بيّن المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان والمدير القانوني لمركز “سيدار” للدراسات القانونية، محمد صبلوح، أن الجهات الأمنية تعمل على ملاحقة الفئات العمرية الصغيرة من الشباب، غير الحاملين للوثائق الرسمية، والذين يعانون من حالة مادية متردية.
وفي حديث إلى عنب بلدي، قال صبلوح، إن بعض عمليات الاعتقال تتم بعد تفتيش أجهزة الهواتف الخلوية للأفراد، وملاحقة نشاطاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، ليتم إلحاق تهم “الإرهاب” بهم، وتحويلهم إلى محكمة مكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن تفتيش الجهاز الخلوي ومصادرته، دون إشارات نيابة عامة، يعد من المخالفات القانونية الجسيمة في لبنان.
ويقيم في لبنان حاليًا أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري، منهم أكثر من 750 ألفًا مسجلون لدى الأمم المتحدة، وصل كثيرون منهم هربًا من القمع الوحشي الذي مارسه نظام بشار الأسد منذ اندلاع الثورة عام 2011.
وأظهر تقييم أجرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2020، أن 90% من أسر اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون في فقر مدقع.
وعلى الرغم من سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024، شهد الربع الأول من العام الحالي استمرارًا لحركة اللجوء من سوريا نتيجة الاشتباكات المتعددة، إذ قدّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصول ما يقرب من 100,000 سوري إلى لبنان بحلول نهاية آذار الماضي.
انتهاكات بحق المعتقلين
المحامي صبلوح، تحدث لعنب بلدي عن اكتظاظ بالسجون اللبنانية يفوق الـ250% من قدرتها الاستيعابية، ما يجعل السجناء اللبنانيين والسوريين وغيرهم يفتقرون لأدنى مقومات الحياة الكريمة، معترضًا على إصرار الحكومة اللبنانية على “تعبئة السجون من خلال فبركة الملفات لهم”، بالرغم من عدم قدرتها على تأمين غذاء واستشفاء للسجناء.
ويقدم عدد من المحامين والناشطين في لبنان شكاوى انتهاكات وتعذيب واختفاء قسري بحق معتقلين سوريين في السجون اللبنانية، وأوضح صبلوح أن الغاية من تقديم شكاوى الاختفاء القسري هو معرفة مكان وجود المعتقل لدى الأجهزة الأمنية، “إلا أن القضاء اللبناني لا يكون على قدر المسؤولية، لفتح تحقيق فيها”.
ودعا القانونيين والناشطين لتقديم شكاوى تدين الانتهاكات بشكل فوري، بالإضافة إلى نشرها عبر القنوات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي، معتبرًا أن “الإعلام هو القضاء الذي نحتكم إليه في غياب القضاء اللبناني وغياب المحاسبة اللبنانية لفضح هذه الانتهاكات أمام الرأي العام وأمام المجتمع الدولي”.
ويبلغ عدد السجناء السوريين في لبنان أكثر من 2100 شخص، ويشكلون حوالي 30% من إجمالي نزلاء السجون، وفق تقديرات أمنية، ومن بينهم 1756 موقوفًا في السجون المركزية، بينما صدرت أحكام قطعية بحق نحو 350 آخرين.
وتتعلق التهم الموجهة إلى عدد كبير منهم بـ”الإرهاب” أو “الانتماء إلى فصائل مسلحة” أو “هجمات ضد مواقع عسكرية لبنانية”، بحسب تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط” اللبنانية في آذار الماضي.
خطوات “بطيئة” لعودة اللاجئين
يعتقد المدير القانوني لمركز “سيدار” للدراسات القانونية، محمد صبلوح، أن الحكومة اللبنانية لا تعمل على ملف تسريع عودة اللاجئين السوريين، بل تعمد إلى زيارة وتيرة الاعتقالات العشوائية بحق اللاجئين السوريين غير النظاميين، لإيهام المجتمع الدولي أن الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية منشغلة بملفات التطرف والإرهاب، لتخفيف الضغط عن سلاح “حزب الله”، وإبراز حاجة لبنان إليه بمحاربة الإرهاب في لبنان.
ولا يسمح القانون اللبناني بتسليم أي موقوف إلا إذا صدر بحقه حكم قضائي نهائي، وتخضع عملية إعادة المعتقلين السوريين في لبنان لاتفاقيات قانونية ثنائية بين البلدين، أبرزها الاتفاقية القضائية لعام 1951 التي تنظم التعاون القانوني في تسليم المجرمين وتنفيذ الأحكام القضائية.
وتنص الاتفاقية على عدة شروط لنقل السجناء بين البلدين بينها:
- أن يكون الشخص المطلوب تسليمه مواطنًا للدولة التي تقدم الطلب.
- أن يكون الحكم القضائي ضد المعتقل نهائيًا وقطعيًا.
- لا يجوز أن تقل المدة المتبقية من العقوبة عن ستة أشهر.
- يجب على الشخص المدان أن يوافق على نقله.
- يجب أن تكون الجريمة معاقبًا عليها بموجب قوانين كلا البلدين.
- يجب أن تتفق الدولتان على تنفيذ عملية النقل.
وحثت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في بيان لها، في شباط الماضي، كلًا من الحكومة السورية الانتقالية والسلطات اللبنانية على اتخاذ تدابير عاجلة ومنسقة لإنهاء معاناة المعتقلين السوريين في لبنان، وتسهيل عودتهم إلى سوريا من خلال تطبيق إطار قانوني يضمن احترام حقوق الإنسان.
كما تؤكد “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أهمية إرساء آليات تنسيق واضحة بين الطرفين، مع مراعاة التحديات السياسية والقانونية في كلا البلدين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :