أضرار التدخين وتأثيره السلبي على صحة الطفل (تعديل عنب بلدي)
آثار طبية وأسباب اجتماعية
تحذيرات من ظاهرة التدخين عند الأطفال في سوريا
عنب بلدي – رغد عثمان
تعتبر ظاهرة التدخين عند الأطفال من أخطر القضايا المجتمعية وأكثرها تأثيرًا على الطفل من الناحية النفسية والصحية، إذ زاد انتشارها مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها سوريا خلال السنوات الماضية، فسهولة حصول الطفل على السجائر، وغياب الرقابة الأسرية وحملات التوعية الفعالة، عوامل أثرت على حجم هذه الظاهرة وتداعياتها في المجتمع.
رغبة في التقليد
“أصبح أكثر عصبية، مزاجه متقلب، وبدأت المشكلات تتزايد بينه وبين إخوته، إلى أن شممت رائحة الدخان من ملابسه لأكثر من مرة، ثم عثرت فيما بعد على سيجارة مخبأة على رف خزانة ملابسه”، بهذه العبارات تروي رولا، وهي موظفة حكومية وأم لثلاثة أطفال، اكتشافها محاولة طفلها البالغ عشر سنوات تجربة التدخين.
ورغم صدمتها، اختارت أن تضبط أعصابها وأن تتجنب الانفعال، وقررت أن تتحاور مع طفلها كرم بهدوء لتعرف السبب الذي دفعه لتجربة التدخين، بحسب ما قالته لعنب بلدي.
وقالت إنه اعترف لي بكل براءة أنه جرب التدخين بدافع الفضول ورغبة في تقليد أصدقائه، ظنًا منه أنه علامة على النضج.
لجأت رولا إلى مرشدة نفسية ساعدتها في وضع خطة مدروسة للتعامل مع الموقف بحكمة، كان أساسها التقرب من طفلها ومتابعته، ومنحه مساحة من الثقة، وإشغاله بأنشطة رياضية مفيدة.
وأضافت أن الأمر احتاج إلى بعض الوقت والمتابعة، لكن النتيجة أن كرم أدرك حجم مخاطر هذا السلوك واقتنع بمساوئه بنفسه.
الأسباب والدوافع النفسية
يُعد التدخين عند الأطفال مؤشرًا خطيرًا على العديد من السلوكيات، التي ترتبط بطبيعة التربية والبيئة المحيطة بالطفل، بحسب ما قالته المرشدة النفسية آلاء رنكوسي، لعنب بلدي.
وأشارت رنكوسي إلى أن البيئة المحيطة بالطفل تعد العامل الأساسي الذي يحتضن هذا السلوك السلبي، إذ تزداد احتمالات لجوء الطفل إلى التدخين إذا نشأ في بيئة أسرية يُمارَس فيها هذا السلوك، لأن الطفل بطبعه مراقب، إذ يربط التدخين بصفات مثل النضج أو الرجولة أو اعتباره وسيلة للتعبير عن الغضب، ما يجعل التجربة لديه أكثر سهولة مقارنة بغيره.
وهناك حالات يكون التدخين فيها لدى الطفل محاولة لتقليد ما يشاهده عبر وسائل الإعلام، أو إثباتًا لذاته وتعبيرًا عن التمرد وحب الاكتشاف والهروب من الضغوط النفسية.
أما عن أسلوب التعامل مع الطفل المدخن، فترى المرشدة رنكوسي أن الحوار الهادئ القائم على التفهم والمساندة النفسية يعتبر الطريقة الأنجح، مع ضرورة تجنب العقاب أو التوبيخ المباشر للطفل، كما ينبغي توعية الطفل بمخاطر التدخين وآثاره الصحية من خلال القصص والفيديوهات التوعوية الموجهة، مع تقديم الحوافز والمكافآت، إلى جانب تسجيله بأنشطة رياضية وثقافية تسهم في تعزيز اهتمامه بصحته.
التأثير من الناحية الصحية
قالت الدكتورة بشرى خريطة اختصاصية طب الأطفال، لعنب بلدي، إن الانتشار المتزايد للتدخين بين الأطفال والمراهقين أصبح ظاهرة “مرعبة” في هذه المرحلة العمرية، وإن ضررها على الأطفال يفوق الضرر على البالغين، نظرًا إلى أن أعضاء أجسامهم لا تزال في طور النمو، ما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالمواد السامة والمسرطنة.
وأضافت أن التأثير السلبي للتدخين على صحة الأطفال لا يقتصر على المدى البعيد فقط، بل يظهر أيضًا على المدى القريب، مثل السعال المتكرر، وضيق في التنفس، وضعف التحمل الجسدي، وتسارع ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وضعف في التركيز والانتباه.
وعن الأمراض التي تواجه الطفل المدخن، أوضحت بشرى أنه أكثر عرضة لمشكلات الجهاز العصبي، وأمراض القلب، وضيق الأوعية الدموية، بالإضافة إلى أمراض في الجهاز التنفسي مثل الربو، أو تفاقمه في حال وجود عوامل وراثية، والتهاب القصبات وذات الرئة، وأيضًا مشكلات في الجهاز الهضمي (كحرقة المعدة) وضعف في المناعة، وتسوس الأسنان والتهاب اللثة.
وفيما يخص العلاج، ترى الدكتورة خريطة أن التدخل يركز على الجانب النفسي والسلوكي أكثر من الدوائي، مثل اعتماد أسلوب المكافأة لتشجيع الطفل، وبالنسبة للعلاج الدوائي يمكن استخدام منتجات النيكوتين (لصاقات أو علكة)، على أن تكون مناسبة للمراهقين.
وختمت بأن الإقلاع عن التدخين ممكن للأطفال من خلال خطة علاجية متكاملة، تتضمن التوعية والدعم النفسي والطبي.
أهمية الوعي الأسري والمجتمعي
لا تتوقف خطورة الأمر عند حدود التدخين برأي الخبيرة الاجتماعية غدير النجار، إذ يفتح هذا السلوك الباب أمام ممارسات أكثر خطورة، مثل تعاطي المخدرات والانحرافات السلوكية، ما يعرض مستقبل الطفل للخطر، خصوصًا إذا غابت المتابعة الأسرية، أو تم تجاهل التغيرات التي تظهر على الطفل بمراحل عمره الحساسة.
وقالت إن الأسرة الواعية والقادرة على إدراك مخاطر السلوكيات السلبية هي وحدها القادرة على حماية أبنائها، وتحصينهم نفسيًا وجسديًا، في حين أن التربية التقليدية المتوارثة غالبًا ما تُنتج أطفالًا لديهم هشاشة نفسية وأكثر عرضة لمخاطر التدخين وغيره من الاضطرابات السلوكية.
وعن دور المؤسسات التربوية والاجتماعية في الحد من ظاهرة التدخين، ترى الخبيرة أن دور الأسرة لا ينفصل عن دور المدرسة والإعلام والمؤسسات الثقافية والدينية، التي يجب أن تعمل على توعية الأطفال والأسر بمخاطر التدخين من خلال البرامج التثقيفية، واللقاءات المباشرة، والنشرات التوعوية، ووسائل التواصل الاجتماعي، لتعزيز وعي المجتمع والحد من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :