مطالب للخارجية بالمعالجة وفتح قنصلية

 معاناة مستمرة للمحتجزين السوريين بليبيا 

الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني مع رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي في تركيا - 11 نيسان 2025 (رئاسة الجمهورية/إكس)

camera iconالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني مع رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي في تركيا - 11 نيسان 2025 (رئاسة الجمهورية/إكس)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – سندريلا البلعة

في أحد الأحياء الشعبية بالعاصمة الليبية طرابلس، يجلس محمود العيسى ممسكًا بجواز سفر سوري منتهي الصلاحية منذ خمس سنوات، وليس بيده حيلة، فمنذ اندلاع الحرب في بلاده ووصوله إلى ليبيا، أصبح مثل آلاف السوريين عالقًا في وضع قانوني غامض، لا يستطيع تجديد أوراقه أو استخراج أي مستند رسمي، والسبب حسب رأيه عدم وجود قنصلية أو سفارة سورية في ليبيا.

وقال محمود لعنب بلدي، “من يستطيع هنا أن يتحدث عن معاناته، فمن يحاول أن يبحث عن حلول، يلقى نفسه معتقلًا في السجون الليبية، بمصير مجهول”.

وفي 15 من أيار الماضي، وبتوجيهات من الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أعلن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في تغريدة له على منصة “إكس” عن قرار فتح سفارة وقنصلية للجمهورية العربية السورية في ليبيا، بهدف تقديم الخدمات القنصلية لأبناء الجالية وتعزيز العلاقات الثنائية.

وأكدت الوزارة أنها سترسل فريقًا ميدانيًا للمتابعة، تمهيدًا لزيارة رسمية إلى الحكومة الليبية لاستكمال الإجراءات والتنسيق المشترك.

وكانت السفارة السورية في طرابلس أُغلقت في تشرين الأول 2011، بعد قرار من المجلس الوطني الانتقالي الليبي بقطع العلاقات مع النظام السوري السابق، مع الاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض آنذاك.

ومنذ ذلك الحين، لم تفتح أي بعثة دبلوماسية رسمية تمثل دمشق، الأمر الذي ترك السوريين بلا خدمات قنصلية مثل تجديد جوازات السفر، وإصدار شهادات الميلاد أو الوفاة، وتسجيل الزواج والطلاق.

 محاولات فردية وحلول بديلة

يسافر بعض السوريين إلى دول مجاورة، مثل تونس أو مصر، للحصول على الأوراق الثبوتية، وهي رحلات مكلفة وخطرة، بسبب الوضع الأمني المضطرب في ليبيا، فضلًا عن تعقيدات الدخول إلى تلك الدول، والمتطلبات الإضافية التي تفرض عليهم.

آخرون يعتمدون على وسطاء، بطرق غير رسمية، في محاولة لتسيير أمورهم، ما يفتح الباب أمام الاستغلال والاحتيال، سواء عبر دفع مبالغ كبيرة مقابل خدمات قد لا تكتمل، أو التعرض للابتزاز.

هذا الواقع يضع الجالية السورية في ليبيا أمام تحديات كثيرة، ومصير مجهول، لا أوراق ولا ثبوتيات رسمية ولا مظلة قانونية تحميهم، ناهيك بالاعتقالات العشوائية التي يتعرض لها السوريون هناك، والاحتجاز في ظروف غير إنسانية.

وفي ظل غياب تمثيل قنصلي سوري فاعل أو أي جهة رسمية تُعنى بمتابعة أوضاعهم، تبقى الأغلبية معلقة بين الخوف من الاعتقال، وخطر الترحيل أو الاستغلال.

 حياة يومية بلا أوراق

وفق تقديرات غير رسمية من منظمات إغاثة محلية، يعيش في ليبيا ما بين 30 إلى 50 ألف سوري، معظمهم دخلوا بعد الثورة السورية في 2011.

قال محمود، “لا أستطيع السفر، ولا تجديد إقامتي، وأولادي لا يحملون أي إثبات شخصي، ما يمنعني من تسجيلهم في المدرسة، هنا نحن عالقون”.

وأشار إلى محاولات متكررة للتواصل مع الحكومة بعد سقوط النظام السوري، خوفًا من مصير الحجز في السجون الليبية، مطالبًا بفتح قنصلية مؤقتة، أو حتى مكتب قنصلي، وإرسال بعثة متنقلة للبحث في ملف المعتقلين السوريين، والتعاون مع المنظمات الدولية لضمان حقوق السوريين العالقين.

من جانبه، أكد ضرار محمد، وهو شاب سوري مهاجر إلى ليبيا، على المطالب ذاتها، مشيرًا إلى معاناة إضافية تتمثل بفرض الضرائب على السوريين هناك.

وأوضح أن تحميلهم أعباء ضريبية بهذا الحجم، فقط مقابل السماح لهم بالعودة إلى بلادهم التي غادروها قسرًا، أمر غير منطقي، ويزيد من الضغوط المادية التي يرزحون تحتها.

ملف المعتقلين معاناة جديدة في ليبيا

يعاني كثيرون من أبناء الجالية السورية في ليبيا، جراء حجزهم واعتقالهم، وسط غياب قنصلية سورية أو جهة رسمية تتابع قضاياهم.

“أم خالد”، وهي سيدة سورية، ذكرت لعنب بلدي أن ابنها معتقل في السجون الليبية منذ أكثر من شهرين دون معرفة مصيره أو مكان احتجازه، في ظل غياب أي دعم رسمي.

وتقدّر أعداد المعتقلين السوريين في ليبيا بين 200 و800 شخص، بينهم أطفال وقاصرون، يتعرضون لابتزاز مالي ومعاملة سيئة في مراكز احتجاز غير رسمية، حسب رواية الأهالي.

ولا توجد أي إحصائيات رسمية معلنة، ولا خطوات واضحة من وزارة الخارجية السورية للتواصل مع الجانب الليبي، أو مع المنظمات الدولية لحل هذه الأزمة.

عائلات المعتقلين تواصل المطالبة بالكشف عن مصير أبنائها، وتوفير آلية رسمية لاستصدار الأوراق الثبوتية، وتأمين الحماية القنصلية لهم.

فيما يعاني الكثير من أهالي الجالية السورية في ليبيا من الاعتقالات العشوائية، التي تطول الشبان في ليبيا.

وفي 16 من نيسان الماضي، نظمت مجموعة من الأهالي في دمشق وقفة احتجاجية للمطالبة بمعرفة مصير أبنائهم المعتقلين في السجون الليبية، مع التعبير عن استيائهم بسبب تعاملهم مع سماسرة، تعدهم دومًا بمعرفة مصير أبنائهم، مقابل مبالغ كبيرة، الذي بات مجهولًا حتى اليوم.

انتهاكات بحق السوريين

يتعرض المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا، ومن بينهم سوريون، لانتهاكات خطيرة تهدد حياتهم وسلامتهم بسبب ممارسات جماعات بعضها تابع للسلطات الليبية، سواء عبر اعتراضهم بعنف أو احتجازهم في ظروف غير إنسانية.

ويدفع غياب الطرق الآمنة والقانونية للهجرة كثيرين إلى الوقوع ضحايا لشبكات التهريب والاستغلال، ورغم أن القوانين الدولية تضمن حماية حقوقهم، يستمر الاتحاد الأوروبي في دعم خفر السواحل الليبي لإعادتهم قسرًا، بينما تغيب تحركات جادة من دولهم الأصلية لحمايتهم ومتابعة أوضاعهم، حسب تحقيق أجراه “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”.

ورغم محاولات متكررة للحصول على توضيحات من وزارة الخارجية والمغتربين السورية حول وجود خطة رسمية لفتح قنصلية، أو الاستجابة لوضع المعتقلين والمحتجزين السوريين في ليبيا، لم تتلقَّ عنب بلدي أي رد حتى تاريخ كتابة هذا التقرير.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة