شكاوى من الفوضى المرورية في حلب.. إجراءات لضبطها

camera iconفوضى مرورية في أحد الشوارع الرئيسة بحي صلاح الدين بمدينة حلب - 22 نيسان 2025 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

تشهد شوارع مدينة حلب يوميًا حركة مرورية غير منتظمة، في ظل غياب واضح للتنظيم المروري، ما يؤدي إلى مشاهد من الفوضى والتزاحم.

مشهد الفوضى بات مألوفًا للسكان، حيث تتزاحم السيارات في طرقات ضيقة، ودراجات نارية تسلك الأرصفة، ومشاة يحاولون عبور الشارع وسط تيارات المركبات من دون أن يجدوا مكانًا آمنًا للمرور.

عند معظم التقاطعات، تغيب الإشارات الضوئية أو هي معطلة منذ أشهر، وفي بعض الأحياء كبستان القصر وصلاح الدين، يصعب على السكان تمييز من له أولوية المرور، فالشوارع بلا علامات واضحة تنظم ذلك.

“سباق مفتوح”

وصف خالد مامو، وهو أحد سكان حي الجميلية، المشهد العام في شوارع الحي بأنه “سباق مفتوح”، حيث يبتكر كل سائق طريقته الخاصة للمرور، فلا التزام بقوانين السير، ولا جهة تضبط الحركة.

إلى جانب ذلك، يشكو سكان من قلة عناصر الشرطة المكلفين بتنظيم السير، ففي كثير من التقاطعات التي تشهد ازدحامًا شديدًا، إذ لا يظهر أي شرطي مرور، ما يترك السائقين يتدبرون أمورهم بطريقة عشوائية.

وقال خالد، إن عدد العناصر الموجود حاليًا لا يكفي لتنظيم مدينة بحجم حلب، خصوصًا مع التوسع الكبير في حركة المركبات والدراجات النارية.

معتز المصري، سائق “تاكسي” من حي صلاح الدين، قال لعنب بلدي، إن معظم شوارع المدينة تحولت إلى ما يشبه “دوار الموت”، في إشارة إلى التقاطع الشهير والمدخل الجنوبي لمدينة حلب، الذي يحمل هذا الاسم بسبب كثرة الحوادث فيه.

وبالنسبة له، لم يعد الوضع مقتصرًا على نقطة معينة، بل أصبحت الفوضى هي السمة العامة لشوارع المدينة، وفي كثير من التقاطعات الرئيسة، لا يظهر أي شرطي لتنظيم حركة السيارات، ما يجعل السائقين يديرون المرور بأنفسهم بطريقة عشوائية.

ووجه انتقادًا إلى شرطة المرور، بسبب ما وصفه بالتهاون بتسجيل المخالفات، وعدم ضبط المخالفين في الشوارع مع غياب الالتزام بقوانيين السير وإشارات المرور إلى جانب غياب الإشارات والضوابط المرورية.

وتترافق هذه الأزمة مع تدهور حالة الطرقات، إذ تنتشر الحفر والتشققات، بينما تتوقف المركبات على جانبي الشوارع في ظل غياب الرقابة، ما يفاقم الازدحام ويعوق الحركة.

وسط هذه الظروف، تصاعدت مطالب السكان بضرورة تنظيم المرور وتفعيل إشارات السير، في وقت أكدت فيه إدارة المرور أنها بدأت اتخاذ إجراءات للحد من الفوضى.

“المرور” تتحرك

إدارة المرور في حلب أعلنت، الأحد 20 من تموز، عن إطلاق حملة شاملة لضبط المخالفات وتنظيم السير، بهدف الحد من الازدحام وتقليل الحوادث.

ودعت الإدارة جميع السائقين إلى الالتزام بقواعد المرور والتعاون مع الشرطة، مشيرة إلى أن المخالفات ستعرض مرتكبيها للمساءلة القانونية والغرامات المالية.

وخلال جولة رصدتها عنب بلدي في حي الجميلية وساحة الجامعة، التي تعد من أكبر العقد المرورية وأكثرها اكتظاظًا في المدينة، بدأ عناصر المرور بكتابة مخالفات تتعلق بالركن الخاطئ، والتوقف على الرتل الثاني، والسير بعكس الاتجاه.

رئيس قسم مباحث مرور حلب، جمعة قدور، قال في 15 من تموز الحالي، إن الأزمة المرورية في المدينة “لا يمكن تحميلها لعناصر الشرطة وحدهم”، مشيرًا إلى وجود أسباب أخرى، بينها العدد الكبير من السيارات الذي دخل إلى المدينة، إضافة إلى الطرق غير المؤهلة لحركة السير الحالية.

وبحسب قدور، تعاني مدينة حلب من غياب مواقف مخصصة لوسائل النقل العامة (الميكروباصات)، ما يدفع السائقين إلى التوقف وسط الشوارع الرئيسة، مسبّبين ازدحامًا إضافيًا.

ويعاني فرع المرور أيضًا من نقص كبير في عدد العناصر والكادر البشري، إلى جانب ضعف الإمكانيات اللوجستية من سيارات وأجهزة.

وأشار إلى وجود توجيهات من قوى الأمن الداخلي لدعم الفرع بالعناصر اللازمة لتسهيل حركة السير وضبط المخالفات.

وذكر أن إدارة المرور بدأت بالفعل، منذ الأشهر الأولى من تحرير المدينة، بتفعيل مخالفات تعتبرها “خطرة”، مثل تجاوز الإشارات الضوئية، السير عكس الاتجاه، والوقوف في المنعطفات، بالإضافة إلى إيقاف المركبات في أماكن ممنوعة أو على الرتل الثاني.

كما تعمل الإدارة بالتعاون مع مجلس مدينة حلب على إصلاح الطرقات، وتفعيل الإشارات الضوئية، ووضع الشاخصات المرورية، وفقًا لتعبيره.

“أسبوع حزم”

بدوره، اعتبر محافظ حلب، عزام غريب، أنه سيكون هناك “أسبوع حزم” فيما يخص المخالفات المرورية، بعدما وصفه بتزايد شكاوى الأهالي من تجاوزات السائقين، وأكد أن هناك “نقلة نوعية” في هذا الملف، وذلك عبر فيديو نشره عبر حسابه على منصة “إنستجرام”، في 9 من تموز الحالي.

وأوضح أنه ضمن مبادرة “لعيونك يا حلب”، فإن المحافظة سلمت دفعة من السيارات الحديثة إلى فرع المرور، وذلك في إطار خطة تهدف إلى تنظيم الحركة المرورية وتحديث الخدمات العامة.

وأوضح أن هذه الخطوة تأتي كجزء من رؤية المحافظة لإزالة التلوث البصري وتحسين المشهد العام للمدينة “بروح عصرية”.

ورغم هذه الإجراءات، ما زال سكان حلب يأملون بخطط طويلة الأمد لمعالجة أزمة المرور جذريًا، بعيدًا عن الحلول المؤقتة، وسط مخاوف من استمرار الفوضى في ظل تزايد أعداد المركبات وضعف التنظيم.

وشهدت حلب في الأشهر الأولى ما بعد تحرير المدينة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الحوادث المرورية، خصوصًا في الشوارع الحيوية والمزدحمة.

حوادث متكررة

رصدت عنب بلدي تسجيل حوادث متكررة عند الشارع المحيط بقلعة حلب، نتيجة دخول السيارات بشكل مخالف إلى المنطقة الأثرية، وعند تقاطع المهندسين المعروف بازدحامه، إضافة إلى دوار “الباسل” (سابقًا) وساحة الجامعة، التي تعد من أكثر النقاط نشاطًا بحركة السير.

أما في نزلة أدونيس غربي مدينة حلب، فغالبًا ما تتحول الحركة هناك إلى فوضى كاملة بسبب غياب الإشارات الضوئية وعناصر الشرطة معًا، رغم أن الموقع يشهد مرور عدد كبير من “السرافيس” والسيارات الخاصة يوميًا.

وفي 25 من أيار الماضي، شهد الشارع واحدًا من أعنف الحوادث المرورية، بعد اصطدام حافلتي نقل ركاب بسيارة خاصة، ما أدى إلى وفاة رجل مسن وإصابة أربعة أشخاص.

الحادثة أعادت تسليط الضوء على مشكلة غياب الإشارات المرورية وعناصر الشرطة في نقاط تشهد ازدحامًا يوميًا، مثل نزلة أدونيس، وسط مطالب مستمرة بتنظيم حركة السير.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة