لجنة تقصي حقائق الساحل تعرض نتائجها

لجنة تقصي الحقائق بأحداث الساحل السوري تستعرض نتائج عملها ضمن مؤتمر صحفي عقدته بدمشق- 22 تموز 2025 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

camera iconلجنة تقصي الحقائق بأحداث الساحل السوري تستعرض نتائج عملها ضمن مؤتمر صحفي عقدته بدمشق- 22 تموز 2025 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

أعلن المتحدث باسم لجنة التحقيق وتقصي أحداث الساحل السوري، ياسر الفرحان، نتائج تقريرها الرئيسية الذي سلمته قبل أيام إلى الرئيس السوري، أحمد الشرع، حول الأحداث التي شهدها الساحل السوري في آذار الماضي.

وقال الفرحان في مؤتمر صحفي عقدته اللجنة اليوم الثلاثاء 22 من تموز، حضرته عنب بلدي، إن اللجنة توصلت إلى أسماء أشخاص متهمين بارتكاب انتهاكات في أحداث الساحل منهم 265 شخصًا منضمين إلى مجموعات مسلحين متمردين خارجين عن القانون مرتبطين بـ”فلول الأسد”، بالإضافة إلى 298 شخصًا هم عبارة عن أفراد ومجموعات يرتبطون ببعض المجاميع والفصائل العسكرية من مجمل القوات المشاركة، ممن خالفوا الأوامر العسكرية ويشتبه بارتكابهم انتهاكات بحق المدنيين.

وفق الفرحان، بنت اللجنة استنتاجاتها على الشبهة وليس على الدليل القاطع الذي يكون عادة في المحاكم، وأنها في سبيل عدم الإضرار لم تظهر أسماء المشتبه بهم وقد نظمت أسماءهم في جداول ملحقة بالتقرير، وأنها تكتمت على أسماء بعض الشهود الذين يخشون من كشف أسمائهم الصريحة.

ما النتائج الرئيسية

وفق تقرير لجنة التحقيق في توثيق الانتهاكات التي جرت في الساحل، وثقت اللجنة عدة معطيات تتعلق بأعداد الضحايا وطبيعة الانتهاكات الحاصلة والأطراف المشتبه بارتكابها للانتهاكات، وفيما يلي سردها:

في 6 آذار الماضي نفذ الفلول سلسلة عمليات عدائية واسعة، استهدفوا فيها بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة مقرات الجيش والأمن العام، والحواجز والدوريات التابعة لها، وقطعوا الطرقات الرئيسية، وقتلوا حسبما توصلت له اللجنة 238 شابًا من عناصر الأمن والجيش في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.

بعضهم قتلوا بعد أن ألقوا سلاحهم نتيجة لمفاوضات جرت بوساطة الوجهاء، وبعضهم قتلوا وهم جرحى يتلقون العلاج، وبعضهم قتلوا وهم أسرى، ودفن الفلول بعضهم في مقبرة جماعية، واستهدفوا الطرق العامة والمستشفيات، وأخرجوا 6 منها عن الخدمة، وقتلوا عددًا من المدنيين السنّة وفقًا لمعلومات تبلغتها اللجنة ولم تتمكن من تدوين بياناتهم وفقًا لمعاييرها.

من خلال إفادات الشهود من عائلات الضحايا وأهالي المنطقة والموظفين الحكوميين ومحاضر استجواب الموقوفين وبفحص الأدلة الرقمية وقرائن وأدلة أخرى، توصلت اللجنة إلى أسماء 265 من المتهمين المحتملين المنضمين إلى مجموعات المسلحين المتمردين الخارجين عن القانون المرتبطين بنظام الأسد والشائع تسميتهم بـ “الفلول” وممن توفرت لدى اللجنة أسباب معقولة للاشتباه بتورطهم في جرائم وانتهاكات جسيمة.

خلال ذلك وبعده سيطر الفلول بشكل كامل أو جزئي على المدن والبلدات والقرى والطرقات وأطبقوا الحصار على باقي المقرات الحكومية، بهدف فصل الساحل عن سوريا، وإقامة دولة علوية بتخطيط وتمويل وإعداد وتنفيذ من قبل مجموعات مدربة مترابطة ضمن هيكلية شاقولية وأفقية وفقًا لتحقيقات اللجنة.

تحركت عقب ذلك القوات الحكومية والفصائل وقوات عسكرية أخرى، واندفعت بشكل عشوائي مجاميع الفزعات الشعبية ومجموعات أخرى، فازدحم الطريق الدولي بما يزيد على مئتي ألف مسلح يتحركون باتجاه مناطق سيطرة الفلول لاستعادتها.

فجر الجمعة 7 من آذار، ومن بعض القرى المرتفعة والمطلة على الطريق، استهدف “الفلول” بأسلحتهم الرتل العسكري وقوافل الفزعات وسيارات المدنيين المارة، فقضى على إثر ذلك عدد من العسكريين والمدنيين، الأمر الذي تسبب في مزيد من العشوائية، فاضطرت القوات الحكومية إلى تشكيل مجموعة لفتح الطريق في محاولة للحد من العشوائية.

في صباح يوم الجمعة بدأت مجموعات مسلحة دخول أحياء عدد من القرى والبلدات وبيوتها، وتعرض الأهالي لحملات تفتيش متتالية منضبطة في بعضها، وعشوائية منفلتة في بعضها الآخر وفيما لاحظت اللجنة ارتياحًا غالبًا لدى الأهالي تجاه سلوك عناصر الأمن العام، تحققت من انتهاكات جسيمة واسعة تعرض لها المدنيون أيام 7 -8 – 9 من آذار الماضي.

تحققت اللجنة من أسماء 1426 قتيلًا، منهم 90 امرأة والبقية معظمهم مدنيون، وبعضهم عسكريون سابقون أجروا تسويات مع السلطات المختصة، وبالرغم من عدم استبعاد وجود عدد من عناصر الفلول بين القتلى، ترجح اللجنة أن معظم حوادث القتل وقعت خارج أو بعد انتهاء المعارك العسكرية.

اللجنة اطلعت من مصادر مفتوحة على أعداد إضافية من القتلى لم تتحقق من صحتها بسبب عدم ورود أسمائهم في كشوفات المقابر أو إفادات الشهود الذين استمعت إليهم، كما تبلغت اللجنة بمعلومات حول 20 شخصًا من المفقودين بعضهم مدنيون وبعضهم من عناصر القوات الحكومية.

وقعت الانتهاكات بدوافع متعددة، فبعض المتهمين المحتملين هم من أفراد الفصائل المسلحة، وبعضهم لا مرجعية لهم تحركوا فرادى وتطوعوا مع الفصائل أو شكلوا مجموعات صغيرة بسبب خوفهم على دولتهم وعائلاتهم من عودة نظام الأسد، أو من أجل نجدة أبناءهم المتطوعين في القوات الحكومية والمحاصرين من قبل فلول الأسد، أو بعضهم بدوافع الانتقام ممن يظنون أنهم شاركوا بقتل أحبائهم وتعذيبهم واغتصابهم، ومنهم من شكل عصابات أشرار بقصد القتل أو النهب أو السرقة، ومنهم من انتحل صفة العناصر الحكومية لكسب مكاسب غير مشروعة أو للإساءة، ومنهم من ينتمي لمجموعات الغجر التي تقطن المنطقة والتي تعاون سابقًا كثير منهم مع “الشبيحة”.

آليات التحقق

ركزت اللجنة في تحقيقاتها على تقصي هوية الفاعلين وخلفيتهم بوسائل متعددة منها سؤال العائلات والاستماع لمئات الشهادات من ذوي الضحايا، وباستجابة وزارة الدفاع إلى طلب اللجنة في التعرف على الأشخاص في الصور والفيديوهات المحددة من قبلها، توصلت إلى معرفة 298 شخصًا بأسمائهم الصريحة من المشتبه بتورطهم في انتهاكات وهذا الرقم يبقى أوليًا.

من خلال فحص الأدلة الرقمية وبمساعدة مميزة من وزارة الدفاع، توصلت اللجنة إلى تحديد أفراد ومجموعات يرتبطون ببعض المجاميع والفصائل العسكرية من مجمل القوات المشاركة، وترجح اللجنة بأن هؤلاء الأفراد والمجموعات خالفوا الأوامر العسكرية ويشتبه بارتكابهم انتهاكات بحق المدنيين.

تتراوح الانتهاكات التي مورست بين أفعال القتل الواقع على أكثر من شخص، والقتل القصد، والسلب المسلح للممتلكات، وتخريب البيوت والمحال التجارية وحرقها، والشتم بعبارات طائفية ومخالفة الأوامر العسكرية الورادة في قانون العقوبات السوري العام.

كيف تحركت اللجنة؟

اعتمدت اللجنة في أداء مهامها على الرصد العام والتقصي والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات المرتكبة ضمن إطار ولايتها مكانيًا في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، وزمانيًا للنظر في أحداث مطلع آذار وما يليها، وموضوعيًا للبحث في الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الأحداث، وللتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، والاعتداءات على المؤسسات الحكومية ورجال الأمن والجيش، وتحديد المسؤولين عن كل منها، وإحالة من يثبت تورطهم إلى القضاء.

اتبعت اللجنة الأصول القانونية المبينة في لائحة اختصاصاتها ومعاييرها للحفاظ على مبادئ الاستقلالية والحياد والموضوعية والمهنية والاتساق والشفافية وعدم الإضرار والسرية وتوفير سبل حماية من يطلب من الشهود عدم الإفصاح عن بياناتهم الشخصية، وبما ينسجم مع إجراءات النزاهة التي ستتبعها الحكومة.

المتحدث باسم لجنة التحقيق، ياسر الفرحان، قال إن اللجنة زارت 33 موقعًا، وعاينت أماكن الوقائع، وكشفت على المقابر وأماكن الدفن المتعددة، ووصفت مشاهداتها بحضور المخاتير ورجال الدين وعدد من ممثلي العائلات.

على أرض الواقع عقدت اللجنة لقاءات عدة مع عشرات الشخصيات في كل من البلدات، واستمعت في جلسات منفصلة إلى الشهود من أفراد العائلات، ودونت عنهم 938 إفادة، منها 452 متعلقة بحوادث قتل و486 متعلقة بالسلب المسلح أو السرقة أو حرق البيوت والمحال التجارية أو التعذيب.

أشركت اللجنة في عملها بتدوين الإفادات سبع مساعدات قانونيات مختصات ينتمون إلى الشريحة المتضررة من الطائفة العلوية، إضافة لثلاث سيدات من عائلات الضحايا شاركن اللجنة جلسات الاستماع في الرصافة.

استمعت اللجنة كذلك إلى 23 إحاطة وإفادة من مسؤولين في الجهات الرسمية واستجوبت المشتبه بهم الموقوفين، واتخذت الإجراءات اللازمة لإحالتهم إلى القضاء.

رئيس لجنة تقصي الحقائق، جمعة العنزي، قال إن اللجنة انتهت من تقريرها في نهاية المهلة المحددة وتم تسليمه لرئيس الجمهورية والأحداث التي تشهدها المنطقة الجنوبية كانت سببًا في تأخير الإعلان عن تسليمه.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة