اختتام أعمال المنتدى الاستثماري السوري- السعودي في قصر الشعب بدمشق - 24 تموز 2025 (سانا)
رجال أعمال سعوديون يطرحون رؤيتهم للاستثمار في سوريا
تشهد سوريا مرحلة جديدة من النهوض الاقتصادي، بعد أن خلّف النظام السابق واقعًا اقتصاديًا متهالكًا على مدار 14 عامًا، كان سببًا بتدهور جميع القطاعات بما فيها البنية التحتية والصناعة والزراعة والخدمات.
ويأتي التعافي الاقتصادي في مقدمة أولويات المرحلة الحالية، إذ صارت فرص الاستثمار في سوريا أحد المحركات الرئيسة لتنشيط الاقتصاد وتحقيق نمو تدريجي ومستدام.
وفي هذا السياق، قابلت عنب بلدي، الخميس 24 من تموز، عددًا من المستثمرين السعوديين في مجالات التعليم والتحول الرقمي، والقطاع العقاري، وقطاع الطيران، على هامش أعمال المنتدى الاستثماري السوري- السعودي في قصر “الشعب” بدمشق، حيث طرحوا رؤيتهم لواقع الاستثمار والفرص المتاحة في سوريا.
وكان وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، أعلن عن إطلاق منتدى الاستثمار السوري- السعودي الأول من نوعه في سوريا.
وأوضح الوزير خلال مؤتمر صحفي اليوم، في 23 من تموز، أن المنتدى السوري- السعودي سيسفر عن اتفاقات ستوفر 50 ألف فرصة عمل مباشرة، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا).
رؤية جديدة للمطارات
قال المهندس منصور بن ناصر الشريف، مستثمر في قطاع الطيران الخاص بالسعودية، إن الاستثمار في سوريا مهم جدًا خاصة في المرحلة الانتقالية، وهناك إمكانية كبيرة للتعاون في مجال قطاع الطيران، وذلك بوجود مطارين مهمين، دمشق وحلب الدوليين، وأيضًا الموقع الجغرافي الاستراتيجي لسوريا الذي يربط بين قارات العالم.
وأوضح الشريف أن هذين المطارين مؤهلان ليكونا منفذًا للشحن والسياحة والتجارة، من خلال تخصصهم كمستثمرين بمجال تطوير المطارات والخدمات، والبنية التحتية للمطارات، وهذا يتطلب اهتمامًا ورعاية وترقية بالكامل للخدمات ضمن مواصفات عالمية.
ونوه الشريف إلى أن رؤية المستثمرين لا تقتصر على ترقية المطارات، بل تمتد للخدمات الأرضية وتموين الطائرات ووقودها.
وأشار إلى أن المبدأ الجديد للمطارات لا يكون فقط باستقبال الطائرات، لأنه يمثل واجهة حضارية لسوريا، لذا يجب أن يضم مركزًا تجاريًا وسوقًا مميزًا وفنادق.
وهذا ما يطمح إلى تنفيذه في مطاري دمشق وحلب، ويساعد موقعهما القريب من المدينة على تطبيق رؤية جديدة، ما ينعكس على التطور الحضاري للمحافظتين، بحسب الشريف.
ونوه الشريف إلى أن سوريا كانت دائمًا حاضنة للاستثمار، ولكن العزلة السابقة عطّلت عملية الاستثمار، والآن تجددت الفرصة، فالموقع الجغرافي والتاريخ والثقافة والتعدد السكاني، وتنوع الموارد البشرية، كل هذه العوامل تشجع المستثمر لاختيار سوريا.
وأعلنت الهيئة العامة للطيران المدني السوري عن عزمها إنشاء مطار دولي في العاصمة السورية دمشق، بسعة 30 مليون مسافر سنويًا، وتأهيل المطار الحالي، لزيادة طاقته الاستيعابية.
وقال مدير الهيئة العامة للطيران المدني، عمر الحصري، الخميس 24 من تموز، في فعاليات المنتدى الاستثماري السوري- السعودي، إن الهيئة اتخذت قرارًا بإنشاء مطار في دمشق يتسع لـ30 مليون مسافر سنويًا.
وأضاف أن الهيئة عازمة على تأهيل مطار دمشق الحالي لتصل قدرته الاستيعابية إلى خمسة ملايين مسافر سنويًا، بالإضافة إلى تأهيل مطار حلب الدولي ليصل إلى مليوني مسافر سنويًا، واعتبرها “فرصًا استثمارية واعدة”.
وأشار الحصري إلى أن قطاع الطيران المدني في سوريا متهالك بسبب الحروب والعقوبات.
وتضمّ سوريا خمسة مطارات مدنية، هي دمشق وحلب واللاذقية والقامشلي ودير الزور، إلا أن المطارات الثلاثة الأخيرة غير مفعلة.
فرص واعدة
تحدث المستثمر سامي الكحلوت، ممثل شركة “قوام”، وهي شركة متخصصة في ريادة الأعمال والتحول الرقمي وبناء المنتجات الحكومية الرقمية، عن رؤية الشركة للاستثمار في سوريا.
وكان لشركة “قوام”، تجربة سابقة في عملية الاستثمار، وهذه التجربة وضحت للمستثمرين أن السوق الاستثماري السوري لديه فرص كبيرة، وهذا ما تُرجم في المنتدى الاستثماري عبر توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم بين الجانبين السعودي والسوري.
ويسعى المستثمر محمد المدني، الرئيس التنفيذي لمؤسسة “كلاسيرا”، وهي شركة متخصصة في تقنيات التحول الرقمي لعملية التعليم والتدريب بمنطقة الشرق الأوسط، للتنسيق مع وزارة التعليم والتربية السورية، في عمليات التحول الرقمي وتدريب الجهات الحكومية والخاصة.
وقال المدني، إن الخبرات الكبيرة التي تملكها الشركة في أكثر من 40 دولة، كانت دافعًا للاستثمار في سوريا بحلتها الجديدة، وليكونوا جزءًا من التحول الحاصل، عبر التركيز على عمليات التدريب والتعليم الإلكتروني الذي يعد لغة القرن الـ21.
واعتبر أن الاستثمار في سوريا فرصة واعدة بما تملكه من مقومات النجاح، وانفتاح السوق السوري على الخارج، وهو ما كان غير متوفر على عهد النظام السابق.
وأشار المدني إلى أن الحكومة السورية قدمت تسهيلات استثمارية كبيرة، سواء من حفاوة الاستقبال للمستثمرين وصولًا إلى أعمال المنتدى، ما يعكس النية الجادة عند الحكومة السورية بعمليات تحول حقيقي واندماج سوريا بالمنطقة.
وبيّن المستثمر العقاري مهند الخويلد، ممثل شركة “زود العقارية”، أن أسباب الاستثمار تتجلى بالقابلية الموجودة عند الجانب السوري، والتسهيلات التي قدمت للمستثمرين، إضافة إلى الرغبة بتطوير المجال العقاري، فهناك العديد من المناطق المدمرة، وهذا يتطلب تضافر جهود المستثمرين في الدول العربية والأوروبية
وأعلن وزير الاستثمار السعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح، الخميس 24 من تموز، عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة إجمالية تقارب 24 مليار ريال سعودي (أي ما يقارب 6.4 مليار دولار أمريكي) في سوريا، وذلك على هامش أعمال المنتدى الاستثماري السوري- السعودي في قصر “الشعب” بدمشق.
وقال الفالح إن السعودية مقبلة على إقامة استثمارات مهمة في سوريا تشمل جميع المجالات وفي مقدمتها الطاقة والعقارات والصناعة والبنية التحتية والخدمات المالية والصحة والزراعة والاتصالات وتقنية المعلومات والمقاولات والتعليم وغيرها.
ووقع خلال المنتدى اتفاقيات بقيمة تتجاوز 11 مليار ريال سعودي (ما يقارب ملياري دولار أمريكي) في قطاع البنية التحتية، من بينها إنشاء ثلاثة مصانع جديدة للأسمنت، بحسب الفالح.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم في قطاع الخدمات المالية والتمويل، بين شركة مجموعة تداول السعودية وسوق دمشق للأوراق المالية لتعزيز التعاون في مجال التقنيات المالية.
مركز للتواصل التجاري
ناقشت عنب بلدي في ملف سابق لها، الإمكانات الاقتصادية والموارد الطبيعية التي تمتلكها سوريا، والتي تتيح فرصًا استثمارية واعدة، خاصة في مرحلة إعادة الإعمار المقبلة.
وتجمع سوريا بين موارد طبيعية غنية، وموقع جغرافي استراتيجي، يجعلها مركزًا مهمًا للتواصل التجاري بين الشرق والغرب، الأمر الذي يعزز من جاذبيتها ويجعلها محط أنظار المستثمرين.
تمثل الفرص الاستثمارية عناصر رئيسة، يمكن من خلالها تحقيق التنمية الاقتصادية والنهوض بمستوى معيشة السكان في أي دولة، وخاصة في ظروف التعافي وإعادة الإعمار مثلما تمر به سوريا، وما زاد من جاذبيتها مؤخرًا رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة في عهد النظام السابق.
المستشار التنفيذي في وزارة الاقتصاد والصناعة، والباحث الاقتصادي مناف قومان، قال في حديث سابق لعنب بلدي، إن الفرص الاستثمارية في سوريا متعددة ومتنوعة تتمثل بعدة قطاعات أبرزها:
● الزراعة: التي ستركز على إعادة إحياء الإنتاج المحلي، والاستثمار في سلاسل القيمة الزراعية.
● الطاقة المتجددة: مثل الاستثمار في بدائل الطاقة، من الشمس والرياح، لتجاوز الانقطاعات في الشبكة الكهربائية.
● الصناعة التحويلية: خاصة الصناعات الغذائية والنسيج والأدوية والمعدات وغيرها.
● الخدمات المالية والتكنولوجيا: وهذا القطاع يحمل فرصة لبناء مؤسسات مالية جديدة، وتطوير حلول دفع إلكتروني، وتحول رقمي في دولة تحتاج إلى بنية مالية حديثة.
● القطاع العقاري: يعتبر إحدى الفرص الاستراتيجية، حيث تحتاج سوريا إلى إعادة إعمار مدن وبلدات تضررت بسبب الحرب.
فيما أوضح الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي، الدكتور مجدي الجاموس، في حديث سابق لعنب بلدي، أنه يمكن تلخيص أبرز الفرص الاستثمارية الموجودة في سوريا ضمن محورين، أولهما “ترصيف” البنية التحتية، وهي المفاصل التي تعتبر حاملة الاقتصاد الوطني، والتي تسمى “قواعد البنية التحتية للاستثمار”، وهي بحاجة إلى شركات استثمارية كبرى على مستوى العالم.
فيما يتمثل المحور الثاني بقطاع الطاقة، وذلك عبر توسيع الإنتاجية السورية من الطاقة، كالكهرباء والنفط والمواني، وفي مجال المناطق الحرة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :