منتزه جنة العين في منطقة التكية بالزبداني في ريف دمشق- 17 تموز 2025(عنب بلدي/سندريلا البلعة)
منتزهات ريف دمشق تستقطب الهاربين من ضغط العاصمة
عنب بلدي – كريستينا الشماس
باتت المنتزهات العامة في ريف دمشق وجهة أساسية يقصدها المواطنون خلال فصل الصيف، فمع اشتداد حرارة الجو من جهة، وغلاء أسعار المطاعم من جهة أخرى، إضافة إلى الضغط داخل العاصمة دمشق وضيق المساحات الخضراء، فضّل كثيرون الارتماء في أحضان الطبيعة، بحثًا عن متنفس اقتصادي ومكان مفتوح يجمع العائلة ويوفر أجواء من الراحة والخصوصية بأسعار تناسب الدخل المحدود.
وشهدت محافظة ريف دمشق في السنوات الأخيرة كثرة في عدد المنتزهات ببعض المناطق التي تحتوي مساحات خضراء واسعة في بساتينها، مثل صحنايا وجرمانا والزبداني.
واستثمرت هذه المنتزهات من أهالي المناطق، لتوفير خيار ترفيهي يناسب شريحة واسعة من المواطنين.
إقبال متزايد
تزايد الإقبال على المنتزهات العامة، كخيار ترفيهي بديل عن المطاعم والمقاهي المغلقة، سببه التكاليف المقبولة وتوفر مساحات مفتوحة تتيح أجواء اجتماعية مريحة.
مدير منتزه “جنة العين” في منطقة الزبداني بريف دمشق، عبد الله المرعي، قال لعنب بلدي، إن الإقبال على المنتزهات، خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، بات لافتًا في الأشهر الأخيرة.
وأرجع المرعي هذا الإقبال إلى عدة عوامل، أبرزها الأسعار المقبولة التي تبدأ من 15,000 ليرة على الشخص الواحد في الأيام العادية، وتصل إلى 30,000 في نهاية الأسبوع، إضافة إلى أن المنتزه يوفر مساحات واسعة غير مغلقة، ما يخلق أجواء مناسبة لتدخين “الأراكيل” وتنظيم جلسات طويلة ضمن خصوصية مناسبة.
وأشار المرعي إلى وجود أماكن مخصصة للأطفال، ما يجعله خيارًا مثاليًا للعائلات الباحثة عن استراحة مطوّلة تناسب أطفالها، دون أن تضطر لدفع تكاليف باهظة كما هو الحال في المطاعم.
كما يمكن للزبائن طلب طعام و”أراكيل” من المنتزه وبأسعار مناسبة، بحسب المرعي.
جلسة بدولارين
الفجوة الكبيرة بين أسعار المطاعم وتكاليف الترفيه في المنتزهات، باتت دافعًا رئيسًا لارتيادها من قبل كثير من العائلات.
علي حيدر، وهو رب عائلة من سكان دمشق، صادفته عنب بلدي في أحد منتزهات الزبداني، قارن الفرق الكبير في التكلفة بين الخروج إلى مطعم وقضاء الوقت في أحد المنتزهات.
وأوضح علي أن جلسة واحدة في مطعم متوسط الخدمة قد تكلف أكثر من 500,000 ليرة، مقابل وجبة واحدة وبعض المشروبات، بينما في المنتزه يستطيع الجلوس مع عائلته لأكثر من أربع ساعات مع طعامه و”أراكيله” الخاصة بأقل من دولارين (20,000 ليرة سورية) للشخص الواحد.
التفاوت الكبير في التكاليف، يجعل من المنتزهات خيارًا واقعيًا لطبقة واسعة من السوريين الذين لا يستطيعون مجاراة الأسعار “الخيالية” للمطاعم، حتى تلك التي تُصنف على أنها “شعبية”، فتكاليف الأكل في المطاعم لم تعد تقتصر على الوجبة فقط، بل تشمل أجور الجلوس، ورسوم الخدمة، وأحيانًا ضريبة غير معلَنة.
حرية أكبر ومساحات أوسع
تجد ريم هندية، وهي أم لثلاثة أطفال، أن المنتزهات لا توفر فقط الأسعار المقبولة، بل تقدم أيضًا حرية في التصرف.
“أدخل معي كل شيء من طعام وشراب وأركيلة، وأجلس بين الأشجار وفي الهواء الطلق، وأطفالي يلعبون في الحدائق والألعاب دون قيد”، قالت ريم.
وتوفر المنتزهات مساحة من الحرية في التصرف غير متاحة في أغلب المطاعم، وهو ما يلقى قبولًا لدى العائلات السورية الباحثة عن خصوصية وراحة أكبر.
وترى ريم أن مثل هذه الحرية غير متوفرة في المطاعم، حيث لا يُسمح بإدخال أي شيء من الخارج، وغالبًا ما تكون الأماكن مغلقة ومزدحمة وتفتقر إلى خصوصية العائلة، عدا عن الغلاء.
“أبتعد عن ضجيج العاصمة وضغوط العمل”، هكذا وصفت رشا عثمان تجربتها في المنتزهات، وأضافت أن منتزهات ريف دمشق، أو حتى الموجودة على أطراف المدينة، بات طقسًا أسبوعيًا لعائلاتها.
غياب الدعم
رغم محدودية الموارد، والإقبال المتزايد على بعض المنتزهات، فإن هذا القطاع يثبت أهميته باحثًا عن دعم حكومي.
تحدث فادي حداد، مدير منتزه “ميّل” في منطقة صحنايا بريف دمشق، عن الصعوبات التي تواجهه، فلم يلقَ جهودًا حكومية داعمة لمنتزهات المنطقة.
وشرح حداد طبيعة الأماكن التي تكثر فيها المنتزهات، والتي تكون أغلبيتها في البساتين، ومعظم طرقها تفتقر إلى “التزفيت”، ما يعرقل وصول بعض السيارات إلى المنتزه.
ونوه حداد إلى أن التحدي الأكبر، هو الحفاظ على مستوى مقبول من الخدمات مع تزايد عدد الزوار، داعيًا الجهات المعنية إلى تقديم تسهيلات للمستثمرين في هذا القطاع الحيوي، لضمان استدامته وتطوره.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :