
اجتماع المحامي العام مع المعنيين في التحقيق في قضية يوسف اللباد - 30 تموز 2025 (سانا)
اجتماع المحامي العام مع المعنيين في التحقيق في قضية يوسف اللباد - 30 تموز 2025 (سانا)
أثارت وفاة الشاب يوسف اللباد، الأربعاء 30 من تموز، موجة واسعة من الغضب والجدل في سوريا، بعد تسليم جثمانه لذويه وعليها آثار تعذيب، وسط اتهامات للأمن العام بتعذيبه خلال احتجازه في المسجد الأموي بدمشق.
أقارب ليوسف تحدثت إليهم عنب بلدي أوضحوا أن جثمانه كان يحمل كدمات ظاهرة على مختلف أنحاء جسده، ما يرجّح تعرضه للضرب، وهو ما يتقاطع مع صور للجثمان نشرت في مواقع التواصل.
ومع انتشار قضية يوسف أثار مخاوف من عودة ممارسات الاعتقال والوفاة تحت التعذيب، في ظل غياب المساءلة في مراكز الاحتجاز السورية.
عقب إعلان الوفاة، نشرت وزارة الداخلية بيانًا صرح به قائد الأمن العام الداخلي في محافظة دمشق، العميد أسامة محمد خير عاتكة، قال فيه إن يوسف كان بحالة نفسية “غير مستقرة” ويتفوه بعبارات غير مفهومة، وتم التعامل معه من خلال عناصر حماية المسجد.
وأضاف العميد أن يوسف ضرب رأسه مرارًا بأجسام صلبة داخل غرفة الحراسة، ما أدى إلى وفاته.
إلا أن هذه الرواية قوبلت بتشكيك واسع من قبل الناشطين وعائلة يوسف، التي وصفتها بـ”غير منطقية”.
وذكر بدر قزعور، وهو قريب ليوسف، لعنب بلدي أن ضابطًا اسمه يحيى بهلول (أبو طاهر) اتصل بزوجة يوسف وأبلغها أن الوفاة ناتجة عن “جرعة مخدرات عالية”، وهي رواية نفتها العائلة بشكل قاطع، مؤكدة أن يوسف لم يتعاطَ المخدرات يومًا.
كما تحدث قريب يوسف أن أفرادًا من العائلة توجّهوا إلى مستشفى المجتهد لمحاولة رؤية الجثمان، إلا أنهم مُنعوا من الدخول، وقيل لهم في المستشفى إن الوفاة ناجمة عن “تسمم”.
زاد ذلك من الغموض حول أسباب الوفاة، وأثار شكوكًا بمحاولات للتغطية على حقيقة ما جرى.
وانتشرت إشاعات من مصادر عديدة بشأن حالة يوسف النفسية وادعاءات بأنه يعاني من إدمان المخدرات.
الصيدلاني أحمد الأسعد، الذي كان يشرف على صرف أدوية يوسف اللباد في ألمانيا، قال لعنب بلدي، إنه لم يلحظ على يوسف أي اضطرابات نفسية أو سلوكًا غير طبيعي، وإنه لم يطلب أدوية نفسية خلال فترة التعامل معه.
وأضاف الصيدلاني أن زوجة يوسف يمكنها قانونيًا طلب سجله الطبي من الجهات الألمانية المختصة، والذي يتضمن جميع الأمراض والعلاجات الموصوفة له.
وأوضح أن القوانين الألمانية صارمة جدًا في هذه المسائل، فلو كان يوسف يعاني من اضطرابات أو يتعاطى المخدرات، لحوله الأطباء للعلاج وسحب مكتب الرعاية أطفاله ومنعته السلطات من العمل.
واعتبر أن ما وصفته الجهات السورية “يفتقر للمصداقية”، مشيرًا إلى أنه التقى بيوسف سابقًا على مائدة غداء ولم يلاحظ عليه أي تصرف مريب.
من جانبه، زار وفد رسمي من وزارة الداخلية منزل العائلة لتقديم العزاء، الأربعاء 30 من تموز، وضم ممثلين عن الإدارة العامة للمباحث الجنائية، وقيادة شرطة المحافظة، وقسم المتابعة.
وأكد الوفد أن التحقيقات لا تزال جارية، وأنه جميع العناصر الموجودين في موقع الحادثة من الأمن والشرطة وحرس المسجد أحيلوا إلى التحقيق.
من جهته أجرى وزير الداخلية، أنس خطاب، اليوم الخميس 31 من تموز الحالي، اتصالًا هاتفيًا بوالدة يوسف، قدم خلاله التعازي، مؤكدًا أن التحقيق سيكون شفافًا وسيطال أي فرد متورط كائنًا من كان.
وخلال الاتصال قال الوزير إن مشكلة حصلت وكان عدد كبير من الأفراد في المسجد موجودين، مما يعقد مجريات التحقيق.
صرّح القاضي حسام خطاب، المحامي العام في دمشق، أن التحقيقات تجري تحت إشرافه، وأنه تم تشكيل لجنة طبية ثلاثية من أطباء شرعيين وأخصائيين للكشف على الجثمان وتحديد سبب الوفاة بدقة.
وأكد القاضي أن هيئة الكشف القضائية والطبية توجهت مباشرة إلى مكان الوفاة فور وقوع الحادثة، وفتحت تحقيقًا رسميًا من قبل قسم الشرطة المختص، مشددًا على أنه سيتم التعامل مع أي فعل جرمي وفق القانون.
على الرغم من التحركات الحكومية والتطمينات الرسمية، لا تزال الروايات المتناقضة، والغموض الذي يكتنف ظروف الاعتقال، يثيران القلق في الشارع السوري، ويعيدان إلى الواجهة ملف الوفاة تحت التعذيب.
في حديثه إلى عنب بلدي، قال قريب يوسف، بدر قزعور، إنه عاد من ألمانيا للاستقرار في سوريا، فابنته باتت في سن المدرسة، وكان يسعى للعثور على مكان مناسب للعيش تمهيدًا لعودة أسرته، موضحًا أن يوسف كان مسؤولًا عن أسرة من ثلاثة أطفال وزوجة ووالدته.
واعتبر أن توصيف يوسف على أنه يعاني من “اضطرابات نفسية” أمر مسيء وغير مقبول، وترفضه العائلة بشكل قاطع.
وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلات مصوّرة ليوسف، من كاميرات المراقبة داخل المسجد، وهو يقع ثم ينهض ويركض داخل المسجد.
في حين أظهر تسجيل آخر قوات الأمن تسحبه من داخل المسجد وسط تجمهر مجموعة من الناس، بينما يسمع صوته وهو يقول: “كنت عم قول لا إله إلا الله”.
ثم ظهر عنصر أمن يحمله على كتفه ويغادر به، دون أن توضح الفيديوهات أي تفاصيل إضافية.
وبينما لا يزال السوريون ينتظرون تقريرًا من الطب الشرعي، يحدد سبب الوفاة بدقة، وفي ظل التاريخ الطويل من الإفلات من العقاب في سوريا قبل سقوط نظام الأسد، يتساءل الشارع السوري، إن كانت التحقيقات ستقود إلى كشف الحقيقة، أم أن القضية ستُطوى، وسط ملامح تتشكل لانتهاكات لقوى الأمن.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 50 مدنيًا، بينهم طفلين وسيدتين (أنثى بالغة) على يد القوات الحكومية، خلال النصف الأول من العام الحالي.
وسجلت “الشبكة” في تقريرها الصادر، في 3 من تموز الحالي، مقتل حالة على الأقل، تحت التعذيب، على يد القوات الحكومية خلال شهر حزيران الماضي.
وبحسب تقرير آخر للمنظمة الحقوقية، احتجزت القوات الحكومية، 192 شخصًا، بينهم طفل وأربع سيدات خلال النصف الأول من العام الحالي، بشكل تعسفي (دون مذكرات توقيف قانونية صادرة عن النائب العام).
بالمقابل، أفرجت الحكومة عن 993 شخصًا، بينهم 11 سيدة من مراكز الاحتجاز التابعة لها خلال نفس لمدة، بينهم 196 شخصًا، في حزيران الماضي، بحسب “الشبكة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى