سائقون يتلاعبون بالأجور

“تكاسي” دمشق بلا عدادات ولا رقابة

سيدة تستقل سيارة أجرة في منطقة المزة بدمشق_31 تموز2025(عنب بلدي/ديالا البحري)

camera iconسيدة تستقل سيارة أجرة في منطقة المزة بدمشق_31 تموز2025(عنب بلدي/ديالا البحري)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ديالا البحري

تجوب شوارع دمشق سيارات الأجرة العمومية (التاكسي)، معظمها متهالك، ودون عدادات ولا رقابة حكومية فاعلة، إذ يعاجلك السائق عند الحساب أو قبل الركوب بعبارات من قبيل، “ادفع قد ما بدّك”، وعند الحساب، يطلب مبالغ غير منطقية، وفوق قدرة الناس، متذرعًا تارة بسعر الوقود على الرغم من انخفاض أسعاره، وتارة أخرى بالازدحام.

فوضى التسعيرة وغياب القوانين الرادعة جعلت من كل مشوار تجربة تختلف كليًا من سائق إلى آخر، حيث يُحدد السعر بشكل عشوائي، وفق تقدير السائق لا المسافة، ما أفرز واقعًا يثقل كاهل أصحاب الدخل المحدود، خاصة الموظفين والطلاب الذين لا يملكون خيارًا سوى الاعتماد على سيارات الأجرة في بعض المواقف الطارئة.

تسعيرة متفاوتة

ليمار الكردي، موظفة في شركة خاصة، تجد نفسها مضطرة لاستخدام سيارات الأجرة بسبب طبيعة عملها التي تتطلب التنقل السريع داخل العاصمة، ما يجبرها على تجنب ركوب الباصات خاصة في أوقات الازدحام.

قالت ليمار، “كل مرة أستقل فيها تاكسي، أتفاجأ بتسعيرة مختلفة، أحيانًا يصل الفرق بين مشوار وآخر لـ10,000 أو 15,000 ليرة”، مضيفة أن أجرة “التكاسي” مرهقة ولا تتناسب مع راتبها أو رواتب معظم الموظفين والعمال في سوريا.

كذلك سارة النحّاس، طالبة جامعية (23 عامًا)، تضطر أحيانًا إلى ركوب سيارة أجرة في حالات تأخرها عن الامتحانات، لضمان وصولها في الوقت المناسب، ولأنها لا تعمل، فهي تعاني من تفاوت أجور “التكاسي”، الأمر الذي يُشكّل عبئًا إضافيًا على أسرتها.

روت سارة أنها تعرضت في مرتين منفصلتين لتغيير التسعيرة المتفق عليها من قبل السائق بعد انتهاء الرحلة، ما تسبب لها بالإحراج والضيق، ولتفادي هذه الإشكاليات، تلجأ أحيانًا إلى الحافلات أو سيارات تنقل مجموعة من الركاب، فتضطر للانتظار إلى أن يكتمل عدد الركاب قبل الانطلاق، وهو ما يضيف مزيدًا من الضغط إلى جدولها الدراسي.

بين غلاء الصيانة وقلة العمل

قال خليل الطويل (38 عامًا)، وهو سائق سيارة أجرة، إن ارتفاع أجور “التكاسي” لا يأتي من فراغ، بل يعكس واقعًا صعبًا يعيشه السائقون.

وبرر خليل سبب ارتفاع الأجرة بتعرض السيارة لأعطال بشكل دائم، والحاجة المستمرة لإصلاحها، مشيرًا إلى ارتفاع تكلفة قطع التبديل وأجور ورشات الصيانة، إضافة إلى سعر البنزين الذي لا يزال مرتفعًا.
وأضاف خليل لعنب بلدي، “الطلب على سيارات الأجرة قليل معظم الأحيان، وبالتالي أمضي ساعات طويلة في التجوال دون أن أحقق ثمن الوقود”.

وتابع أن الوضع زاد سوءًا مع دخول السيارات الخاصة إلى مجال العمل كسيارات أجرة، وكذلك انتشار تطبيقات التوصيل التي تمنح السائقين فيها الأفضلية لأنهم يعملون بناء على الطلب، دون الحاجة للتجوال وصرف الوقود بحثًا عن ركاب.

أما بالنسبة للعدادات، فأكد خليل أن معظم سيارات “التاكسي” لا تلتزم بها حاليًا، مرجعًا السبب إلى غياب الرقابة الفعلية من الجهات الحكومية، قائلًا، “ما في رقابة من الدولة، والعداد صار شكلي”.

خطة مستقبلية

أكد مدير المؤسسة العامة لنقل الركاب، عمر قطان، لعنب بلدي، أن هناك خللًا في التزام سائقي الأجرة بتشغيل العدادات.

وأوضح أن الأسباب تعود إلى ضعف المتابعة من قبل الجهات التي كانت مكلفة بالرقابة زمن النظام السابق، الأمر الذي فتح الباب أمام الفوضى.

وفي هذا السياق، أشار قطان إلى خطة مستقبلية لإعادة ضبط وتنظيم عمل سيارات الأجرة، من خلال إلزام السائقين بتشغيل العدادات، وفرض تركيبها على المركبات التي لا تحتويها، مع منع تقاضي أي أجرة لا تتوافق مع العداد، تحت طائلة المساءلة القانونية.

ودعا مدير المؤسسة المواطنين إلى الإبلاغ عن المخالفات من خلال نظام الشكاوى، حيث تم اعتماد لصاقات على وسائل النقل تتضمن رمزًا (كود) يمكن من خلاله تقديم الشكوى مباشرة، دون الحاجة لمراجعة المؤسسة، وهو مرتبط بمكتب شكاوى متخصص يتولى المعالجة والرد على الشاكي بالنتيجة.

نحو أنظمة ذكية للنقل

تعد المؤسسة العامة لنقل الركاب خطة شاملة لتحديث منظومة النقل، تتضمن إدخال آليات حديثة وصديقة للبيئة تتيح تحديد الأجرة إلكترونيًا من خلال تطبيقات موحدة، تعتمد تسعيرة عادلة، مع تسهيل المعاملات الرقمية وربط جميع وسائل النقل بنظام تقني حديث، بحسب مديرها، عمر قطان.

بين معاناة المواطن ومبررات السائق، ينتظر السوريون من الجهات الرسمية تفعيل دورها الرقابي، وتسريع تنفيذ الحلول الذكية، لضمان خدمة نقل تخفف عبء المواطن وتحترم حق السائقين.




×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة