الانتهاكات تتصاعد ضد اللاجئين السوريين في لبنان

camera iconآلاف اللاجئين السوريين في لبنان يستعدون للعودة إلى ديارهم - 9 تموز 2025 (رويترز)

tag icon ع ع ع

وثّق مركز “وصول لحقوق الإنسان” (ACHR) تصاعدًا وصفه بـ”الملحوظ” في الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون على يد السلطات اللبنانية، وذلك تزامنًا مع إعلان خطة “العودة الطوعية” للسوريين المقيمين في لبنان.

وقال المركز، في بيان نشره عبر موقعه الرسمي، الجمعة 1 من آب، إن الإجراءات التي تُتخذ بحق السوريين تسهم في خلق بيئة غير آمنة، تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم.

انتهاكات ممنهجة

وأوضح البيان أن الانتهاكات شملت: الترحيل القسري، الاعتقال الجماعي، الإخلاءات القسرية، المداهمات الأمنية، وتصاعد الخطاب التحريضي ضد اللاجئين.

وأضاف المركز أن السلطات اللبنانية كثّفت منذ بدء تنفيذ خطة “العودة الطوعية” حملات المداهمة والاعتقال، إلى جانب إصدار أوامر بإخلاء مخيمات اللاجئين.

وأصدرت مصلحة نهر الليطاني في 10 من تموز 2025، 34 أمر إخلاء استهدفت مخيمات تقع على ضفاف النهر، ما يهدد نحو 2500 لاجئ، غالبيتهم من النساء والأطفال، بفقدان المأوى.

وأشار التقرير إلى أن سبعة من أصل كل ثمانية لاجئين متضررين من هذه الإجراءات يفتقرون إلى بدائل سكنية.

مداهمات واعتقالات جماعية

وثّق مركز “وصول لحقوق الإنسان” تنفيذ الجيش اللبناني ما لا يقل عن 13 مداهمة خلال النصف الأول من تموز، أسفرت عن اعتقال أكثر من 666 لاجئًا سوريًا، بتهم تتعلق بالدخول غير القانوني أو غياب الوثائق الرسمية.

وفي تطور مقلق، توفي  الشاب السوري سليمان أحمد قرقماس بعد نحو ثلاث ساعات فقط من اعتقاله على يد عناصر من الأمن العام اللبناني، عقب مداهمة منزله في منطقة بئر حسن في بيروت في 29 من تموز الماضي.

وينحدر قرقماس من بلدة المليحة في ريف درعا ويعمل في لبنان على “سرفيس” عمومي، بحسب ما أفادت عائلته.

وقالت أسرته إن عناصر الأمن اقتادوه من منزله دون مذكرة توقيف، قبل أن يُعاد جثمانه إليهم وعليه آثار تعذيب واضحة.

وتُعد هذه الحادثة واحدة من عدة انتهاكات موثّقة بحق لاجئين سوريين في لبنان، إذ تتواصل المداهمات اليومية في مناطق عدة، من بينها الضاحية الجنوبية والبقاع، وسط اتهامات بممارسات تعسفية تشمل التعذيب والاحتجاز غير القانوني وحتى الترحيل القسري.

وأشارت مصادر حقوقية إلى أن التحقيقات التي تجري مع اللاجئين السوريين تتضمن في كثير من الأحيان أسئلة تحمل طابعًا طائفيًا، وأن قرارات الإفراج عن بعض الموقوفين تتم أحيانًا بناءً على خلفيتهم الطائفية، ما اعتبره حقوقيون “تمييزًا ممنهجًا” ومخالفًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

في هذا السياق، تتزايد المخاوف من أن ما يُسمّى بـ”العودة الطوعية” يتم الترويج له في بيئة قسرية، تغيب فيها الضمانات القانونية، وتزداد فيها حالات التوقيف والتعذيب والضغط على اللاجئين لدفعهم إلى مغادرة البلاد دون توفر شروط السلامة والكرامة.

ونقل المركز عن شهود عيان روايات عن “انتهاكات جسيمة للكرامة والخصوصية”، شارك فيها ما بين 50 إلى 60 عنصرًا مسلحًا، شملت استخدام القوة الجسدية، ومنع النساء من ارتداء ملابسهن قبل اقتيادهن من أماكن سكنهن.

الظروف المحيطة بعمليات العودة تجعلها أقرب إلى “العودة القسرية” منها إلى العودة الطوعية، في ظل تزايد الإجراءات التعسفية وانعدام الضمانات القانونية والإنسانية للاجئين السوريين في لبنان.

الظروف الأمنية في سوريا غير مشجعة

رغم سقوط نظام الأسد الذي طالما اعتبره اللاجئون عائقًا أمام عودتهم، فإن الأوضاع الأمنية الراهنة داخل سوريا لا تزال تشكّل عاملًا طاردًا، وتُبقي خيار العودة غير واقعي بالنسبة لكثير من اللاجئين، خصوصًا في لبنان.

وتأتي هذه المخاوف في ظل تصاعد التوترات الأمنية في عدد من المناطق السورية، لاسيما بعد الأحداث الأخيرة في الساحل السوري ومحافظة السويداء، ما زاد من القلق حيال استقرار الأوضاع داخل البلاد.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي عبّر لاجئون سوريون في لبنان عن مخاوفهم من العودة، مطالبين بضمانات أممية لسلامتهم، ومطالبين بمنحهم مزيدًا من الوقت نظرًا لافتقارهم إلى مساكن في سوريا يمكنهم العودة إليها، فضلًا عن استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني.

ولا تقتصر العقبات على الجوانب الأمنية فقط، إذ تواجه سوريا تحديات بنيوية حادة تهدد السلامة العامة، من أبرزها:

  • أزمة النزوح الداخلي التي لا تزال قائمة في عدة محافظات.
  • الدمار الواسع في البنى التحتية والمنازل جراء سنوات من الحرب.
  • وجود كميات كبيرة من مخلفات الحرب غير المنفجرة، ما يجعل العديد من المناطق غير آمنة للسكن.

ما برنامج العودة الطوعية

أطلقت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين برنامج “العودة الطوعية المنظّمة ذاتيًا” ابتداءً من 1 تموز الماضي، ولمدة ثلاثة أشهر، بهدف دعم اللاجئين السوريين المسجلين لديها في لبنان، الذين قرروا العودة إلى سوريا بشكل طوعي ودائم.

ويتيح البرنامج لكل فرد من أفراد العائلة العائدة منحة مالية لمرة واحدة بقيمة 100 دولار أمريكي، تُخصص لتغطية تكاليف تنظيم العودة عبر المعابر الحدودية الرسمية. كما تقدم المفوضية للاجئين إرشادات حول إجراءات الخروج من لبنان، والوثائق اللازمة، بالإضافة إلى نصائح تساعد في التحضير للعودة بأفضل شكل ممكن.

ورغم توفير هذا الدعم، فإن الظروف المحيطة بعودة اللاجئين تبقى معقدة، في ظل عدم توافر مقومات الحياة الأساسية داخل سوريا، واستمرار التهديدات الأمنية، والانهيار الواسع للبنية التحتية.

ويُقيم في لبنان حاليًا ما يزيد عن مليون ونصف مليون لاجئ سوري، من بينهم أكثر من 750 ألفًا مسجلون لدى الأمم المتحدة. وقد فرّ معظمهم من بطش النظام السوري منذ اندلاع الثورة عام 2011.

وتُظهر بيانات المفوضية أن أزمة اللاجئين في لبنان لا تزال في مستويات حرجة، إذ بيّن تقييم أجرته المفوضية عام 2020 أن نحو 90% من أسر اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر المدقع، ما يفاقم التحديات التي تواجههم سواء قرروا البقاء أو العودة.

اعتقالات عشوائية تستهدف سوريين في لبنان




×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة