
المايسترو عدنان فتح الله خلال إحدى حفلاته الموسيقية - 30تموز 2025 (عدنان فتح الله)
المايسترو عدنان فتح الله خلال إحدى حفلاته الموسيقية - 30تموز 2025 (عدنان فتح الله)
عنب بلدي ـ أمير حقوق
تُعتبر الموسيقا جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي السوري، وتعكس غنى التراث الحضاري والتاريخي الذي تمتلكه سوريا، فقد عُرفت على مر العصور بموسيقاها المتنوعة، التي جذبت المستمعين من مختلف المناطق والأجيال، وكانت وسيلة لنقل القيم والتقاليد والهوية الوطنية.
وكانت الموسيقا السورية من أقدم وأنشط أشكال التعبير الفني في المنطقة، حيث تطورت عبر قرون من الحضارات المختلفة، كالفينيقيين والآشوريين والبيزنطيين والعرب، وتمثل أقدم موسيقية في معبد عشتار بمملكة ماري في سوريا، المسجلة في التاريخ العالمي.
يعتبر المعهد العالي للموسيقا البوابة الأكاديمية للموسيقا في سوريا، وخرّج كبار الموسيقيين السوريين منذ تأسيسه عام 1990، ولكنه اليوم يعاني من نقص بالخبرات الأكاديمية.
عميد المعهد العالي للموسيقا، “المايسترو” عدنان فتح الله، قال لعنب بلدي، إن المعهد مؤسسة أكاديمية، يخرّج حوالي 25 موسيقيًا أكاديميًا سنويًا، وبشكل عام، تعاني سوريا من نقص بالموسيقيين الأكاديميين، ومنذ افتتاح المعهد عام 1990، كان اعتماده على الخبراء الأجانب في المواد العلمية الموسيقية، خاصة اختصاص الآلات، وبعد بدء أحداث الثورة السورية، أصبح الاعتماد على خريجي المعهد والخبرات المحلية، نظرًا إلى سفر الخبراء الأجانب.
هجرة الموسيقيين وخاصة الأكاديميين ما زالت مستمرة، وبالتالي يلجأ المعهد للخريجين ولبعض الأساتذة في مساعدة المدرسين الأكاديميين، لاستمرارية العملية التدريسية ضمن المعهد أو حتى في معهد “صلحي الوادي” التابع لوزارة الثقافة، بحسب فتح الله.
واعتبر أن وجود دار الأوبرا وبرامجها الموسيقية كان عاملًا محفزًا لبعض الأكاديميين والموسيقيين، خاصة من الجانب المادي، فكانت تصدر برامج شهرية، ولكن بعد التحرير، في كانون الأول 2024، توقفت أنشطة الدار، نتيجة الأسباب الإدارية، وفي تموز الماضي، فعّلت الأوبرا أنشطتها، وأصدرت برنامجًا موسيقيًا، ولكنه توقف بسبب أحداث السويداء، على أمل أن يُستأنف في آب الحالي، وهذا ما يضمن استمرارية عمل الأكاديميين إلى جانب التدريس.
هجرة الموسيقيين ما زالت عائقًا يواجه الموسيقا السورية، فقد شهدت خلال سنوات الثورة السورية هجرة كبار أكاديمييها وخبرائها، الأمر الذي انعكس على إنتاجيتها وحضورها العالمي المعهود.
وهنا لفت عميد المعهد العالي للموسيقا، “المايسترو” عدنان فتح الله، إلى أن المجتمع الموسيقي الأكاديمي في سوريا مجتمع صغير، وبسبب قلة البرامج الموسيقية، وما يترتب عليها من ضائقة مادية وغيرها، يتجه بعض الموسيقيين للسفر، وبعودة برامج دار الأوبرا في آب الحالي، يمكن أن يعطي البرنامج أملًا للموسيقيين، بأن تستأنف هذه البرامج والحفلات.
وأشار إلى أن بعض الموسيقيين عادوا بعد التحرير فورًا، والتحقوا بكادر المعهد العالي للموسيقا، وهناك عدد من المهاجرين أبدوا رغبتهم بعودتهم قريبًا، وبعضهم الآخر ما زال مستمرًا بهجرته.
وفي الماضي، كان الموسيقيون يجدون فرص عمل ضمن برامج المطاعم والحفلات الموسيقية والغنائية، ولكن اليوم، لم تعد كل المطاعم والشركات الفنية لحفلاتها الفنية الموسيقية، وهذا أيضًا يحد من عمل الموسيقيين سواء من الأكاديميين أم غير الأكاديميين.
الموسيقا السورية اليوم بحاجة لعدة متطلبات أساسية، لإنعاش واقعها واستئناف عملها، بالتوازي مع الانفتاح السياسي الذي تشهده سوريا بعد التحرير.
وفي هذا السياق، أكد “المايسترو” عدنان فتح الله، أن الموسيقا السورية اليوم تتطلب استثمار هذا الانفتاح السياسي مع الدول العربية، أو تركيا أو دول أوروبا، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات أو مذكرات تفاهم باستقدام خبراء للتدريس في المعهد العالي للموسيقا، أو ورشات عمل تبادلية، لتعزيز واقع الموسيقا السورية.
وأيضًا يجب استثمار فتح حركتي الاستيراد والتصدير، عبر استيراد آلات موسيقية ومعدات موسيقية حديثة وجديدة، لفتح آفاق الحركة الموسيقية، وتأمين بيئة تدريسية مناسبة لطلاب المعهد.
ويرى أن الموسيقا ينبغي أن تكون حاضرة في المشاريع والمؤتمرات والمحطات الرئيسة التي تحدث، مثلًا أن تكون حاضرة ضمن معرض دمشق الدولي بدورته المقبلة، لأن سوريا تتمتع بأوركسترا جميع كادرها سوري صرف، عكس البلاد الأخرى، التي تحوي فرق الأوركسترا لديها عددًا قليلًا من أبناء البلد وبقيتهم من خارج الدولة، وهذا محط فخر لسوريا ولموسيقاها.
ومن ضمن المطالب أن تكون هناك شركات للإنتاج الموسيقي، أسوة بشركات الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، والتي بدورها توفر فرص عمل للمواهب وللخريجين، لاستثمار هذه الطاقات السورية، خاصة أن سوريا يوجد فيها عدد جيد من المؤلفين الموسيقيين الجيدين، والذين يحتاجون إلى هذه الشركات لتأمين بيئة مناسبة لأعمالهم، وعدم حصر أعمالهم بالتأليف الموسيقي للمسلسلات.
تحتاج الموسيقا السورية اليوم إلى شركات للإنتاج الموسيقي، أسوة بشركات الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، والتي بدورها توفر فرص عمل للمواهب وللخريجين.
عدنان فتح الله
عميد المعهد العالي للموسيقا
لا يزال يلاحَظ أن الموسيقا السورية حاضرة في تراثها، ويعمل العديد من الفنانين والمهتمين على الحفاظ على التراث الموسيقي وإحيائه من خلال المبادرات الفردية والجماعية، والأحداث الثقافية التي تحاول إعادة إحياء روح الموسيقا ونشرها من جديد، لضمان استمراريتها كجزء لا يتجزأ من الهوية السورية الغنية والمتنوعة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى