
اجتماع "الطاولة المستديرة التركي السوري" في أنقرة - 5 آب 2025 (الأناضول)
اجتماع "الطاولة المستديرة التركي السوري" في أنقرة - 5 آب 2025 (الأناضول)
وقّعت سوريا وتركيا أكثر من عشر مذكرات تفاهم وبروتوكولات تأسيسية بين مؤسسات رسمية وخاصة من الجانبين، شملت التوقيع على بروتوكول تأسيس اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، إلى جانب مذكرات تفاهم في مجالات الإدارة والتنمية، والنقل والجمارك.
جاء ذلك خلال زيارة أجراها وزير الاقتصاد والصناعة السوري، نضال الشعار، الثلاثاء 5 من آب، إلى العاصمة التركية أنقرة، التقى خلالها بوزير التجارة التركي، عمر بولات، ورئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية، رفعت حصارجيكلي أوغلو، ضمن “اجتماع الطاولة المستديرة التركي-السوري” الذي عُقد في مقر الاتحاد بأنقرة.
ونقلت وزارة التجارة التركية عن الشعار قوله، إن العلاقات بين أنقرة ودمشق قديمة ولا يمكن فصل البلدين بسبب موقعهما الجغرافي، وأضاف، “نريد أن يحتضن الاقتصاد الجميع من خلال الإنتاج المشترك مع تركيا، وتشغيل أسواقنا بشكل متكامل، والاستثمار المتبادل، ونرى في تركيا شريكًا استراتيجيًا”.
من جهته، قال وزير التجارة التركي، عمر بولات، إن وجود إدارة واقتصاد سوريين أقوياء ومرنين سيسهم في استقرار المنطقة بأسرها، وأضاف أن هذه الزيارة كانت بمثابة إشارة بالغة الأهمية نحو رؤية شراكة اقتصادية متينة.
وأشار بولات إلى أن العلاقات الاقتصادية بين سوريا وتركيا تسودها أجواء إيجابية في المرحلة الجديدة، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في غضون سبعة أشهر من العام الحالي 1.9 مليار دولار أمريكي، مقارنة بـ2.6 مليار دولار أمريكي خلال عام 2024.
وبحسب “التجارة التركية”، فإن هدف الاتفاقيات هو رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى خمسة مليارات دولار على المدى القصير.
حضر وزير التجارة التركي ووزير الاقتصاد والصناعة السوري حفل توقيع بروتوكول تأسيس “اللجنة الاقتصادية والتجارية التركية السورية المشتركة” (جيتكو) الذي أقيم في وزارة التجارة التركية، والتي ستُعقد اجتماعاتها قريبًا برئاسة وزيري اقتصاد البلدين، وتهدف إلى إدارة وتنسيق العلاقات الاقتصادية في جميع مجالاتها ووضع خرائط طريق مشتركة لمشاريع التعاون المقبلة.
وتمثل هذه اللجنة “إطارًا مؤسساتيًا شاملًا” لتطوير العلاقات الاقتصادية في مختلف القطاعات، من التجارة والصناعة إلى البنى التحتية والطاقة، بحسب وزارة التجارة التركية.
وقع الطرفان خلال الزيارة مذكرة تفاهم في مجال التنمية الإدارية، تهدف إلى “تعزيز البنية المؤسسية في سوريا، ورفع كفاءة الخدمات العامة”، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مشاريع البنية التحتية، وإعادة تأهيل الطرق والجسور وسكك الحديد، وفتح الباب أمام شركات المقاولات التركية للمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار باستخدام نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وصيغ “التمويل – البناء – التشغيل”، بحسب “التجارة التركية”.
وفي مجال الجمارك، أعلن وزير التجارة التركي، عمر بولات، عن نية البلدين تحسين المعابر الحدودية وتطوير آليات التعاون بين إدارات الجمارك، مشيرًا إلى أن الشاحنات التركية لن تكون مضطرة بعد الآن لتبديل المقطورات عند الحدود، ما يعني تسريع العمليات اللوجستية وتخفيض التكاليف.
وقال بولات “في الفترة المقبلة، ستصبح حلب قاعدة لوجستية قوية. وسيعاد تفعيل ممرات النقل في سوريا. لقد دخلنا مرحلة جديدة سيتم فيها استئناف إمكانيات النقل العابر (الترانزيت) إلى دول الخليج، وهي مرحلة ستجني فيها بلداننا مكاسب مشتركة من خلال مجالات التعاون”.
وطرح الجانب التركي مقترحًا للتفاوض على “اتفاق شراكة اقتصادية شاملة من الجيل الجديد” مع سوريا، بدلًا من اتفاق التجارة الحرة السابق الذي جُمد بعد عام 2011.
وأعلن الطرفان خلال الاجتماع عن إعادة تأسيس “مجلس الأعمال التركي – السوري” تحت مظلة مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية (DEIK)، ليكون منصة دائمة لربط رجال الأعمال من الجانبين وتبادل المقترحات الاستثمارية.
وتطرق بولات إلى مشروع الطاقة المشترك، مذكّرًا بتفعيل خط الغاز الطبيعي “كلس- حلب” بقدرة يومية تصل إلى 6 ملايين متر مكعب، ما قد يغطي احتياجات نحو 5 ملايين منزل.
وأشار إلى أن الخطوة المقبلة ستشمل مشاريع محطات كهرباء مشتركة، مؤكدًا أن التعاون في مجال الطاقة سيكون “نموذجًا يحتذى به عالميًا” من خلال مشاريع الطاقة ومحطات الكهرباء المشتركة التي سيتم تنفيذها في المستقبل.
واتفق الطرفان على إطلاق تعاون في مجال إعادة بناء القطاع الصناعي السوري، عبر دراسات تُنفذ في مناطق صناعية تركية متقدمة مثل المنطقة الصناعية في “جبزي” ومركز “MEXT ” للتكنولوجيا الذكية.
وستركز هذه الدراسات على نماذج التجمع الصناعي، والتعاون بين الجامعات والمصانع، وتطوير تقنيات الأتمتة والإدارة اللوجستية.
أستاذ التمويل والاقتصاد في جامعة “اسطنبول صباح الدين زعيم”، ورئيس الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي (إيفي)، الدكتور أشرف دوابة، قال لعنب بلدي، إن من الصعب الوصول إلى 5 مليارات دولار من التبادل التجاري في الأجل القصير (سنة تقريبًا).
وأضاف أن من الممكن تحقيق ذلك في الأجل المتوسط، أي من حوالي ثلاث إلى خمس سنوات.
ويعتقد دوابة أن فرص نجاح النموذج التركي في عملية إعادة إعمار سوريا يمكن أن تتحقق من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتفعيل نظام (BOT)، واعتبر أن الظروف الحالية في سوريا تصلح لمثل هذه الصيغ، ومن شأنها أن تخفف العبء عن الموازنة العامة للدولة.
ويرى أستاذ التمويل والاقتصاد أن سوريا وتركيا بطريقهما نحو نوع من التكامل الاقتصادي الذي من شأنه أن يعود بالنفع على الجانبين، ولا يمكن اعتباره هيمنة اقتصادية تركية على الاقتصاد السوري، بل هي شراكة اقتصادية قائمة على معيار المصالح المتبادلة والمتوازنة التي هي الأساس في التعامل.
جمّدت كل من سوريا وتركيا العمل باتفاقية التجارة الحرة في نهاية عام 2011 إثر توتر الأوضاع بين البلدين على خلفية الثورة السورية.
جرى توقيع الاتفاقية في عام 2004، ودخلت حيز التنفيذ في عام 2007، وأدّت الاتفاقية إلى رفع حجم التبادل التجاري سنويًا بحدود 30%، ووصل عام 2010 إلى مليارين و272 مليون دولار، مقارنة مع العام 2009، الذي وصل إلى مليار و700 مليون دولار.
ونمت الصادرات السورية إلى تركيا بنسبة 100%، لا سيما بعد إلغاء التأشيرات بين البلدين، الأمر الذي سهّل عملية الانتقال للأفراد والسلع.
وهدفت الاتفاقية حينها إلى تعزيز التبادل التجاري وإزالة الحواجز الجمركية بين البلدين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى