مزارع ينتظر تسلم الدفعة الثانية من ثمن موسم القمح عبر أحد وكلاء "شام كاش" في رأس العين - 30 تموز 2025 (عنب بلدي)
اقتطاعات تصل إلى 10 %
مزارعو رأس العين في مواجهة “شام كاش”
عنب بلدي – رأس العين
تتزايد شكاوى سكان مدينتي رأس العين وتل أبيض، شمال شرقي سوريا، من خصم مالي وصف بـ”غير القانوني”، تفرضه محال الصرافة والحوالات التي تعمل كوكلاء لتطبيق “شام كاش”، حيث يُقتطع بين 8 و10% من قيمة الفاتورة عند صرف الأموال، وسط غياب تام لأي توضيح رسمي من الشركة أو الجهات الرقابية المحلية.
ويعتمد المئات من أبناء المنطقتين على تطبيق “شام كاش” في تسلم مستحقاتهم المالية، خصوصًا بعد تسويق محاصيلهم الزراعية هذا الموسم، ما جعل هذا الخصم موضع استياء واسع، خاصة أن الموسم الحالي كان ضعيفًا من حيث الإنتاج وعدم استقبال كامل المحصول.
واعتبر مزارعون في رأس العين أن محال الصرافة والحوالات أصبحت شريكًا “غير مرحّب به” في موسمهم الزراعي.
الصرّاف شريك
لم تنتج أرض أبي الطابي، من مدينة تل أبيض، التي تبلغ مساحتها 120 دونمًا (يعادل الدونم الواحد 1000 متر مربع)، سوى 150 كيلوغرامًا من القمح للدونم الواحد فقط، ما شكل صدمة له بعد موسم زراعي مرهق.
وعند تسلم الدفعة الأولى من مستحقاته عبر تطبيق “شام كاش”، والتي بلغت قيمتها 1620 دولارًا، فوجئ بحسم 130 دولارًا أمريكيًا كعمولة على الحوالة من قبل الصراف، أي ما يعادل حوالي 8% من المبلغ.
وأوضح، لعنب بلدي، أن هذا الحسم كبير بالنسبة للمزارعين، خاصة أنه سيُحسم عند كل دفعة لاحقة، ما يعني تكرار الاستغلال مع كل تحويل مالي.
وأشار إلى أن من واجب الشركة المانحة تفعيل مراكز رسمية لصرف الأموال داخل مدينة تل أبيض، وإبعاد الملف عن أيدي الصرّافين الذين يستغلون حاجة الفلاحين.
من جانبه، المزارع عمار الصبحاني، من قرية تل ذياب شرقي مدينة رأس العين، قال لعب بلدي، إن موسم القمح هذا العام كان ضعيفًا، إذ لم يتجاوز إنتاج أرضه، التي تبلغ مساحتها 50 دونمًا، أكثر من 200 كيلوغرام للدونم الواحد.
وأوضح أن القيمة الإجمالية لمحصوله بلغت 4500 دولار أمريكي، استنادًا إلى التسعيرة المدعومة من الحكومة السورية، التي حددت سعر الطن الواحد بـ450 دولارًا.
وأضاف أنه تسلم دفعتين من أصل أربع دفعات عبر محل صرافة معتمد من تطبيق “شام كاش”، بقيمة 2250 دولارًا، لكن الصراف حسم منها 200 دولار، أي ما يعادل 8.9% من المبلغ.
واعتبر أن هذا الحسم مرتفع جدًا، خصوصًا بالمقارنة مع الداخل السوري، حيث تُصرف الحوالات من مراكز رسمية وبعمولات لا تتجاوز 1%.
ويرى أن محال الصرافة في رأس العين باتت بمثابة “شريك في الموسم الزراعي”، معتبرًا أن فرض مثل هذه الحسومات في مدينة محاصَرة كمدينة رأس العين “يمثل استغلالًا واضحًا يصل إلى حد النصب”، على حد وصفه.
طلبات معلّقة
سبّب تطبيق “شام كاش” مشكلات للمزارعين في رأس العين وتل أبيض، بسبب عدم توافقه مع الخطوط التركية وتعطل الشبكات السورية في المنطقة، ما أدى إلى تأخر وصول الدفعات المالية للمحصول نتيجة مشكلات فنية في التطبيق.
رئيس تجمع المزارعين في تل أبيض ورأس العين، كرم الجبيل، قال لعنب بلدي، إن “محال الحوالات أظهرت جشعًا غير طبيعي”، إذ حسمت بين 8 و10% من قيمة الحوالة، وهو ما يفوق قدرة المزارعين، خصوصًا في ظل الموسم الزراعي الخاسر.
وأوضح أن المزارعين واجهوا منذ البداية مشكلات عديدة مع تطبيق “شام كاش”، أبرزها صعوبة تفعيله في تل أبيض ورأس العين، نتيجة غياب الشبكة السورية، ما تسبب بتأخر الفواتير وظهور مشكلات فنية متعددة.
وأضاف أنهم طالبوا مؤسسات الحبوب بتسليم المبالغ يدويًا أو عبر شركة “PTT” (البريد التركي) للحوالات المالية الموجودة في المنطقتين، إلا أن الطلب لم يتم الرد عليه.
وأشار إلى أن انقطاع التواصل مع دمشق “جعل المزارعين فريسة” لمحال الحوالات، التي تستغل غياب الرقابة لتحقيق أرباح على حسابهم.
تطبيق “شام كاش” هو منصة إلكترونية للمعاملات المالية، تعتمدها الحكومة السورية لدفع بعض الرواتب والمستحقات، كبديل عن البنوك التقليدية.
ويرى مختصون، قابلتهم عنب بلدي في تقرير سابق، أن الاعتماد على “شام كاش” في ملفات حساسة كصرف مستحقات القمح، يتطلب وضوحًا أكبر في آليات التنفيذ، وضمان حقوق المزارعين، تفاديًا لتحول المشروع الرقمي إلى عبء إضافي بدل أن يكون وسيلة تسهيل.
تأخر تسليم المستحقات
أربك تأخر تسليم المستحقات لأكثر من 45 يومًا مزارعي رأس العين وتل أبيض، حيث كانوا يعولون على هذه العائدات لتغطية نفقاتهم اليومية وتعويض خسائرهم في موسم ضعيف الإنتاج ومرتفع التكاليف.
مسؤول بمؤسسة الحبوب في رأس العين، قال لعنب بلدي، إن مشكلة تطبيق “شام كاش” بدأت منذ انطلاقته، بسبب الإجراءات المعقدة وغير السهلة بالنسبة للمزارعين، من تسجيل البيانات والبصمة، إلى إنشاء أرقام سرية جديدة للأهالي.
وأوضح المسؤول الذي تحفظ على نشر اسمه، لأنه غير مخول بالتصريح، أن المشكلة الكبرى كانت في تأخر تسلم المزارعين مستحقاتهم المالية، والتي تأخرت لنحو 45 يومًا، نتيجة مشكلات في التطبيق وعدم عمله بشكل جيد في المنطقة التي تعتمد على الشبكة التركية بالدرجة الأولى.
وأضاف أن المزارعين وقعوا ضحية لمحال الصرافة والحوالات، حيث استغل أصحابها عملية تسليم الأموال، وحسموا بين 8 و10% من المبلغ الإجمالي، ما زاد من الضغوط المالية عليهم.
وأشار إلى أنه كان من الأفضل تسليم الأموال عبر مؤسسة الحبوب، لتفادي هذه الخسائر والتخفيف من الأعباء على المزارعين.
ويعد محصول القمح أهم المحاصيل التي يزرعها فلاحو رأس العين وتل أبيض بالإضافة إلى محصول الشعير، ويشكلان مصدر الدخل الرئيس لسكان المنطقة الذين يعتمدون في معيشتهم بالدرجة الأولى على الزراعة.
تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليهما فصائل “الجيش الوطني السوري” (انضمت لوزارة الدفاع في الحكومة السورية) المدعوم من تركيا منذ عملية ما يعرف بـ”نبع السلام” عام 2019.
تحيط بهما جبهات قتال باردة مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذهما الوحيد نحو الخارج.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :