تحديات تواجه افتتاح النافذة الواحدة في مديرية الشركات بدمشق - 4 آب 2025 (عنب بلدي/ مارينا مرهج)
مراجعون ينتقدون “النافذة الواحدة” لمديرية الشركات.. وعود بالتنظيم
افتتحت وزارة الاقتصاد والصناعة مديرية الشركات في الإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق، في 31 من تموز الماضي، لتطبيق مبدأ النافذة الواحدة، الذي يهدف إلى جمع معظم الخدمات المرتبطة بتأسيس الشركات وتعديل أوضاعها في مكان واحد، والقضاء على الروتين والازدحام وتأخير إجراء المعاملات.
عنب بلدي زارت الصالة في أسبوعها الأول عقب الافتتاح، والتقت عددًا من المراجعين (غالبيتهم من فئة المحامين أو العاملين في مكاتب محاماة والمكلفين بإنجاز المعاملات بدلًا من أصحابها) والمعنيين في المديرية.
ورصدت عنب بلدي تباينًا في ردود الفعل، بين من أشاد بوضوح الإجراءات ومرونة التعامل، ومن انتقد طول فترة الانتظار، والنقص في الكوادر والمعدات، وطبيعة النظام الجديد الذي يُلزم المراجع بحجز دور منفصل لكل خطوة من معاملته.
بيئة مريحة.. تأخير وسوء تنسيق
تأتي خطوة افتتاح النافذة الواحدة في مديرية الشركات بهدف تقليل التنقل بين الدوائر وتسهيل إجراءات تأسيس الشركات وتعديل أوضاعها، لكن هذه الخطوة سرعان ما وجدت نفسها بمواجهة تحدي التوفيق بين النظام الجديد وواقع الضغط اليومي للمراجعين.
وترى هلا كاشف، التي جاءت لتجديد سجلها التجاري القديم، بالإضافة إلى تأسيس شركة جديدة، أن الخدمات في الصالة “سريعة”، وأن نظام الدور يساعد في تسريع العمل، إلا أنها بعد ساعتين من رأيها الأول أوضحت لعنب بلدي، أنها ما زالت تنتظر دورها، وأن العملية أصبحت متعبة بالنسبة لها.
يعمل فراس فيومي سكرتيرًا في مكتب محاماة، وجاء إلى الصالة لينجز معاملة تأسيس شركة فردية لأحد الموكلين، اعتبر أن الصالة الجديدة “خطوة لألف ميل” نحو التخلص من الروتين، إذ بات معظم ما يلزم يُنجز في مكان واحد بدلًا من الجولات المرهقة بين المكاتب، وكحال المراجعة هلا كاشف، توقفت معاملة فراس بعد الوصول إلى دوره نتيجة غياب الموظف المعني بتدقيقها عن مكتبه وانشغاله بعمل آخر ضمن الإدارة.
ولا يختلف ما حصل مع فراس عن المحامي حازم درغام، “بالرغم من وجود عدد من الموظفين داخل كل قسم، فإن عمل القسم الأساسي يقوم على شخص واحد، وهذا ما يعطل العمل”.
ويضطر درغام اليوم لإلغاء ارتباطاته الأخرى المترتبة عليه، من مرافعات وقضايا، عندما يكون لديه إنجاز معاملة داخل قسم الشركات، إذ يتطلب ذلك منه التفرغ الكامل وانتظار دوره.
وبعد سنتين من الخوض في الإجراءات الروتينية، والتنقل بين المديريات الرسمية، عبّر عبد الكريم عوض عن سعادته بافتتاح النافذة الواحدة وجمع عدة مديريات داخلها، لتختصر المسافات على المراجعين، إذ لم يعد المراجع مضطرًا للذهاب إلى أماكن متفرقة لدفع الرسوم أو استكمال الأوراق، آملًا أن تنهي هذه الخطوة معاناته، ويستطيع إنشاء شركته الخاصة في سوريا.
وانتقد المحامي محمد صياح وهبة سوء تنسيق الدور، إذ إن المراجع قد يُحول إلى موظف آخر غير المعني بمعاملته، كما أنه لا يمكن إنجاز معاملتين معًا، بل يجب إنهاء الأولى قبل البدء بالثانية، بالإضافة إلى غياب تجهيزات أساسية مثل الطابعات والناسخات داخل المبنى، ما يجبر المراجعين على الخروج لمسافات بعيدة لعمليات بسيطة كتصوير الأوراق.
وتعتقد المحامية، نورا البقاعي، أن النقص في عدد الموظفين سبب رئيس في إطالة زمن الدور، خاصة في قسم الصندوق، وقد يضطر المراجع لانتظار ساعات حتى يسمح له بدفع الإيصال، وهناك من يكون لديه عدد من الإيصالات أو أن مبلغ الإيصال كبير، واقترحت أن يترافق هذا التطور بزيادة الكادر الوظيفي لتحقيق الغاية المرجوة منه.
وأشاد كل من التقتهم عنب بلدي ضمن الصالة ببيئة الصالة المتناسبة مع ساعات الانتظار من حيث التكييف والمقاعد المتوزعة، ومرونة الموظفين والإدارة من حيث التعامل مع المراجعين وتسهيل الإجراءات، وخلال وجود مراسلة عنب بلدي في الصالة، رصدت وجود مدير مديرية الشركات، محمد أنس، بين الموظفين ضمن أقسام الصالة يحاول مساعدة المراجعين في حل بعض الإشكاليات العالقة.
فترة تجريبية.. عمل لتلافي الإشكاليات
نقلت عنب بلدي آراء المراجعين وشكواهم إلى المعنيين ضمن مديرية الشركات، وكشف رئيس دائرة الشركات في المركز، مصطفى إسماعيل، أن الخدمات التي تقدمها المديرية لم تُعدل من حيث نوعها، وإنما تم جمعها بالتعاون مع الجهات الأخرى المعنية بتأسيس الشركات، كالمالية والسجل التجاري في مكان واحد، لتكون أكثر تنظيمًا.
ولفت إلى أن هناك مساعي لضم جهات أخرى، كالداخلية من أجل الحصول على ورقة “لا حكم عليه”، ووزارة الإعلام ونشر القرارات في الجريدة الرسمية.
وبيّن إسماعيل أنه بالرغم من وضوح الهدف، فإن النظام الجديد ما زال ضمن مرحلته التجريبية، وغيّر من أسلوب العمل المعتاد، إذ لم يعد المراجع يجلس أمام موظف محدد حتى ينهي معاملته، إذ صار الآن ينتقل بخطوات متتالية، ولكل خطوة دور منفصل، هذا التغيير، جعل بعض المراجعين يشعرون أن الإجراءات تستغرق وقتًا أطول، رغم أنها في الواقع أكثر انضباطًا.
ويتم العمل حاليًا من قبل المعنيين على تلافي الإشكاليات وتنظيم العمل ليصبح أكثر مرونة وسلاسة، إذ يتم مراجعة أخطاء النظام باستمرار، ورفع الملاحظات في الاجتماعات لتعديل الإجراءات مباشرة إذا لزم الأمر، مشيرًا إلى أن الأمر يحتاج إلى وقت حتى يعتاد عليه الجميع، سواء من الموظفين أو المراجعين.
ويصل عدد المراجعين لمديرية الشركات بين 200 و300 مراجع يوميًا.
خطة لأتمتة الخدمات
مدير مديرية الشركات، محمد أنس، قال، لعنب بلدي، إن نجاح التجربة يعتمد على تعاون المراجعين مع الموظفين، فالصالة افتُتحت قبل اكتمال جميع الخدمات، وأنها في مرحلة “التشغيل التجريبي”، ما يجعل الملاحظات الحالية متوقعة وهي تحتاج إلى تعديل أو تطوير.
وحول المدة الزمنية لإكمال جميع الخدمات ضمن الصالة، بيّن أن أن هناك رغبة لإتمامها بأسرع وقت، إلا أن ظروف سوريا في الوقت الحالي، تقف عائقًا أمامهم، خاصة أن العمل بدأ من الصفر.
وأضاف أنه في حال اكتملت التجهيزات وكان المراجع حاصلًا على جميع موافقاته، فمن المفترض أن تُنجز معاملته خلال ساعتين تقريبًا، لكن في حال وجود نواقص أو موافقات تحتاج إلى وقت، قد تمتد المدة ليوم أو أكثر.
وكشف عن وجود خطط لدى الوزارة لإضافة لوحات إرشادية تساعد المراجعين في إجراء معاملاتهم بشكل أسرع ومنع النقص في الأوراق، من خلال “بروشورات” يمكن الحصول عليها من قسم الاستعلامات، بالإضافة إلى أنه يتم العمل على أتمتة الخدمات جميعها وتفعيل خدمة التسجيل الإلكتروني دون تحمل عناء القدوم إلى المديرية.
وتضع الوزارة أتمتة الخدمات على رأس أولوياتها، بما يسمح بإنجاز معظم المعاملات عن بُعد، إذ لا يضطر المراجع للقدوم والمراجعة بشكل شخصي إلا في الحالات الطارئة، ووفقًا لأنس، فليس هناك خطة حالية للتوسع بتجربة النافذة الواحدة في المحافظات الأخرى قبل الانتهاء من خطوة التسجيل الإلكتروني.
وتعد افتتاح صالة مديرية الشركات خطوة تحاول الجمع بين التنظيم الإداري وتوفير الوقت على المراجعين، لكنها تواجه تحديات في التنفيذ، من نقص الكوادر والمعدات إلى إرباك الدور الجديد الذي يتطلب حجزًا منفصلًا لكل إجراء، وبينما تعِد الإدارة بأن هذه المشكلات مؤقتة وستتلاشى مع استكمال الدمج والأتمتة، يبقى نجاح التجربة مرهونًا بمدى قدرة النظام الجديد على التكيف مع واقع الضغط اليومي، وتحويل وعود التسهيل إلى إنجاز ملموس يلمسه المواطن.
واقع الاستثمار في سوريا.. قراءة صادقة في ظل التحديات الكبيرة
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :