ضربة الشمس.. أخطر تأثيرات الطقس الحار على صحتنا
د. أكرم خولاني
نتحدث في مثل هذه الأيام من كل عام عن ضربة الشمس لما لهذه الحالة من خطورة، إذ يموت آلاف الأشخاص حول العالم كل صيف بسبب الحر الشديد، وتزداد نسب الإصابة في الظروف المعيشية السيئة كما هو الحال في معظم المناطق السورية حاليًا، حيث لا تتوفر الكهرباء بشكل مستمر لتشغيل المراوح والثلاجات والمكيفات، ولذلك لا بد من معرفة الأعراض التي تشير إلى الإصابة بضربة الشمس، وطرق الإسعاف الأولي التي يجب القيام بها عند الاشتباه بالإصابة.
ما المقصود بضربة الشمس؟
ضربة الشمس (Sunstroke) أو “Heatstroke”، هي حالة طبية طارئة تحدث عندما تزيد درجة حرارة الجسم الأساسية على 40 درجة مئوية (104 درجة فهرنهايت) نتيجة فشل آلية تنظيم الحرارة في الجسم عند التعرض المباشر لحرارة الشمس المرتفعة لفترة طويلة، أو حتى الوجود في جو مرتفع الحرارة لأكثر من 40 درجة مئوية مع رطوبة عالية، إذ يتوقف تدفق الدم إلى الجلد، وهذا يؤدي إلى عدم إفراز العرق الذي يلطف حرارة الجسم، وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الجسم بسرعة، فإذا ما ارتفعت درجة حرارة الجسم لتصل إلى 39-40 درجة مئوية فإن الدماغ يقوم بإرسال إشارات إلى العضلات حتى تبطئ من حركتها، وهو ما يجعل المرء يبدأ بالشعور بالإعياء، وعند ارتفاع درجة حرارة الجسم لتتراوح ما بين 40 و41 درجة مئوية فإنه يصاب بالإنهاك الحراري، وإذا ما ارتفعت الحرارة عن 41 درجة يبدأ ذلك الارتفاع في درجة الحرارة بالتأثير على العمليات الكيماوية داخل الجسم، وتبدأ الخلايا داخل الجسم بالتدهور، وهذا يؤدي إلى فشل مؤقت أو دائم في عمل الأجهزة الحيوية كالقلب والرئتين والكبد والكليتين والعضلات والدماغ، وقد تنتهي الحالة بالوفاة.
وكما ذكرنا فإنه ليس بالضرورة أن يكون هناك تعرض لأشعة الشمس المباشرة للإصابة بضربة الشمس، بل يمكن أن تحدث نتيجة العمل بظروف غير ملائمة من الحرارة والرطوبة، ولذلك هناك نوعان من ضربة الشمس:
- ضربة الشمس الجهدية: هذه حالة ترتفع فيها درجة حرارة الجسم الأساسية نتيجة الأنشطة البدنية القوية في الظروف الحارة، ويمكن أن تحدث ضربة الشمس الجهدية لأي شخص يمارس الرياضة أو يعمل في الطقس الحار، ولكن من المرجح أن تحدث عند الأفراد الذين لا يتأقلمون مع درجات الحرارة المرتفعة.
- ضربة الشمس غير الجهدية: يتطور هذا النوع من ضربة الشمس عند التعرض لطقس حار ورطب لفترة طويلة، وهو منتشر لدى الأشخاص الأكبر سنًا والذين يعانون من أمراض مزمنة.
هل هناك عوامل خطورة تزيد من احتمال الإصابة؟
نعم، أخطر ما تكون الإصابة عند المسنين وصغار الأطفال، ومما يزيد من احتمال حدوثها:
- طرفا العمر، كبار السن أو صغار السن جدًا.
- البدانة.
- الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل مرضى القلب، ارتفاع ضغط الدم، مرضى الكلى والكبد.
- استخدام بعض الأدوية، مثل مدرات البول، وحبوب الحساسية (مضادات الهيستامين)، والمهدئات، ومضادات الاكتئاب، والمنشطات كالأمفيتامين والكوكايين.
- بعض الظروف المعيشية، كسوء التهوية في المنزل، وارتفاع الرطوبة، والعمل في أجواء حارة ومغلقة.
- بذل الجهد في الطقس الحار، كالعمل الشاق أو ممارسة كرة القدم أو أي رياضة لساعات طويلة في الطقس الحار.
- بعض التصرفات الخاطئة، كالتعرض المفاجئ للطقس الحار، ووضع الزيوت والمواد الحافظة على الجلد مما يمنع التعرق، ولبس الملابس الضيقة وغير الصحية.
ما أعراض وعلامات الإصابة؟
قد تتطور الأعراض خلال ساعات، فيلاحظ عند المصاب ارتفاع حاد بدرجة حرارة جسمه (40 درجة مئوية أو أعلى)، وعدم تعرق، فيكون الجلد حارًا وجافًا عند لمسه ومائلًا للاحمرار (في ضربة الشمس الجهدية قد يكون الجلد رطبًا)، مع صداع ودوار، وغثيان وقيء، وزيادة سرعة التنفس، وتسارع ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم في البداية ثم انخفاضه في المراحل المتقدمة، وعندها يحدث إعياء شديد، وهلوسة، وصعوبة الكلام وعدم فهم ما يقوله الآخرون، أخيرًا، قد يحدث إغماء وتضيق حدقات العينين وتشنج العضلات، وقد تؤدي الحالات الخطيرة وغير المعالجة إلى الوفاة.
وعادة ما تتطور الحالة وفق التسلسل المذكور، إلا أنه من الممكن أن تبدأ الإصابة بسقوط مفاجئ مع فقدان للوعي وسرعة وعمق في التنفس، بالإضافة إلى بقية الأعراض التي ذكرناها.
كيف يتم إسعاف وعلاج المصاب؟
في حال إحساس الشخص بأعراض تشير إلى احتمال الإصابة بضربة شمس يجب عليه اتخاذ تدابير فورية، كالذهاب إلى مكان مكيف أو مظلل، ورش الجسم بالماء البارد، وشرب السوائل غير السكرية أو الحاوية على الكحول أو الكافيين، مع الانتباه لتجنب السوائل شديدة البرودة، وبهذا يمكن منع تطور الحالة.
ولكن في حال كانت الإصابة شديدة فيجب على المرافقين طلب سيارة الإسعاف لنقل المصاب إلى المستشفى، وفي هذه الأثناء يجب البدء بالإسعاف الأولي وفق الخطوات التالية:
- يبدأ الإسعاف الأولي بإبعاد المصاب عن أشعة الشمس والجو الحار ووضعه في مكان مظلل أو مكيف، والانتباه لإبقائه مستلقيا على ظهره مع رفع الرأس والكتفين قليلًا.
- ثم يتم تبريد جسم المصاب من خلال إزالة الملابس غير الضرورية، واستخدام كمادات ماء بارد لتبريد الرأس والأطراف وتحت الإبطين وبين الفخذين، كذلك لف الجسم بقطعة قماش مبللة بالماء البارد، أو صب الماء على الجسم، ويمكن تغطيس الطفل في حوض ماء بارد بدرجة حرارة 15 مئوية مع تجنب استخدام الثلج خشية أن يسبب تقلص الأوعية الدموية مما يسيء للحالة.
- يفضل تعريض الجسم لمصدر هوائي أو مروحة حتى يتبخر الماء بسرعة مما يخفض من حرارة الجسم.
- إذا كان المصاب واعيًا فيجب إعطاؤه ماء أو مشروبًا مثلجًا لشربه، مع ضرورة تجنب المشروبات الساخنة أو المنبهة.
- يجب الاستمرار بتبريد جسم المصاب في أثناء نقله إلى المستشفى، مع الانتباه إلى قياس درجة حرارة الجسم بشكل متكرر خلال الإسعاف، ويجب التوقف عن تبريد الجسم في حال هبطت حرارته إلى ما دون 38 مئوية.
- وعند الوصول إلى المستشفى يتم إعطاء السوائل عن طريق الوريد ومراقبة العلامات الحيوية، وقد يصف الطبيب الأدوية التي تقلل من الارتعاش (الارتجاف)، إذ إن عملية التبريد تسبب الارتعاش الذي يزيد حرارة الجسم ويجعل العلاجات المستخدمة أقل فعالية.
عندما يتم علاج ضربة الشمس بسرعة فإن أعراض الإنهاك الحراري تزول خلال 30 دقيقة، ولكن عندما تحتاج الحالة إلى دخول المستشفى فعادة ما يستغرق التعافي الأولي يومًا إلى يومين في المستشفى، وقد تمتد مدة ضربة الشمس وتأثيرها على الجسم فترة أطول إذا حدث تضرر للأعضاء الداخلية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :