المرضى يدفعون فاتورة غياب الرنين المغناطيسي في حلب

camera iconجهاز طبقي محوري معطل في مشفى حلب الجامعي- 28 آذار 2025 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

يواجه المرضى في مدينة حلب معضلة صحية متفاقمة نتيجة غياب أجهزة الرنين المغناطيسي عن المستشفيات الحكومية، ما يدفعهم إلى الاعتماد على المراكز الخاصة التي تحدد تكلفة الفحص بين مليون ومليون ونصف مليون ليرة سورية (من 100 إلى 150 دولارًا أمريكيًا تقريبًا).

هذه الكلفة المرتفعة تجعل الخدمة بعيدة المنال عن شريحة واسعة من السكان، خصوصًا في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

مروة مصري، من سكان حي الميريديان، كانت بحاجة إلى إجراء فحص رنين مغناطيسي لابنتها البالغة من العمر عامًا واحدًا لمشاكل في الدماغ، لكنها اضطرت إلى تأجيله بسبب التكلفة المرتفعة.

ووجدت أن السعر المطروح في المراكز الخاصة يتجاوز قدرتها المالية، وهو ما جعلها تدخل في حالة من القلق المستمر على صحة طفلتها مع مرور الوقت من دون تشخيص واضح.

تكلفة تزيد من ثقل الأمراض

يزن العبد الله (45 عامًا)، من سكان “العيس” بريف حلب الجنوبي، واجه أيضًا وضعًا مشابهًا، إذ احتاج إلى فحص طبي عاجل، لكن ارتفاع التكلفة جعله مضطرًا لتأجيل الإجراء، ما تركه أمام شعور بأن صحته مؤجلة على “رف الانتظار”، بحسب تعبيره.

بالنسبة لعبد لله، لم يكن العائق ماليًا فقط، بل إن التنقل والسفر شكّل ضغطًا نفسيًا إضافيًا عليه خاصة أنه يعاني من آلام في المفاصل والعمود الفقري.

الصعوبات لا تتوقف عند حدود التكاليف المالية، بل تمتد إلى الوقت والجهد اللازمين للوصول إلى المراكز الخاصة.

كثير من المرضى يضطرون لقطع مسافات طويلة من أرياف حلب أو أحيائها الطرفية للوصول إلى أقرب مركز تتوفر فيه الخدمة.

في المقابل، ذكر رضوان بصمجي (50 عامًا)، أحد سكان حي الجابرية، أنه اضطر إلى دفع مليون ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 100 دولار أمريكي، لإجراء فحص رنين مغناطيسي بسبب مشكلة في القلب.

ورغم أن المبلغ شكل عبئًا ماليًا كبيرًا على أسرته، لم يجد خيارًا آخر سوى اللجوء إلى المركز الخاص، نظرًا لغياب الأجهزة عن المستشفيات الحكومية وعدم إمكانية تأجيل الفحص المرتبط بحالته الصحية.

“لا خطط حالية”

مدير الصحة في حلب، محمد وجيه جمعة، أوضح لعنب بلدي أنه لا توجد خطط حالية لتزويد المستشفيات الحكومية بأجهزة رنين مغناطيسي، إذ لا توجد عقود جاهزة لدى وزارة الصحة في هذا المجال.

وبرر التأخير في توفير الأجهزة بالعقوبات التي فرضت في السنوات الماضية، والتأخر في رفعها، ما انعكس سلبًا على قدرة الوزارة في التعاقد مع شركات توريد الأجهزة الطبية.

وأشار جمعة إلى عدم وجود أي شراكات أو اتفاقيات مع القطاع الخاص لتسهيل وصول المرضى إلى الفحوصات بأسعار مخفضة.

وفيما يتعلق بالصيانة، أوضح أن ما يجري حاليًا يقتصر على معالجة الأعطال البسيطة التي ترتبط بملحقات الأجهزة.

بينما لا توجد عقود صيانة رسمية مبرمة مع الشركات الموردة، وهو ما يعني أن الأجهزة التي تعطلت بشكل كامل لم يعد من الممكن إعادة تشغيلها.

نقص مستمر

تعاني مستشفيات حلب الحكومية منذ سنوات من نقص حاد في الأجهزة الطبية الحديثة، نتيجة ما تعرضت له البنية التحتية الصحية من تدمير وإهمال خلال الحرب، إلى جانب ضعف المخصصات المالية الموجهة لقطاع الصحة.

ورغم محاولات إعادة تأهيل بعض المراكز والمستشفيات، إلا أن تجهيزها بقي محدودًا مقارنة بحجم الطلب المتزايد من سكان المدينة وريفها.

غياب أجهزة الرنين المغناطيسي يضاف إلى قائمة طويلة من النواقص تشمل تعطل أجهزة الأشعة، ونقص الأدوية النوعية، وعدم كفاية الكوادر الطبية المتخصصة.

هذه التحديات تجعل المرضى أمام خيار اللجوء إلى القطاع الخاص بأسعاره المرتفعة، أو الاستغناء عن الفحوصات الضرورية وتأجيل العلاج، ما يؤدي في كثير من الحالات إلى تفاقم الوضع الصحي.

وكان مدير مستشفى حلب الجامعي، الدكتور إبراهيم أسعد، صرح لعنب بلدي، أن المستشفيات تعاني من نقص في توريد المعدات والأجهزة الطبية، التي تعود في معظمها إلى أكثر من 15 عامًا دون تحديث، ما يجعلها غير مواكبة للتطورات الطبية الحديثة.

وفي هذا السياق، أوضح الطبيب عمر هلالي، المقيم في السنة الثالثة بقسم الأشعة في مشفى الجامعة، أن الأجهزة تعاني من تآكل شديد، على اعتبار مضي زمن طويل عليها وتحتاج إلى صيانة عاجلة.

وتطرق إلى الإهمال الإداري في صيانة الأجهزة خلال عهد الإدارات السابقة، إلى جانب المشكلات المرتبطة بسوء التمويل، وضعف التنظيم، وانتشار الفساد، ما أسهم في تفاقم أزمة القطاع الإشعاعي داخل المستشفى.

خطط لمعالجة نقص المعدات والكادر بمستشفى “حلب الجامعي”

 



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة