
سيارة تحمل مواد بناء على طريق بلدة المعرّة - 25 نيسان 2025 (عنب بلدي/ أحمد صادق)
سيارة تحمل مواد بناء على طريق بلدة المعرّة - 25 نيسان 2025 (عنب بلدي/ أحمد صادق)
عنب بلدي – سندريلا البلعة
في حين يتكرر الحديث عن أزمة سكن جراء تعرض مئات آلاف المنازل للتدمير الكلي أو الجزئي خلال 14 عامًا مضت، تبرز الحاجة إلى مواد البناء، مع عودة مئات الآلاف من النازحين واللاجئين للاستقرار في مناطقهم.
وتلعب أسعار تلك المواد دورًا في حركة الترميم، أو تشييد المساكن، في حين لا تتضح طبيعة مرحلة إعادة الإعمار التي تتحدث عنها الحكومة ومؤسساتها ومنظمات وأطراف دولية.
بداية موسم الصيف، الذي يُعد عادة فترة نشطة لحركة البناء، شهدت السوق السورية انخفاضًا ملحوظًا في أسعار المواد الأساسية، ما انعكس مباشرة على وتيرة العمران، ونشط حركة البناء بشكل نسبي، وفقًا للمناطق والإمكانيات.
الانخفاض النسبي في أسعار الحديد والأسمنت خلال الأشهر الماضية، شجّع كثيرًا من العائلات على استئناف أعمال الترميم أو البدء ببناء منازلهم بعد توقف دام سنوات، بحسب المقاول علي عليا، الذي يعمل في ريف دمشق.
من وجهة نظر المقاولين، يعد انخفاض أسعار مواد البناء فرصة لتحريك السوق بعد سنوات من الركود.
قال المقاول عليا لعنب بلدي، “كنا نعتمد فقط على عدد محدود من الورشات النشطة، أغلبها لمنازل قيد الإنجاز منذ سنوات، أما اليوم، ومع تراجع الأسعار بنسبة تقارب 20 إلى 30% لبعض المواد، بدأنا نتلقى طلبات جديدة بشكل أسبوعي تقريبًا”.
لكن عليا لا يخفي تخوفه من أن يكون هذا الانخفاض مؤقتًا، ومرهونًا بتغيرات سعر الصرف أو قرارات حكومية مفاجئة، ما يجعل العديد من الزبائن يترددون رغم الحاجة الفعلية للبناء.
ويرى أن السوق غير مستقرة، وأي تقلب بالليرة أو تغيير في الضرائب “قد ينسف هذه الطفرة البسيطة، نحن نأمل أن تستقر الأسعار لنكمل العمل بشكل متواصل”.
في السابق، كان كثير من الأهالي يكتفون بترميم الضروريات فقط، لأن تكلفة المتر المربع كانت مرهقة، لكن اليوم ومع انخفاض أسعار الحديد والأسمنت، “بتنا نشهد طلبًا أكبر على التصاميم الإنشائية والمخططات الهندسية، حتى في المناطق الريفية”، بحسب ما قاله المهندس المدني رامي عطية، لعنب بلدي.
يرى عطية أن انخفاض أسعار مواد البناء أسهم في تحريك عجلة العمران بالأحياء المتضررة أو التي كانت مشاريعها متوقفة لأسباب مادية.
وتابع أن الانخفاض الواضح في أسعار الحديد والأسمنت، شكّل نقطة تحول في واقع العمران بعدد من المناطق السورية، فبعد سنوات من الجمود والتأجيل، عادت بعض المشاريع السكنية للتنفيذ، وبدأ أصحاب المنازل المتضررة بإعادة التفكير بجدية في الترميم أو البناء من جديد.
ورصدت عنب بلدي فارقًا في الأسعار الحالية قياسًا بما كانت عليه قبل أشهر، فسعر طن الحديد كان يتجاوز 1000 دولار في آب 2024، وانخفض إلى نحو 600 دولار حاليًا، كما انخفض سعر طن الأسمنت المحلي إلى 120 دولارًا من نحو 140 دولارًا نهاية 2024.
انخفاض أسعار مواد البناء يجعل تكلفة المتر المربع أرخص، ويشكل دافعًا مباشرًا لإحياء مشاريع مؤجلة، وفق المهندس المدني رامي عطية.
وأشار المهندس إلى أن التراجع في الأسعار ترافق مع استقرار نسبي في الأسواق، ما شجع الأهالي على اتخاذ قرار البناء، وسط آمال باستمرار هذه الحالة، وعدم عودة الأسعار للارتفاع مجددًا.
قالت منتهى شلش، من قرية سوق وادي بردى، إنها أجّلت ترميم منزل العائلة سابقًا، بسبب تكاليف الحديد والأسمنت الباهظة، أما الآن “فأستطيع التخطيط للبدء بالعمل مجددًا، وهذا يبعث فينا أمل العودة والاستقرار”.
بدوره، محمد حيدر من مدينة الزبداني، الذي عاد ليرمم منزله المهدم، اعتبر أن انخفاض الأسعار أعاد الحيوية إلى سوق البناء، وأعطى فرصة للناس لاستعادة ما فقدوه خلال سنوات الحرب والتقشف، رغم التحديات الاقتصادية الأخرى.
ويرى أن استمرار هذا الانخفاض سيكون مفتاحًا مهمًا لتشجيع حركة العمران، وتحسين جودة الحياة في المناطق التي تشهد إعادة إعمار.
ولم يكن سامر شيخان، أحد سكان ريف حماة الشمالي، يتوقع أن يعود للعمل على إعادة بناء منزله المهدم منذ سنوات، بعد أن أوقفه ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت، لكن مع انخفاض أسعار مواد البناء مؤخرًا أعاد التفكير بالأمر، ووضع خطة لإعادة إعمار البيت تدريجيًا، وفق ما ذكره لعنب بلدي.
التحديات لا تزال كثيرة، مثل نقص الخدمات والبنية التحتية في بعض المناطق، إلا أن انخفاض أسعار مواد البناء نقطة تحوّل مهمة بواقع قطاع البناء والإعمار في سوريا، ويبعث الأمل لدى العديد من المواطنين والمقاولين والمهندسين ممن تحدثت إليهم عنب بلدي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى