وعود بتحسين الإنتاج المحلي

اعتماد صنفين جديدين من القمح القاسي في سوريا

حصاد القمح في ريف حماة - 9 حزيران 2025 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

camera iconحصاد القمح في ريف حماة - 9 حزيران 2025 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد كاخي

أقرت اللجنة الوطنية لاعتماد الأصناف، في 5 من آب الحالي، اعتماد صنفين جديدين من القمح القاسي، بعد دراسة نتائج الأبحاث العلمية لتحسين المحصول، نظرًا إلى إنتاجيتهما العالية، وتكيفهما مع الزراعة المروية ومقاومتهما للأمراض.

وزارة الزراعة قالت عبر صفحتها في “فيسبوك“، إن الصنف الأول “بحوث 13” حقق متوسط غلة بلغ 5892 كغ/هكتار، ويتميز بنسبة بروتين مرتفعة (16.5%) وصلابة عالية، ومقاومة جيدة للأمراض.

أما الصنف الثاني “شام 13” فهو ثمرة تعاون مع منظمة “إيكاردا”، وبلغ متوسط إنتاجه 6479 كغ/هكتار، ويتميز بارتفاع معتدل، ووزن نوعي ثقيل، ومقاومة عالية للصدأ الأصفر.

رئيس قسم بحوث الحبوب في وزارة الزراعة، خالد شريدة، قال لعنب بلدي، إن توزيع هذين الصنفين على الفلاحين سيبدأ بعد أربع سنوات، وهي الفترة اللازمة للإكثار والحصول على كميات من البذار تكفي من أجل الزراعة الواسعة عند الفلاحين، وبسعر مناسب للجميع.

وأضاف شريدة أنه سيتم إجراء برامج إرشادية وتدريبية للفلاحين لتوضيح آلية التعامل الزراعي اللازمة للمحصول من وقت زراعته وحتى الحصاد، ومنها الدورة الزراعية المناسبة، ومعدل البذار، وتحضير التربة، والاحتياج المائي، ومعدلات الأسمدة والمكافحة وغيرها من الممارسات.

الخبير في أصناف القمح القاسية ومدير البحوث الزراعية في مديرية زراعة حمص، محسن السويعي، قال لعنب بلدي، إن صنف “شام 13” ناتج عن السلالة المبشرة من القمح القاسي (Aghamatales)، وتم اعتماده للزراعة المروية في محافظات حمص وحماة والغاب، وهو صنف متحمل للصدأ، واستغرق إنتاجه عشر سنوات، حيث بدأ العمل عليه في عام 2015.

وبخصوص الصنف “بحوث 13″، قال السويعي، إنه ناتج عن برنامج التهجين في الهيئة العامة للبحوث الزراعية، وهو من السلالة المبشرة (H7/L31)، وتم اعتماده للزراعة المروية في محافظات درعا وريف دمشق وحمص وحماة، وهو ذو نوعية جيدة من حيث نسبة البروتين والغلوتين والبلورية، ومتحمل للصدأ (أحد أخطر الأمراض التي تصيب القمح في سوريا)، بحسب خبير الأصناف القاسية. وتستغرق مدة إنتاج هذا الصنف 15 سنة.

ونوّه السويعي إلى أن هذين الصنفين الجديدين يعدّان رديفين للأصناف الموجودة في سوريا، وليسا بديلين عنها.

مراحل الاختبار

وفق ما قاله المهندس الزراعي عبد الكريم الإبراهيم، لعنب بلدي، يمرّ الصنف خلال سنوات الاختبار بخمس مراحل هي:

  • مرحلة خطوط المشاهدة: تتم فيها زراعة الصنف ومراقبة صفاته المبدئية للتأكد من تميّزه عن الأصناف الأخرى.
  • مرحلة الكفاءة الإنتاجية: يُختبر الصنف لمعرفة قدرته على الإنتاج ومردوده مقارنة بالأصناف المعتمدة.
  • مرحلة الحقول الاختبارية: يُزرع الصنف في حقول محدودة المساحة وفي ظروف مختلفة للتأكد من ثبات صفاته.
  • مرحلة الحقول الموسعة: يُزرع على نطاق أوسع وفي مناطق متعددة لاختبار أدائه في بيئات متنوعة.
  • مرحلة الاعتماد: بعد نجاح المراحل السابقة، يُعتمد الصنف رسميًا ويُسمح بتوزيعه أو تسويقه.

التعاون مع “إيكاردا”

استطاعت وزارة الزراعة بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) اعتماد صنف القمح القاسي “شام 13″، الذي يتميز بارتفاع معتدل، ووزن نوعي ثقيل، ومقاومة عالية للصدأ الأصفر.

رئيس قسم بحوث الحبوب في وزارة الزراعة، خالد شريدة، قال لعنب بلدي، إنه يوجد بين سوريا و”إيكاردا” برنامج تعاون علمي مشترك، يتم من خلاله تزويد الوزارة بسلالات القمح الجديدة من أجل اختبارها في البيئة السورية.

وفي حال تفوقت إحدى هذه السلالات على الأصناف التي تُزرع لدى الفلاحين، تقوم الوزارة باعتمادها كما حصل مع الصنف “شام 13”.

ويوجد في الوقت الحالي ضمن برنامج تربية الحبوب في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية عدد من السلالات المبشرة والتي ستأخذ طريقها للاعتماد في أقرب فرصة ممكنة، بحسب شريدة.

وعن أوضاع أصناف القمح المزروع في المناطق البعلية، والتي عانت من موجة جفاف قاسية هذا العام، وخرج القسم الأكبر منها من الإنتاج، قال شريدة، إن برنامج تربية القمح في قسم بحوث الحبوب يعمل على إنتاج أصناف حديثة ملائمة للزراعة المروية والبعلية لمحصول القمح، علمًا أنه تم في العامين الماضيين اعتماد صنفين من القمح ملائمين للزراعة البعلية في منطقة الاستقرار الثانية، وهما “دوما 5” و”شام 12″، وسيتم قريبًا تقديم سلالات مبشرة جديدة من القمح من أجل اعتمادها للزراعة البعلية، بحسب شريدة.

تقليص فاتورة الاستيراد

مدير مديرية الاقتصاد والتخطيط في وزارة الزراعة، سعيد إبراهيم، قال لعنب بلدي في وقت سابق، إن حاجة سوريا من القمح تقدر بأربعة ملايين طن (حسب عدد السكان الموجودين في سوريا والذي يقدّر بـ22.5 مليون نسمة عام 2020)، وبالتالي فإن الإنتاج المقدّر يشكّل نسبة 19% من الاحتياج، أي أن هناك نقصًا في تأمين احتياجات السكان بما يقارب 80%.

وأضاف إبراهيم أن تغطية النقص ستجري عن طريق استيراد القمح الطري أو الطحين بشكل مباشر، ويجري العمل لتأمين هذه الاحتياجات، حيث زود الجانب العراقي بجزء من احتياجات سوريا من القمح، وتم الاتفاق مع الجانب التركي لاستيراد الطحين على عدة دفعات.

رئيس قسم بحوث الحبوب في وزارة الزراعة، خالد شريدة، قال لعنب بلدي، إن مساهمة الأصناف الجديدة في تقليص فجوة الغلة في سوريا تعتمد بشكل أساسي على مدى توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي للفلاحين، من بذار وسماد ومياه الري ومواد المكافحة، بالكميات والمواعيد والأسعار المناسبة.

وفي سياق تقليص فجوة الاستيراد، أضاف شريدة أنه يتوقع أن يتم تقليص الاستيراد من الخارج إلى حد بعيد مع عودة المحافظات الشرقية إلى سيطرة الدولة قريبًا لأنها تسهم بنصف إنتاج القمح في سوريا.

الدكتور في الاقتصاد الزراعي بجامعة “الزيتونة” الدولية سليم النابلسي، قال لعنب بلدي، إن الأثر المتوقع لاعتماد صنفي “شام 13″ و”بحوث 13” من القمح القاسي على الميزان التجاري الزراعي في سوريا يمكن أن يكون محدودًا على المدى القصير، لكن الأثر الإيجابي سيكون أكثر وضوحًا في المديين المتوسط والطويل على الميزان التجاري الزراعي في سوريا، إذ يسهم في زيادة الإنتاج المحلي من القمح، وقد يقلل من حاجة سوريا لاستيراد القمح وبالتالي تقليص فاتورة الاستيراد.

وأضاف النابلسي أنه يمكن الاستفادة من إدخال هذه الأصناف في خطط التعافي الاقتصادي الزراعي لسوريا بعد الحرب، من خلال استخدام أصناف عالية الإنتاجية، تسهم في تحسين الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

إدخال هذه الأصناف في برامج التنمية الزراعية قد يسهم في تعزيز الاستدامة الزراعية وتحسين سبل عيش المزارعين، بحسب النابلسي.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة