تعا تفرج

اضربه زومين دهان

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

سمعت بمصطلح “زومين دهان” في أروقة التلفزيون السوري، عندما كنت أتعامل مع التلفزيون، من خلال النصوص التي أكتبها. كان استخدام هذا المصطلح يكثر في أثناء توزيع الأدوار الرئيسة للمسلسلات التلفزيونية.

ذات يوم، قال لي أحد الممثلين الكوميديين: إن مخرجينا يفتقرون إلى حس المغامرة، ولذلك تراهم يضربون كل واحد منا، نحن الممثلين، “زومين دهان”، ويشلحونه جانبًا.

قلت له: عفوًا، لم أفهم.

قال: عندما يصل المخرج إلى مرحلة توزيع أدوار مسلسله، ويحتاج إلى ممثل لأداء دور لممثل كوميدي، مثلًا، يذهب تفكيره، مباشرة، إلى فارس الحلو، أو باسم ياخور، أو أندريه سكاف، أو أيمن رضا… يلزمه شاب وسيم، ليلعب دور العاشق الـ”حَبّيب”، يسجل اسم باسل خياط، أو تيم حسن، وعنده أسماء سيدات لدور العاشقة، وأخرى لدور الأم، وللسيدة “اللمضة”، وللمرأة “الشرنة”، وأسماء لدور البلطجي من الرجال، والمنافق، والفتنجي.

هذا النوع من الدمغات، أو “الزومات”، لا يقتصر على ممثلي التلفزيون، فهو يلتصق بمعظم المشاهير في الأدب، والفن، والسياسة.. يحصل هذا بالمصادفة، أو نتيجة لالتباس ما، أو بفعل فاعل يعمد إلى تحسين صورة الشخص، أو تشويه سمعته، فمما التصق بسيدة الغناء العربي، أم كلثوم، أنها كانت تحقد على أسمهان، لأنها كانت تنافسها على صدارة الغناء في مصر، ولو فكرنا بالأمر مليًا، لوجدنا هذا الظن مخالفًا للمنطق، فما كانت تمتلكه أم كلثوم من صوت، وثقافة فنية، وذائقة أدبية، وإمكانات، يجنبها مثل هذا النوع من الغيرة، والتفكير الضيق.

وأما النجمة فيروز، فأشيع عنها إعجابها بحسن نصر الله، وهذه “التهمة” التصقت بها، حتى إنني، محسوبكم، طلبت ممن يرددون هذه الأكذوبة، أن يأتوني برابط لأي تصريح صادر عنها بهذا الخصوص، فلم يأتني أي جواب.. وأما زياد الرحباني، فكان ينتمي إلى محور الممانعة، بالفعل، ويصرح بآرائه علنًا.. وأما عن “الزومين من الدهان”، فقد قال زياد، في مقابلة تلفزيونية، إنهم ألصقوا به تهمة مفادها أنه لا يستطيع أن يلحن إذا لم يكن محششًا، رغم أنه لا يحشش أصلًا، وبأن أغنية “دَوّرها دَوّر”، التي تتحدث عن الحشيش، ليست من تأليفه، ولا من تلحينه.

ومما هو معلوم أن المفكر صادق جلال العظم، انحاز إلى الثورة السورية، منذ بداياتها.. ومما حصل معه، أن عبارة غريبة جدًا، نُسبت إليه، وضُرب، بسببها، زومين دهان، وهي:

الثورة السورية هي ثورة، سواء تأسلمت أو تعلمنت، هي كاشف أخلاقي وإنساني وثقافي لكل البديهيات القديمة… وأنا العبد الفقير لله وحرية الإنسان سأبقى معها، حتى لو التهمتني، حتى لو كنت من ضحاياها، حتى لو دفعت الثمن غاليًا لا يقل عن حياتي.. سأبقى منحازًا لها، ما دمت قادرًا على التنفس.

أنا، شخصيًا، متأكد من أن المرحوم صادق لم يقل كلمة واحدة من تلك العبارة، وهي لا تتناسب، أصلًا، مع طريقة تفكيره التي يعرفها طلابه، ودارسوه، مع ذلك، يجري الحديث عنها، والاستشهاد بها، حتى الآن، وإذا أنت تتبعتها، من خلال محرك البحث “جوجل”، ستعثر على مجموعة من المقالات، التي تحللها، وتفندها، وترتكز عليها!



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة