“آخر ما تبقى من الزنبقة”.. بين الانشقاق والهروب

"آخر ما تبقى من الزنبقة".. بين الانشقاق والهروب
tag icon ع ع ع

يتناول الكاتب إيهاب عبد ربه في روايته “آخر ما تبقى من الزنبقة”، التي صدرت عام 2014 عن دار “الفارابي للنشر”، تجارب شخصية تعكس حالة الصراع الوطني من زوايا متعددة خلال فترة الحرب في سوريا.

تبدأ الرواية مع قصة “وسيم”، وهو ضابط منشق عن الجيش السوري السابق، يكتب رسالة لزوجته يروي فيها تحولات “الربيع العربي” التي وصلت إلى سوريا، حين بدأ الشباب يطالبون بالحرية والكرامة في وجه نظام قمعي تعامل مع المظاهرات بالعنف والقتل.

كان “وسيم” يحلم أن يكون ضابطًا شريفًا، إلا أنه يجد نفسه أمام خيار أخلاقي، إذ لا يستطيع تحمل مسؤولية قمع شعبه، فقرر الانشقاق والانضمام إلى صفوف الثورة السورية، متجولًا بين القرى لتشكيل نواة مقاومة دفاعًا عن المدنيين.

تعكس قصة “وسيم” واقع انقسام الجيش السوري، وظهور “الضباط المنشقين” كقوة مؤثرة في النزاع.

تتفرع الرواية إلى سرد شخصيات أخرى، من بينها “توفيق” و”حازم”، وهما شابان هاربان إلى تركيا، إذ تكشف الرواية عن المعاناة التي يواجهها الناشطون السوريون بعد تخلي الكثيرين عن الثورة، وكيف أدى الاختلاف حول حمل السلاح إلى انقسامات داخلية بين الشباب، ما دفع “توفيق” إلى معارضة التحول العسكري خشية استغلال الجماعات المسلحة لهم وتحولهم إلى وقود لصراعات أكبر.

تدخل الرواية تفاصيل معقدة حول التهريب، والصراعات بين الفصائل المسلحة، وبين المعتدلين والمتشددين المناصرين للثورة، كما تسلط الضوء على معاناة المعتقلين داخل السجون، خاصة في “صيدنايا”، وأثر الانقسامات الأيديولوجية على مصيرهم، في مشهد يعكس واقع السوريين بين القتل والتعذيب والاغتيال.

مع تصاعد النزوح والهروب من القصف، تستمر رحلة زوجة “وسيم” وابنته في المخيمات التركية، فتلتقي زوجته بمجموعة من اللاجئين بينهم فلسطينيون وسوريون، ومنهم شخصية “أبو مراد”، الذي يجسد مأساة المهجّر الفلسطيني- السوري، ويتحدث عن الهروب والتجارب المأساوية على طريق اللجوء إلى أوروبا، ومنها عبور البحر بطريقة غير شرعية الذي أودى بحياة كثيرين.

يظهر الكاتب إيهاب عبد ربه، من خلال سرد مآسي قصص السوريين ووضعهم الإنساني، أن الرواية ليست فقط شهادة على مأساة سورية، بل هي أيضًا انتصار لصمود الإنسان السوري، وتنديد بالتواطؤ الدولي مع نظام قتل وشرد شعبه.

يصور الكاتب مسار الثورة من بداياتها العفوية، حتى تحولها إلى مأساة، مع الإضاءة على الإيجابيات والعقبات، وخسائر الشباب الذي دفع الثمن الأعلى، وهو واقع لا يزال أثره حاضرًا في حياة السوريين.

تنتهي الرواية برسم صورة قاتمة لما آلت إليه أحوال أبطال الرواية، موت، غرق، أو حياة الشتات والاغتراب، ومعاناة الملايين في بلد محاصر بين نظام الأسد القمعي وفصائل متناحرة.

 من الكاتب؟

إيهاب عبد ربه من مواليد عام 1982 بريف دمشق، حاصل على إجازة في الحقوق.

يقيم في السويد ويعمل أيضًا ضمن شركة محاماة محلية، وحاصل على ماجستير في العلوم السياسية من جامعة “ترولهاتان” وماجستير في العمل الإنساني والصراعات من جامعة “أوبسالا” في السويد.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة