كيف تتجاوزه؟

بناء الثقة مع الجمهور.. تحدّ يواجه “سانا” بعد انطلاقتها الجديدة

وكالة الأنباء السورية (سانا) تعلن انطاقتها الجديدة بعنوان" "سانا..نقطة تحول" - 24 آب 2025 (عنب بلدي/ أمير حقوق)

camera iconوكالة الأنباء السورية (سانا) تعلن انطلاقتها الجديدة - 24 آب 2025 (عنب بلدي/ أمير حقوق)

tag icon ع ع ع

أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) انطلاقتها الجديدة في 20 من آب، تحت عنوان “سانا.. نقطة تحول”، عبر حفل انطلاقة حضره وزراء وممثلون عن البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية في سوريا، وعن اتحادات ونقابات ومؤسسات إعلامية محلية وإقليمية وعالمية، وشخصيات ثقافية وفنية، وذلك في المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق.

المدير العام لـ”سانا”، زياد المحاميد، قال لعنب بلدي، إن حفل انطلاق وكالة “سانا” هو “تتويج لجهود استمرت أربعة أشهر قام خلالها الفريق في الفترة الماضية”، خاصة أن بنيتها التحتية كانت متهالكة جدًا على جميع المستويات.

وتم العمل على إعادة تأهيل هذه البنية على عدة مستويات، بحسب المحاميد، تمثلت في:

  • الخطاب التحريري.
  • تعديل السياسة الإعلامية.
  • الابتعاد عن المفردات التي كانت موجودة سابقًا، والتي كانت تستخدمها في عهد النظام السابق.
  • تأهيل الكادر البشري، وتدريبهم بشكل مهني، لنقل الخبر بدقة ومهنية ومسؤولية.
  • اعتماد المصداقية في الوكالة كمبدأ ثابت لا يمكن التنازل عنه.
  • إدخال الإعلام الرقمي على الوكالة، وسيكون هناك شكل جديد للوكالة في مواقع التواصل الاجتماعي.
  • العمل على موقع إلكتروني جديد للوكالة، والدخول إلى “السوشيال ميديا” في منصات جديدة، وخطوط إنتاج فيديو جديدة، وخطوط إنتاج صور جديدة، بجودة احترافية عالية جدًا.

وتطرق المحاميد إلى التحديات التي واجهت القائمين على الانطلاقة الجديدة، أبرزها أن الوكالة ذات بنية تحتية قديمة جدًا، إذ لم تحدّث منذ عام 1978، وكذلك بنيتها التقنية متهالكة، فأجهزة الحواسيب آخر تحديث لها كان في عام 2003، وأجهزة الرصد والبرامج داخل الوكالة منذ عام 1995.

أبرز تحدٍ هو البنية التقنية الموجودة في الوكالة، بحسب المحاميد، وحتى بنية شبكات الكهرباء والإنترنت متهالكة بشكل كبير جدًا، وأعيدت صيانة وتأهيلها.

كما أن هناك تحديًا كان موجودًا وما زال، والإدارة تسعى لحله قريبًا، وهو عدم الثقة بين وكالة “سانا” والجمهور، وفق تعبيره.

وأكد أنه تم توقيع اتفاقية تعاون مع وكالة المغرب العربي، والآن هناك أكثر من مشروع على الطاولة لاتفاقيات تعاون وتبادل إعلامي بين وكالة “سانا” وبين وكالات عربية وعالمية.

وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، أوضح لعنب بلدي أن انطلاقة وكالة “سانا” هي نقطة تحول في مسار تقديم الإعلام الرسمي ليكون خدمة إخبارية، مشيرًا إلى أن وكالة “سانا” ستكون لسان الشعب لا لسان السلطة.

نقطة تحول على مستويين

أوساط إعلامية سورية ترى أن انطلاقة وكالة “سانا” الجديدة، تشكل رؤية جديدة للإعلام السوري، وبداية تطور مساره ومنهجه، وذلك بعد تهالك القطاع الإعلامي وترديه شكلًا ومضمونًا، خلال عهد النظام السابق.

الأستاذ في كلية الإعلام بجامعة “دمشق”، الدكتور أحمد الشعراوي، قال لعنب بلدي، إن الانطلاقة الجديدة لوكالة “سانا” هي نقطة تحول على مستويين، أولهما جانب البنية التحتية واللوجستية والتقنية، والثاني الكوادر البشرية. 

وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أكد الدكتور الشعراوي أنه تم تجديد الوكالة بشكل كامل، مما يعطي بيئة عمل حقيقة وصحيحة وسليمة ومناسبة لعمل الوكالة، من الناحية التقنية كانت ما دون الصفر، واليوم زودت بالتكنولوجيا والتقنية الجيدة، وحتى استخدام الذكاء الاصطناعي لا لينوب عن الصحفيين، بل ليكون أداة مساعدة في العمل.

وعلى مستوى الكادر البشري، تم تأهيل حوالي 200 صحفي في الوكالة خلال الشهرين الماضيين، عبر دورات متعددة، وهذا مهم لأن الكادر البشري هو أساس العملية الإعلامية، وتطوير الكادر البشري سينعكس إيجابًا على عمل الوكالة، لأنها تعتبر  “القاطرة الأساسية” لعمل وسائل الإعلام الأخرى، فهي تكون أساس الخبر، وبالتالي تطوير عملها يعني تطوير بقية وسائل الإعلام السورية بشكل آلي.

ولفت إلى أنه تم إحداث قسمين أساسيين، هما:

  • قسم “السوشيال ميديا” أو الإعلام الجديد: لأهمية ودور مواقع التواصل الاجتماعي، فهي تشكل مشهد الانتشار الأكبر المتابعة للجمهور، وهي حركة مهمة وذكية جدًا لتطوير آلية عمل الوكالة.
  • قسم المراسلين: رفد 166 مراسلًا داخليًا، و24 مراسلًا خارجيًا، إذ إنه سابقًا لم يكن أكثر من ثلاثة مراسلين خارج سوريا، وتطوير عمل الوكالة في أمريكا الشمالية، كما تم التصريح، بالإضافة إلى أوروبا وآسيا، سيحقق نقلة نوعية في وصول الخبر بالاتجاهين، الخبر السوري إلى البلدان التي افتتحت فيها المكاتب الخارجية، بالإضافة إلى خبر البلد الذي توجد فيه مكاتب لـ”سانا”.

خطوات لبناء الثقة

خبراء في الإعلام يعتقدون أن الوكالة يجب أن تستغل انطلاقتها الجديدة، وأن تغير آلية عملها، لتحقق المطلوب منها وفق عنوان الانطلاقة.

الدكتور أحمد الشعراوي، يرى أن المطلوب من وكالة “سانا”، أن تكون وكالة أنباء وطنية، وليست كما كانت سابقًا أداة لتبرير القتل ولتجميل الإصابة، وكان يصل إليها الخبر جاهزًا، وبالتالي فقدت دورها كوكالة أنباء للشعب، فيجب أن تكون وكالة للشعب السوري، ملتصقة بمعاناته وبتطلعاته، وأن تزوده بالأحداث المهمة، والقضايا التي تشغل باله وتتعلق بحياته، بلا تجميل وبحقيقة وبمنطقية وبموضوعية وبمهنية، وأن تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية.

هناك عدم ثقة بين الجمهور السوري ووكالة “سانا” خلال حكم النظام السابق، “فلا يصدق حتى النشرات الجوية منها، لأنه كل ما كان يرد فيها غير صحيح، ومنفصل تمامًا عن الواقع، وفق تعبير الشعراوي الذي قال إن إعادة بناء الثقة تتطلب:

  • التعبير عن تطلعات الجمهور، بما يرغب في تقديم المادة التي يريدها، وليس المادة التي تريدها السلطة، أو تريدها الإدارة الجديدة.
  • التعبير عن الجمهور بصدق وشفافية ومهنية.
  • تغليب مصلحة الجمهور على مصلحة الحكم، لأنه بالنهاية كلما زادت المسافة بين وسائل الإعلام والجمهور، فقد الجمهور اعتقاده بهذه الوسيلة، وكلما اقتربت المسافة استطاعت أن تحقق الأهداف بشكل أفضل.

انطلاق “الإخبارية”

كانت قناة “الإخبارية السورية” انطلقت رسميًا، في 5 من أيار الماضي، كأول وسيلة إعلامية حكومية تبث بشكل رسمي منذ سقوط النظام السوري.

وقال حينها مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، علاء برسيلو، إن قناة “الإخبارية السورية” هي أول قناة رسمية سورية، وأول قناة فضائية تبث محتواها من داخل سوريا بعد التحرير.

وأضاف برسيلو لموقع قناة “الإخبارية”، “أول ما حرصنا عليه هو تحسين صورة البث، كما تعلمون، فإن معدات التلفزيون السوري متهالكة وقديمة للغاية، لذلك عملنا أن نخرج بمحتوى بصري مميز يتسق مع رؤيتنا لإعلام حداثي”.

تقدم بحرية الصحافة

ارتفعت سوريا مرتبتين في حرية الصحافة، في أيار الماضي، بعد أن كانت تحتل المرتبة 179، في عام 2024، في أثناء حكم نظام الأسد، لتحتل المرتبة 177، وفق “التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2025“، الذي أصدرته “منظمة مراسلون بلاحدود”.

و”أنهى سقوط الدكتاتور بشار الأسد خمسة عقود من القمع الوحشي والعنيف الذي مارسته سلالة الأسد ضد الصحافة”، بحسب المنظمة، ومع أن الصحفيين باتوا يتمتعون بحرية، لا تزال هشة في ظل عدم الاستقرار السياسي والضغوط الاقتصادية المتزايدة.

وبحسب “مراسلون بلاحدود”، فقد تراجعت الضغوط السياسية على الصحفيين في أعقاب سقوط النظام السوري، بينما لا تزال المؤسسات الإعلامية المحلية تعمل جاهدة على إحداث إطار مستدام للصحافة المستقلة، كما تتواصل دعوات الصحفيين السوريين ووسائل الإعلام الوطنية، إلى جانب الجمعيات المحلية المدافعة عن حرية الصحافة، إلى سنّ دستور جديد يكفل حقهم في الوصول إلى المعلومات.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة