عمليات “ضد الإرهاب” تكشف ملامح التعاون بين واشنطن ودمشق

مقاتلة "F16" الأمريكية تقوم بجولة استطلاعية ضمن نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية- 11 آب 2025 (CENTCOMA/ إكس)

camera iconمقاتلة "F16" الأمريكية تقوم بجولة استطلاعية ضمن نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية- 11 آب 2025 (CENTCOMA/ إكس)

tag icon ع ع ع

تتجه الأنظار نحو العمليات الأمنية المشتركة التي نفذتها القيادة المركزية الأمريكية بالتعاون مع الحكومة السورية، والتي استهدفت بها تنظيم “الدولة الإسلامية” في المحافظات السورية.

وعكست العمليات الأمنية، الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للحكومة السورية، في ملف “مكافحة الإرهاب”.

أحدث هذه العمليات الأمنية أعلنت عنها القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) بشكل رسمي، الخميس 21 من آب، وذكرت أن قواتها نفذت عملية مداهمة في بلدة أطمة شمالي سوريا، أسفرت عن مقتل قيادي بارز في تنظيم “الدولة الإسلامية” ومسؤول مالي رئيسي في التنظيم.

ونفذت العملية فجر الأربعاء 20 من آب، بالاشتراك مع القوات الحكومية، وبحسب مراسل عنب بلدي في إدلب، بدأت عند الساعة الثانية والنصف فجرًا واستمرت نحو ساعتين، وأسفرت عن مقتل قيادي في التنظيم يحمل الجنسية العراقية.

ووفق بيان “سنتكوم”، كان القيادي المقتول يخطط لشن هجمات في سوريا والعراق، ويمتلك شبكة علاقات واسعة داخل التنظيم، ما جعله “تهديدًا مباشرًا” للقوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي، إضافة إلى الحكومة السورية.

المحلل السياسي حسن النيفي، قال لعنب بلدي، إن العملية الأخيرة في ريف إدلب الشمالي ليست جديدة ولم تأتِ من الفراغ، بل سبقتها عمليات مشتركة شبيهة بها لاغتيال أو تعقب شخصيات تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وأوضح النيفي أن هذه العمليات تأتي نتيجة تفاهمات مسبقة وتنسيقات ثلاثية جرت سابقًا بين الولايات المتحدة الأمريكية و”هيئة تحرير الشام” (المنحلة ونواة الحكم في سوريا اليوم) وتركيا.

وأضاف أن هذه التفاهمات ربما كانت موجودة قبل سقوط النظام السابق، والتي أدت إلى مقتل أكثر من قيادي، من أبرزهم قائد التنظيم، “أبو بكر البغدادي”.

وأشار النيفي إلى أنه بعد سقوط النظام صارت هذه التفاهمات الثلاثية تأخذ طابعًا رسميًا، إضافة إلى أن من الأمور التي طرحت في لقاء الشرع مع ترامب بالسعودية في 14 من أيار الماضي، هي “تعقب الإرهاب”، وتعاون الطرفين في محاربته.

أهداف أمريكا

يعكس تنسيق الولايات المتحدة الأمريكية مع الحكومة السورية، لأهداف أمريكا في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق، خاصة بعد سقوط النظام السابق وزوال النفوذ الإيراني في المنطقة، إذ حرصت أمريكا على أن تكون سوريا “خالية من الإرهاب”، بحسب النيفي.

وترجم هذا التنسيق بالنتائج الإيجابية التي شهدتها العمليات الأمنية المشتركة، ولا سيما العملية الأخيرة التي أدت لمقتل قيادي من تنظيم “الدولة” عراقي الجنسية.

الحكومة السورية قوة محلية

أوضح النيفي أنه ربما يكون هناك بعض الخلايا النائمة لتنظيم “الدولة الإسلامية”، التي لا تزال توجد في سوريا، وبإمكانها أن تقوم ببعض العمليات، ولكنها لا يمكن أن تشكل خطرًا على المنطقة.

الخطة المتبعة لمواجهة هذه الخلايا من قبل واشنطن، هو تعقبها والاعتماد على النشاط الاستخباراتي بالتنسيق مع شركاء محليين متمثلة بالحكومة السورية الحالية، وهذا ما يجري الآن.

ويرى النيفي أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها التخلي عن الحكومة السورية في مساعدتها بملف مكافحة الإرهاب، فمهما بلغت قوة أمريكا فلا شك أنها بحاجة دائمًا إلى قوة محلية ليكتمل الدور المناهض لمحاربة التنظيم.

أتوقع على مدى المنظور القريب، استمرار التعاون الأمريكي- السوري في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” بالمنطقة، في حال لم يحدث مستجدات مباغتة.
المحلل السياسي
حسن النيفي

ماذا عن فرنسا

التقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، والمبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس براك، في العاصمة الفرنسية، باريس.

وزارة الخارجية السورية وصفت اللقاء في بيان نشرته على معرفاتها الرسمية، في 25 من تموز الماضي، بأنه “صريح وبنّاء”، أتى “ضمن إطار تعاون الأطراف المشاركة وفي لحظة فارقة تمر بها سوريا”.

وبحسب الخارجية، توافقت كل من سوريا وفرنسا وأمريكا على عدة أمور منها، الالتزام بالتعاون المشترك لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله، ودعم قدرات الدولة السورية ومؤسساتها للتصدي للتحديات الأمنية.

يرى المحلل السياسي، حسن النيفي، أن الدور الفرنسي بلا أدنى شك لا يرقى إلى الدور الأمريكي في ملف مكافحة الإرهاب.

وأوضح النيفي، أن فرنسا لا تمتلك القوات والدعم العسكري الذي توفره أمريكا، ورغم أنها إحدى الأطراف المشاركة بالتحالف الدولي، فإن ما يمكن أن تقدمه للحكومة السورية هو الدعم (المالي، الاستخباراتي، السياسي)، بعيدًا عن الدعم العسكري.

عمليات مشتركة

تُعد عملية أطمة الثانية من نوعها بين التحالف الدولي والحكومة السورية، بعد عملية نفذت في 25 من تموز الماضي ضد التنظيم في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، وأسفرت عن مقتل عدد من عناصره.

وذكرت القيادة المركزية الأمريكية عبر منصة “إكس” أنها نفذت غارة في مدينة الباب قُتل خلالها القيادي في التنظيم ضياء زوبع مصلح الحرداني، إضافة إلى ابنيه عبد الله وعبد الرحمن.

وبحسب القيادة، شكّل هؤلاء تهديدًا للقوات الأمريكية والتحالف، وكذلك للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الموقع المستهدف كان يضم ثلاث نساء وثلاثة أطفال لم يُصب أحد منهم بأذى.

وقال قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل إريك كوريلا، إن قواته ستواصل ملاحقة عناصر التنظيم أينما كانوا.

وأعلنت القيادة المركزية، في حزيران الماضي، أنها نفذت ست عمليات ضد التنظيم في سوريا والعراق خلال عام 2025، خمس منها في العراق وواحدة في سوريا.

وأوضحت القيادة أن هذه العمليات، التي جرت بين 21 و27 من أيار، أسفرت عن مقتل عنصرين من التنظيم واعتقال اثنين آخرين، أحدهما قيادي، بالإضافة إلى ضبط أسلحة متعددة.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة