انتشار لظاهرة التنقيب غير القانوني

“مخربون” يعتدون على المواقع الأثرية بطرطوس

عمليات تنقيب غير قانونية تعرض لها موقع أثري في سوريا - 21 أيار 2025 (المديرية العامة للآثار والمتاحف/فيسبوك)

camera iconعمليات تنقيب غير قانونية تعرض لها موقع أثري في سوريا - 21 أيار 2025 (المديرية العامة للآثار والمتاحف/فيسبوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – شعبان شاميه

في ظل الفوضى الأمنية والصعوبات الاقتصادية التي تعيشها سوريا، وتزامنًا مع سقوط النظام، ازدادت بشكل لافت ظاهرة التنقيب غير القانوني عن الآثار والذهب في مختلف المحافظات، ومن بينها طرطوس.

تهدد ظاهرة التنقيب غير القانوني عن الآثار التراث الثقافي السوري، إضافة إلى الأضرار البيئية والاجتماعية، ما يدفع ناشطين باستمرار لمطالبة الإدارة الحالية باتخاذ إجراءات رادعة.

وتعرضت كثير من المواقع والمباني الأثرية في طرطوس، خلال الأشهر الماضية، لأعمال تخريب وسرقة وتنقيب غير مشروع، من قبل أشخاص استغلوا الوضع العام للمنطقة.

كما لوحظ انتشار ظاهرة أعمال الحفر بقصد التنقيب عن الآثار في العديد من المواقع المنتشرة على مساحة المحافظة، الأمر الذي بات يتطلب جهودًا دولية ومحلية مكثفة لاستعادة القطع الأثرية المهربة وحماية ما تبقى من التراث السوري.

جهود لضبط الظاهرة

رئيس دائرة الآثار في طرطوس، التابعة للمديرية العامة للآثار والمتاحف، مروان حسن، قال لعنب بلدي، إن مئات المواقع والمباني الأثرية والتراثية تنتشر على كامل مساحة محافظة طرطوس، ما يُلقي على دائرة الآثار مسؤوليات كبيرة لحماية هذه المواقع ومنع التعدي عليها.

وأضاف حسن أنه سبق أن تم توزيع المراقبين الجوالين والحراس على شكل قطاعات إدارية ضمن الحدود الإدارية للنواحي في المحافظة، والتي يزيد عددها على 30 قطاعًا، مما أسهم بشكل فعال في ضبط ومنع أعمال التعدي على تلك المواقع وتخريبها.

بعد سقوط النظام، استغل “ضعاف النفوس والمخربون” الأوضاع والظروف الأمنية، وفق حسن، وقاموا بأعمال التعدي والتخريب في العديد من المواقع منها الأثرية، وبينها لا تحوي أي دلالات أثرية ظاهرة، ولكن بهدف التنقيب عن الآثار، وهو تنقيب غير مشروع ومخالف لقانون الآثار الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 222 لعام 1963.

وتابع حسن أنه وفقًا لمنهجية العمل المعمول بها وتوجيهات المديرية العامة، تقوم دائرة آثار طرطوس بالعمل مباشرة على التنسيق ومراجعة أقرب وحدة شرطية في المنطقة التي ترد منها معلومات حول قيام العابثين بالتعدي عليها أو التخريب بهدف التنقيب عن الآثار، للكشف على الموقع، لتتم لاحقًا مخاطبة الجهات المختصة رسميًا لتنظيم الضبط اللازم وإجراء التحقيقات بكل حادثة على حدة، ومن ثم متابعة الإجراءات القانونية بحق كل من تثبت عليه مخالفة قانون الآثار.

تحديات وصعوبات

من أهم التحديات والصعوبات، بحسب رئيس دائرة الآثار في طرطوس، مسألة ضعف مستوى الوعي العام بقيمة وأهمية التراث الثقافي السوري، الذي يعد ملكًا لجميع السوريين.

وأوضح أن تضافر الجهود بين السلطات الأثرية والمجتمع المحلي والسلطات التنفيذية والأمنية، يعتبر عاملًا أساسيًا ومهمًا في منع وردع هذه الظاهرة.

ولفت حسن إلى أهمية تعميم وزارة الداخلية الصادر في 29 من تموز الماضي، والذي يشكّل عاملًا داعمًا في مسألة منع وضبط أعمال التنقيب غير المشروع عن الآثار أو تخريبها، من خلال تكثيف الدوريات لمراقبة المواقع الأثرية، وتأثير وحدات الأمن الداخلي المباشر والفعال عبر تقديم المؤازرة اللازمة والفورية للسلطات الأثرية في مكافحة الجرائم المنصوص عليها في قانون الآثار.

بوابات للمتاجرين على “فيسبوك”

وحول المجموعات التي تنتشر عبر مواقع التواصل لتسويق الآثار وبيعها أو حتى التسويق لمعدات التنقيب، وحجم التنسيق مع الجهات المعنية لكشف هذه الشبكات، أكد رئيس دائرة الآثار في طرطوس أن هذا الأمر بالغ الخطورة ما لم تتم معالجته والحد منه باعتباره مخالفًا لقانون الآثار.

وتابع حسن أن تعميم وزارة الداخلية الأخير بيّن في مضمونه حجز الآلات والمعدات المستخدمة في أعمال التنقيب عن الآثار، وإلقاء القبض على الفاعلين وتقديمهم إلى الجهات القضائية المختصة، مشيرًا إلى أن التنسيق لمراقبة هذه المجموعات وكشف الشبكات يأتي على مستوى المديرية العامة للآثار والمتاحف التي تعمل بشكل مستمر مع الجهات المختصة لمعالجة هذا الأمر.

وفي عام 2020، حظر “فيسبوك” بيع الآثار التاريخية على منصته، وأعلن أنه سيُزيل أي محتوى ذي صلة. ومع ذلك، نادرًا ما تُطبّق هذه السياسة، على الرغم من توثيق عمليات البيع المستمرة عبر المنصة، إذ يُلاحظ وجود عشرات مجموعات تجارة الآثار كبوابة للمتاجرين، والتي تضم الآلاف من الأعضاء.

جرد وتوثيق للتعديات وخطط للترميم

ذكر رئيس دائرة الآثار في طرطوس، أنه يجري جرد وتوثيق للمواقع التي شهدت تعديات وتنقيبًا غير مشروع ضمن المحافظة من خلال تقارير المراقبين الجوالين والكتب الرسمية التي يتم توجيهها إلى الجهات المختصة.

وعن عودة عمل البعثات، قال حسن، إن هذا الأمر يكون من خلال رؤية الإدارة المركزية المتمثلة بالمديرية العامة للآثار والمتاحف ووزارة الثقافة.

وعلى صعيد الخطة لترميم المواقع الأثرية، وهل من مساعٍ قريبة بهذا الخصوص، رد حسن أن الدائرة في طرطوس تقوم بإعداد خطة الترميم حسب الأولوية، بالتنسيق مع المديرية العامة للآثار والمتاحف، وبحسب توفر الموازنات المالية اللازمة للتنفيذ، مبينًا أنه في بداية عام 2025 تم استكمال وإنهاء أعمال الترميم التي كانت جارية خلال عام 2024.

واستكملت أعمال الترميم في قلعة المرقب- برج قلاوون الجنوبي، بالإضافة إلى استكمال مشروع أعمال الترميم والتأهيل والتطوير في جزيرة أرواد وجزء من قلعتها بتمويل من وزارة السياحة ومشاركة دائرة آثار طرطوس في إعداد الدراسة والإشراف على التنفيذ، وفق حسن.

وأشار رئيس دائرة الآثار، إلى أن لديهم عدة دراسات ترميمية سبق أن تم إعدادها، إذ تحتاج إلى إعادة دراسة للأسعار وفق السعر الرائج حاليًا، في حال تم رصد الاعتمادات اللازمة من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة