بقع محروقات تطفو على سطح ضفة نهر الفرات ببلدة البوليل عند أحد معابر التهريب - 28 آب 2025 (عنب بلدي/ عبادة الشيخ)
دير الزور.. تسرب النفط جراء عمليات التهريب يلوث “الفرات”
يشهد تهريب المشتقات النفطية انتشارًا على ضفتي نهر الفرات، وتحديدًا في المناطق الواقعة شرقي محافظة دير الزور، وهو ما يسبب تلوثًا في مياه النهر والتربة إثر تسرب الوقود خلال عمليات التهريب.
وتعمل مجموعات محلية على نقل هذه المواد بين الأراضي التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومناطق الحكومة السورية بهدف الاتجار بها نتيجة فروقات الأسعار بين المنطقتين، بحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في دير الزور.
وتتصل مناطق “قسد” بمناطق الحكومة السورية عبر معابر نهرية، وتنتشر في المنطقة أيضًا العديد من المعابر “غير الشرعية” التي تُستخدم بشكل أساسي في أنشطة التهريب المستمرة منذ سنوات.
وتعد هذه المعابر النهرية، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، شريانًا لعمليات التهريب التي تنشط في المنطقة، ويتخذها كثيرون في المنطقة مصدر دخل لهم.
تأثيرات بيئية وصحية
يؤدي تسرب الوقود من “الغالونات” (العبوات) نتيجة عدم إحكام إغلاقها، والتي يتم ربطها ببعضها لنقلها عبر النهر، إلى انتشار المازوت في مياه النهر وحتى في المواد الغذائية وغيرها التي يتم نقلها على القوارب، بحسب محمد العثمان، أحد سكان بلدة جديد بكارة في دير الزور.
وقال محمد لعنب بلدي، إن محاولات تنقية المياه بالكلور أو مواد كيماوية أخرى لا تجدي نفعًا بسبب حجم التلوث الكبير، مما أدى إلى حالات تسمم ولا سيما لدى الأطفال، وكذلك الحيوانات.
المهندس الزراعي وائل السيد، قال لعنب بلدي، إن المشتقات النفطية التي يتم نقلها عبر النهر تحتوي على مواد سامة، ولا يقتصر تأثيرها على تلويث مياه الشرب فقط، بل يمتد إلى التربة الزراعية التي تروى بها، مما يؤثر على نمو النباتات ويقلل من الإنتاج الزراعي.
التلوث يهدد القطاع الزراعي بشكل مباشر، بحسب ما قاله عبد الرزاق الفتاح من بلدة ذيبان في ريف دير الزور، مشيرًا إلى أنه يلاحظ بقعًا نفطية عند ري بساتينه من مياه النهر، مما يؤثر على التربة.
فرق الأسعار يدفع للتهريب
قال عاملون في تهريب النفط بدير الزور لعنب بلدي، إن الدافع الرئيس لعمليات التهريب هو فروقات الأسعار بين مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومناطق سيطرة الحكومة.
أحد المهربين من ريف دير الزور، قال إن سعر ليتر المازوت في مناطق “قسد” هو 5500 ليرة سورية، بينما يتجاوز 6500 ليرة في مناطق الحكومة.
وقدّر شاب آخر يعمل في تهريب الوقود حجم التهريب اليومي بمئات الآلاف من الليترات.
وأشار إلى أن هناك شبكات للتهريب تستخدم طرقًا سرية عبر الأنابيب الممتدة تحت النهر، بالإضافة إلى الصهاريج التي تجوب الطرق الوعرة.
إجراءات لمعالجة التلوث
مصدر في المخبر المائي بدائرة مياه دير الزور (تحفظ على نشر اسمه)، قال لعنب بلدي، إن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات فورية لمعالجة التلوث الحالي في نهر الفرات نتيجة عمليات التهريب، ويتطلب ذلك أولًا احتواء مكان البقع النفطية التي تطفو على سطح المياه، ويمكن استخدام حواجز عائمة لمنع انتشاره.
وبعد ذلك، تُستخدم أجهزة خاصة تُعرف باسم “كاشطات الطفو” لجمع النفط من سطح الماء، وفقًا للمصدر، وفي حالات التلوث الشديد، قد يُلجأ إلى طرق مثل الحرق المُسيطر عليه أو استخدام مواد ماصة.
وللتحقق من سلامة مياه الشرب، قال المصدر، إنه يتم إجراء تحاليل مخبرية باستخدام تقنيات متطورة مثل “الكروماتوغرافيا الغازية” (GC/MS)، وقياس الأكسجين الكيميائي والبيولوجي (COD وBOD)، بالإضافة إلى تحليل الهيدروكربونات البترولية الكلية (TPH).
جهود لمكافحة التهريب
مصدر في قوى الأمن الداخلي بدير الزور قال لعنب بلدي، إن قوى الأمن تقوم بدوريات يومية على النهر لملاحقة المهربين الذين ينقلون الوقود إلى مناطق سيطرة الحكومة.
وأوضح المصدر (الذي تحفظ على نشر اسمه لأسباب أمنية) أن دوريات الأمن الداخلي في دير الزور كثفت مداهماتها على أماكن ومواقع التهريب وصادرت كميات كبيرة من الوقود، وتم اعتقال عدد من المهربين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :