
حقول زيتون بريف محافظة طرطوس - 22 آب 2025 (سانا)
حقول زيتون بريف محافظة طرطوس - 22 آب 2025 (سانا)
عنب بلدي – شعبان شاميه
أثرت التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة وتبعاتها من جفاف وانخفاض في معدل الأمطار، إضافة إلى تسجيل موجات حارة في غير مواعيدها، على إنتاج الزيتون في سوريا، ما أدى إلى تراجعه.
كما لعبت التعديات الكبيرة التي طالت أشجار الزيتون في بعض المناطق من حرق إلى قص وقلع، دورًا كبيرًا في هذا التراجع.
وقال مدير المكتب الإعلامي في وزارة الزراعة، دياب صخوري، لعنب بلدي، إن من المتوقع تراجع إنتاج الزيتون للموسم الحالي بنسبة 35% عن الموسم الماضي، إذ يقدّر بشكل أولي بحوالي 412 ألف طن.
وأوضح صخوري أن حوالي 20% من هذه الكمية تخصص لإنتاج زيتون المائدة، والجزء الأكبر لاستخراج الزيت، الذي يمكن أن يصل إلى 65 ألف طن في حال كانت الظروف البيئية ودرجات الحرارة مناسبة خلال هذه الفترة “لاصطناع الزيت في الثمار”.
وذكر صخوري أن التغيّرات المناخية المتمثلة في تراجع معدل الهطول المطري هذا العام باعتبار أن 80% من الزراعة بعلية، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة في فترات حرجة، كان لها تأثير سلبي كبير على العقد وتطور الثمار، ما أدى إلى تراجع الإنتاج بنسبة 35% تقريبًا عن الموسم الماضي.
كما يعتبر هذا الموسم سنة “معاومة” للزيتون في أغلب المناطق، بحسب صخوري، إضافة إلى عدم قدرة المزارعين على تقديم الخدمات الزراعية المناسبة من تسميد وري تكميلي للحد من تأثير التغيّرات المناخية.
نصح صخوري المزارعين بضرورة مراقبة حقولهم لرصد احتمال الإصابة بـ”ذبابة ثمار الزيتون” عند توفر الظروف المناسبة لنشاطها، خاصة أن تطور حجم الثمار ونضجها سيكون بشكل مبكر نتيجة قلة الحمل هذا العام.
ولفت صخوري إلى أن المراقبة الدائمة تسمح بالتدخل بالمكافحة في الوقت المناسب عند الحاجة لذلك، كما أن من الضروري مراقبة قراءات المصايد بعد تحديد العتبة الاقتصادية للإصابة من قبل الفنيين في الوحدات الإرشادية ودوائر الوقاية في مديريات الزراعة بالمحافظات.
وأضاف مدير المكتب الإعلامي بوزارة الزراعة، أن ارتفاع درجات الحرارة خلال شهري تموز وآب لهذا العام حدّ من نشاط “ذبابة ثمار الزيتون”، في حين أثر الجفاف على انتشار ونشاط حشرة “حفار ساق التفاح” في عدة مناطق، وبشكل خاص في المناطق المزروعة بالأصناف الحساسة لهذه الإصابة كالصنف “الزيتي” و”النبالي” و”الفرنتويو” الإيطالي.
ويُراعى عند قطاف الزيتون مراقبة درجة النضج المناسبة للقطاف بحسب الأصناف ومناطق الزراعة ونسبة الزيت في الثمار، ويفضّل القطاف عند التلوّن بنسبة 60-70% للحصول على زيت بمواصفات جودة عالية ومواصفات حسيّة تذوقيّة مميزة، قال صخوري.
وبالتالي، يجب تجنت القطاف المبكر لتلافي أي خسارة في نسبة الزيت بسبب صعوبة الاستخلاص نتيجة عدم النضج، وأيضًا عدم التأخير في القطاف حتى التلوّن الكامل للثمار وتغيّر قوام الثمار ما يجعلها أكثر عرضة للأضرار الميكانيكية في أثناء القطاف والنقل، ما يؤدي إلى تدني مواصفات جودة الزيت الناتج عنها.
بيّن صخوري أن عمليات قطاف الزيتون في المناطق الساحلية تبدأ في نهاية شهر أيلول تقريبًا، وذلك بحسب كمية الحمل والظروف المناخية ومنطقة الزراعة، إذ يتأخر النضج في المناطق الجبلية عن المناطق القريبة من البحر، أما في المناطق الداخلية فيكون القطاف نهاية شهر تشرين الأول.
وحول أجور العصر، أوضح صخوري أنها تحدد عادة من قبل لجنة بالأمانة العامة في كل محافظة، تضم أعضاء من مديريات الزراعة والصناعة والتجارة الداخلية وحماية المستهلك وممثلين لغرف الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحين، وتُراعى عند تحديدها تكاليف التشغيل من محروقات وصيانة وأسعار المازوت خلال الموسم.
وتعتبر “ذبابة ثمار الزيتون” التي تبدأ بالظهور في شهر نيسان من كل عام من أخطر الآفات التي تصيب هذه الشجرة، إذ تشكّل تهديدًا اقتصاديًا نظرًا إلى تأثيرها على جودة وكمية المحصول، كما تُثير مخاوف المزارعين وتدفعهم والجهات المعنية للبدء بالتحضير لمكافحتها في الحقول بشكل مبكر للتخفيف من تبعاتها.
اختصاصية زراعة الزيتون وتكنولوجيا الزيت ربا المعلم، قالت لعنب بلدي، إن هذه الحشرة تبدأ بالظهور في الحقول اعتبارًا من شهر نيسان، لكنها لا تضع البيوض قبل حزيران، وبمعظم السنوات حوالي منتصف حزيران، خاصة في الظروف المناخية ذات الرطوبة العالية، لذلك هي أكثر شيوعًا في الساحل السوري.
وذكرت المهندسة أن “ذبابة ثمار الزيتون” عبارة عن حشرة صغيرة بطول خمسة ملمترات، ذات لون أصفر كستنائي، وهي من أبرز الحشرات والأكثر خطورة على أشجار الزيتون، إذ تصل نسبة الضرر بسببها لأكثر من نصف المحصول.
ولفتت الاختصاصية إلى أن بعض الأصناف أكثر حساسية من الأخرى، وخاصة ذات الحجم الأكبر للثمار من ذات الثمار الصغيرة، وكذلك تُصاب الأشجار المروية بصورة أشد من الأشجار البعلية.
وحول الأعراض، أوضحت المهندسة أنه يمكن تشخيص أعراض مبكرة على الثمار، تظهر بعد أربعة أيام من وضع الأنثى للبيضة، بواسطة اللسع بآلة وضع البيض، والتي تكون بصورة هالة نصف دائرية أو بعرض 0.2-0.5 سنتمتر وعمق ملمتر.
أما الأعراض المتأخرة للإصابة بالذبابة فتظهر بعد فقس البيض، وبدء تغذّي اليرقات على الثمار، إذ تظهر بقع بنية غامقة شبه دائرية، ويتلوّن اللب باللون البني، وعند تشريح الثمرة نجد اليرقة داخل اللب والأنفاق التي صنعتها، وبعد خروج اليرقات من الثمار إلى الأرض في طور العذراء نشاهد ثقب مكان خروج اليرقة، وفق المهندسة.
عن طرق المكافحة، قالت المعلم، إنها تتم عبر عدة مراحل، تبدأ خلال العمليات الزراعية، وتحديدًا الفلاحة بعد القطاف، والتي تعتبر عاملًا مساعدًا في القضاء على نسبة عالية من العذارى المختبئة داخل التربة، بالإضافة إلى جمع الثمار المصابة وإتلافها خلال الموسم (قبل الجني).
وأشارت الاختصاصية إلى أهمية مراقبة الأصناف الجاذبة للآفة، مثل “الدعيبلي” و”القيسي”، إذ تُعتبر أصنافًا مفضّلة للذبابة، لحماية الأصناف الأخرى باعتبارها تُصاب أولًا، وأن يطبّق عليها الرش الجزئي في الوقت المناسب.
وأضافت المعلم أن من طرق المكافحة أيضًا اتباع أسلوب الصيد الجماعي، باستخدام المصايد الجاذبة بنوعيها (مصايد ماكفيلد والمصايد البلاستيكية)، وتعتبر وسيلة للسيطرة على مجتمع الحشرة الكاملة وتخفيض أعدادها لأدنى حد ممكن.
وأوضحت الاختصاصية أن المصايد الجاذبة تُستخدم فيها مادة ثنائي فوسفات الأمونيوم بتركيز 1-2%، إذ تجذب هذه المصايد كلًا من الذكور والإناث، ويتم تعليقها بمعدّل خمس في الدونم، على أن توضع مصيدة في كل شجرة بمحيط الحقل.
وعند ارتفاع معدلات الصيد بهذه المصايد أو في المناطق التي تعتبر بؤرًا للإصابة بالذبابة، توضع عشر مصايد في الدونم أو بمعدل مصيدة في كل شجرة من أشجار البستان، ومصيدتان لكل شجرة في محيط الحقل، وتراقب هذه المصايد أسبوعيًا لمعرفة محتواها من الذباب، ويبدّل المحلول كل أسبوعين، وفق المهندسة.
والمصايد الشائعة شعبيًا في المنطقة الساحلية عبارة عن عبوات بلاستيكية تُملأ بالمادة الجاذبة، والتي يتم توزيعها عادة في الوحدات الإرشادية التابعة لمديريات الزراعة، إذ تثقب من أربعة إلى ستة ثقوب متقابلة في الجزء العلوي منها، وتعلّق على الأشجار مع دهنها من الخارج بلاصق الفئران.
وتُعدّ أشجار الزيتون واحدة من أقدم المزروعات الموجودة في سوريا، واحتلت سوريا المرتبة الرابعة عالميًا بين الدول المنتجة لزيت الزيتون من عام 2004 وحتى 2008، ليتراجع ترتيبها إلى المرتبة العاشرة خلال عام 2019.
ويعتبر الزيتون من أهم المحاصيل في سوريا، إذ يتجاوز عدد أشجاره 101 مليون شجرة، منها حوالي 90 مليونًا مثمرة، ويأتي في المرتبة الثالثة بين المحاصيل المحلية، ويسهم بنحو 3% من الدخل القومي للبلاد، وبـ9.5% من الدخل الزراعي، ويوفّر عملًا لنحو 300 ألف عائلة.
وبلغ الإنتاج من زيت الزيتون خلال موسم 2024، بحسب مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة، ؤ، 122 ألف طن، والاستهلاك المحلي 100 ألف طن، ما يعني وجود فائض للتصدير حوالي 22 ألف طن، بينما وصل إنتاج الزيتون النهائي للموسم المذكور إلى نحو 762 ألف طن، وخصص منه 20% لزيتون المائدة و80% لاستخراج الزيت.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى