سحب المياه من بحيرة بردى عبر الآبار المحيطة بها يتسبب بجفافها - 6 نيسان 2025 (عنب بلدي/ عمر علاء الدين)
بسبب "المعاومة" والجفاف
اتخذها “حزب الله” مركزًا عسكريًا لسنوات.. التعديات تجفف “بحيرة بردى”
عنب بلدي ـ عمر علاء الدين
بينما كان السائحون وأهالي المنطقة يزورن نبع بردى للاصطياف وقضاء بعض الوقت بجانب بحيرته الشهيرة، “باتت البحيرة جافة مقفرة تبعث على الأسى”، يقول محمد مظلوم، الرجل الستيني الذي يقطن على بعد أمتار من المعلم السياحي الأشهر والمعروف بـ”نبع بردى”.
وخلال السنوات الماضية، قبل سقوط النظام نهاية 2024، أقيم على جانبي النبع مركزان عسكريان، الأول يتبع لـ”جيش التحرير الفلسطيني”، والثاني لـ”حزب الله” اللبناني، إذ تأثرت المنطقة بشكل كبير بالعمليات القتالية التي نفذتها قوات النظام السوري إضافة إلى عناصر المركزين خلال سنوات الثورة، منذ عام 2011.
تقع بحيرة نبع بردى جنوب غرب الزبداني في ريف دمشق، وسط أرض حرجية كبيرة جرى استثمارها وتحويلها إلى منتزه في 1982، وكانت تعتبر من أهم المعالم السياحية في المنطقة قبل الثورة.
رصدت عنب بلدي أوضاع النبع وقامت بجولة مطولة فيه، والتقت الأهالي والعاملين والمسؤولين عنه للاطلاع على الواقع وخطة تأهيل هذا النبع.
التعديات على النبع
تشير صور الأقمار الصناعية، الملتقطة في 7 من حزيران 2024 بتقنية “جوجل إيرث”، إلى جفاف البحيرة تمامًا، بينما تظهر صور الأقمار في 21 من أيار 2011، أن البحيرة كانت تمتلئ بالماء.
مدير مياه دمشق وريفها، أحمد درويش، عزا جفاف البحيرة إلى وجود 36 بئرًا حول نبع بردى تقوم بسحب المياه، لغرض الشرب، من عمق يبلغ 60-100 متر، بغزارة تصل إلى 1.6 متر مكعب في الثانية.
وبحسب درويش، فإن عملية السحب تؤدي إلى جفاف البحيرة ومنع خروج المياه إلى وجه الأرض، إضافة إلى أن آبار الفلاحين في محيط المنطقة تستفيد من حوض النبع.
وفي حال قامت مؤسسة المياه بالتوقف عن استجرار مياه الشرب من هذه الآبار، فـ”من المؤكد أن المياه ستخرج من جديد”، وفق ما ذكره درويش لعنب بلدي.
وأضاف أن السبب الواضح لعدم خروج النبع وجريانه هو الجفاف، وقلة الهطولات المطرية والثلجية، والاستجرار القسري للمياه من تحت الأرض.
درويش قال إن هناك معسكرين (قديم وآخر جديد) يحتويان على آبار مياه، ضمن الـ36 بئرًا المستخدمة لاستجرار مياه الشرب.
ولا معلومات موثقة عن مساحة البحيرة الحقيقية، نظرًا إلى ردمها واقتطاع جزء منها في أوقات مختلفة، لكن بعض المصادر تشير إلى أن مساحتها كانت تصل إلى 6000 متر مربع.
وبسبب الحال التي وصل إليها النبع، فإن السائحين في هذه الأيام، وفق الأهالي، يرفضون القدوم إلى بحيرة نبع بردى، مفضلين التوجه إلى بحيرة “زرزر”، المعلم السياحي الشهير، والقريب أيضًا من طريق دمشق- بيروت.
“حزب الله” يحتل النبع
عاينت عنب بلدي مكان النبع، حيث ذكر أهالٍ من المنطقة أن “حزب الله” اللبناني كان يتخذ من نبع بردى منطقة عسكرية ويمنع الدخول والخروج إليها.
أحد العاملين في النبع، تحفظ على نشر اسمه لأسباب أمنية، قال إن “حزب الله” حوّل بعض مرافق النبع إلى مخازن للأسلحة، وكان يعقد اجتماعات دورية فيه.
وأشار العامل إلى أن عناصر “الحزب” عمدوا إلى زرع أشجار في كامل محيط النبع وحتى على أطراف أرضيته، قائلًا إنهم “كانوا يعتقدون أنهم مقيمون هنا للأبد، وبأفعال قريبة من الاحتلال أقام بعضهم هنا، برفقة عائلته، وكان النبع مركزًا لنشاطاتهم”.
العامل أكد أن عناصر “حزب الله” كانوا في كثير من الأحيان يتدخلون بعمل المنشأة من حيث قطع المياه عن دمشق، أو تعيين الموظفين وفصلهم، وهو ما أكده محمد مظلوم، الذي يقيم قرب النبع.
مقترح للتوسيع
رئيس بلدية الزبداني، سمير درويش، ذكر قصة أخرى تتعلق بهذا النبع، وقال في حديث إلى عنب بلدي، إنه عند إنشاء “معسكر الطلائع”، جرى اقتطاع جزء كبير من البحيرة التي كانت مساحتها الحقيقية ضعف المساحة الحالية.
وأشار إلى أن النظام ردم جزءًا كبيرًا من البحيرة وأقام “ردميات” حولها، كما عمد إلى تضييق أسوارها، لبناء المعسكر الثاني، مشيرًا إلى أن جزءًا لا بأس به من العيون التي كانت تغذي النبع قد سُدّت تمامًا.
وجراء تلك التعديلات، باتت البحيرة تجف في فصل الصيف، وتتحول في الشتاء إلى حيز لتجميع المياه، دون أن تكون مصدرًا لها، بسبب انسداد تلك الينابيع.
واقترح درويش، كحل إسعافي للبحيرة، إقامة سد صغير في الطرف المنخفض منها، إضافة إلى العمل على زيادة عمقها، ونتيجة لهذا الأمر سيرتفع منسوب المياه في البحيرة من جديد على حساب اليابسة التي اصطنعها نظام الأسد حول البحيرة في السنوات الماضية.
وهذا السد، بحسب درويش، سيحول دون جفاف البحيرة في الصيف ويعطيها خاصية تجميع الأمطار في الشتاء، إضافة إلى أن البحيرة بذاتها ستصبح، بفضل هذا السد، مصدرًا للمياه في حالات الطوارئ.
ورصدت عنب بلدي، في أثناء جولتها بالمنشأة، وجودة خراطيم مياه مبعثرة في الأرض تخرج منها المياه، إضافة إلى أن الينابيع الموجودة حول البحيرة تصدر على شكل عيون صغيرة بين الأرصفة ومن تحت الأسفلت في مشهد وصفه الأهالي والقائمون على النبع بـ”المؤسف”.
ويرى محمد مظلوم أن النبع يمكن إعادته إلى سابق عهده بالتعاون بين المحافظة وبلديات الزبداني ومضايا والروضة، إضافة إلى أهالي المنطقة، مشيرًا إلى أنه “ثروة للجميع وبالتالي فالجميع مسؤول عنه”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :