
الرئيس السوري أحمد الشرع يستقبل المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس براك في قصر الشعب بالعاصمة دمشق - 29 أيار 2025 (الرئاسة السورية/تلجرام)
الرئيس السوري أحمد الشرع يستقبل المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس براك في قصر الشعب بالعاصمة دمشق - 29 أيار 2025 (الرئاسة السورية/تلجرام)
عنب بلدي – كريستينا الشماس
تتجه الأنظار نحو زيارة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى نيويورك، للمشاركة في الدورة الـ80 من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر عقدها في نيويورك من 23 إلى 27 من أيلول الحالي، لتُختتم في 29 من الشهر نفسه.
وسيعقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مناقشة عامة رفيعة المستوى يشارك فيها عدد من قادة ورؤساء العالم، ومن المتوقع أن يُلقي الشرع أول خطاب لرئيس سوري أمام الأمم المتحدة منذ عام 1967.
تأتي زيارة الشرع المرتقبة إلى أمريكا عقب الولادة الجديدة للعلاقات السورية- الأمريكية بعد سقوط النظام السابق، وتحديدًا منذ لقاء الشرع مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الرياض، وإعلانه رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا في عهد النظام المخلوع.
في ضوء الزيارة المرتقبة، تناقش عنب بلدي مع متخصصين في الشأن السياسي، ما سيحمله الشرع من ملفات واحتمالات النشاط السياسي الموازي، والآثار على المستوى الدولي والإقليمي والداخلي، والتوقعات بشأن ما سيعقبها.
المحلل السياسي محمود علوش، قال لعنب بلدي، إن الزيارة المنتظرة للرئيس الشرع ستكون أهم ظهور خارجي له بعد لقائه الرئيس ترامب في الرياض، وستشكل منعطفًا مهمًا على مستوى ترسيخ الاعتراف الدولي بالنظام الجديد في سوريا، وعلى صعيد خروجها من عزلتها الدولية.
وأوضح علوش أن الخطاب الذي سيلقيه الشرع أمام أعضاء الأمم المتحدة، سيبنى عليه الكثير في تحديد الاتجاهات الداخلية والخارجية لسوريا الجديدة، خصوصًا فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الحكومة السورية على المستوى الداخلي بما فيها المشاريع الانفصالية، وأيضًا على المستوى الخارجي بما فيها التحدي الإسرائيلي.
ويعتقد علوش أن الخطاب الذي سيقدمه الشرع، سيكون بمثابة خريطة طريق واضحة لكيفية تعامل سوريا مع هذه التحديات، فضلًا عن أثر الزيارة فيما يتعلق بالتفاعل الدولي مع الحكم الجديد في سوريا، وربما ستكون هناك لقاءات مهمة بين الشرع ونظرائه الدوليين.
وحدد الباحث والمحلل السياسي فراس علاوي، ثلاثة ملفات يعتقد أنها ستناقش مع الجانب الأمريكي، بما ينسجم مع الاستراتيجية التي يتبعها الرئيس الأمريكي بإعطاء منطقة الشرق الأوسط أولوية الاستقرار في المنطقة.
أثارت زيارة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى أمريكا، جدلًا حول مدى قانونية دخوله إلى مبنى الأمم المتحدة باعتباره شخصًا لا يزال مدرجًا في قوائم إرهاب.
وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية لإزالة الشرع، ووزير الداخلية، أنس خطاب، من قوائم الإرهاب في مجلس الأمن، وفق ما ذكره موقع “المونيتور” الأمريكي، في آب الماضي.
ونقل الموقع عن مصادر دبلوماسية وصفها بالمطلعة، لم يسمِّها، أن أمريكا تضغط من أجل رفع العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على الرئيس السوري و”هيئة تحرير الشام” المنحلة حاليًا.
وعلى الرغم من مساعي أمريكا لشطب الشرع من قوائم الإرهاب، ومحاولتها لإعادة إدماج سوريا رسمياً في المحافل الدولية، بما في ذلك المشاركة في أعمال الجمعية العامة، فإن هناك بعض الدول لا تزال تتحفظ حول تلك المشاركة، وتحديدًا الصين، العضو الدائم في مجلس الأمن، والتي لم يصدر عنها حتى الآن اعتراف رسمي بالحكومة السورية.
وأشارت عنب بلدي في تقرير سابق، إلى أنه رغم محاولة الصين إعادة ترتيب أوراقها حيال علاقتها مع الحكومة السورية، بإرسال السفير الصيني إلى دمشق أكثر من مرة بعد سقوط النظام، الذي التقى مع الرئيس أحمد الشرع، ووزير الخارجية، أسعد الشيباني، فإنها لا تزال لديها مخاوف أمنية حيال وجود المقاتلين الإيغور ضمن القوات الحكومية السورية.
يرى المحلل السياسي محمود علوش، أن الولايات المتحدة الأمريكية تجري محادثات مع الدول الأساسية في مجلس الأمن الدولي من أجل إزالة الشرع من قوائم الإرهاب، وبالتالي قد يكون هناك تطور في هذه المسألة قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومن وجهة نظر الباحث السياسي فراس علاوي، فإنه في حال ألقى الشرع كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فهذا يعني إزالة اسمه من قوائم الإرهاب.
خطوات رفع العقوبات عن سوريا والاعتراف بالحكومة السورية كحكومة شرعية، سيفتح باب الدعم الدولي، وسينعكس على الملفات الداخلية وخاصة الدعم الإقليمي لمحاولات الانفصال التي تعد من أبرز العوائق التي تواجه الحكومة الحالية في سيطرتها على كل الجغرافيا السورية، والتي تشكل تحديًا في عدم استقرار الداخل السوري، بحسب ما أوضحه المحلل فراس علاوي.
ويتفق المحلل السياسي محمود علوش مع علاوي، في أن التفاعل الدولي مع الشرع له انعكاسات على المستوى الداخلي وسيساعد سوريا في التعامل مع التحديات.
وما تحتاج إليه سوريا اليوم، بحسب علوش، هو موقف دولي واضح يُترجَم إلى أفعال على الأرض فيما يتعلق بوحدة سوريا، فهناك أطراف خارجية وفاعلة في سوريا لديها تأثير على المشاريع الانفصالية، وبالتالي يُنتظر من هذه الدول أن تترجم تصريحاتها وموقفها بخصوص وحدة سوريا إلى أفعال.
دخول سوريا مرحلة جديدة منذ رفع العقوبات الأمريكية عنها، لا تظهر له نتائج “قوية فورية” في الشق الاقتصادي، كما قال المحلل محمود علوش، متوقعًا أن تحدث “الانفراجة الاقتصادية” بشكل تدريجي في الفترة المقبلة، ولكن الأمر مرهون بعدة عوامل، منها مدى قدرة الشرع على ترسيخ حالة الاستقرار الداخلي، وما تتطلبه من معالجة التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة في ملفي السويداء و”قسد”.
عدم تلمس نتائج رفع العقوبات الأمريكية حتى الآن هو أمر متوقع، لأن الوضع السياسي وحالة عدم اليقين على المستوى الداخلي، ستبقى ضاغطة على عملية التعافي الاقتصادي.
محمود علوش
محلل سياسي
وأضاف علوش أن الاستجابة الدولية للانفتاح على سوريا مرهونة بهذه العوامل لتحديد مستوى التعافي الاقتصادي.
بالمقابل، أشار الباحث السياسي فراس علاوي، إلى أن باب الاستثمار سيفتح أمام الشركات التي تتخوف من العقوبات الأمريكية والدولية.
ومن جهة أخرى، فإن تحقيق الاستقرار الأمني ورفع العقوبات، سيزيدان من فعالية الاقتصاد السوري.
على الرغم من نفي مدير إدارة الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية السورية، قتيبة إدلبي، في تصريح سابق لعنب بلدي، وجود لقاء يجمع بين الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، فإن التحليلات السياسية لم تتوقف بشأن توقع اتفاق مرتقب يجمع بين الجانب السوري والإسرائيلي.
ثمة “احتمال بمفاجأة أو تحول مهم في العلاقات السورية- الإسرائيلية”، قال المحلل الساسي محمود علوش، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية تدفع باتجاه إبرام اتفاقية أمنية بين الطرفين، وهناك بعض التقارير تشير إلى أن الإدارة الأمريكية ترغب في أن يحصل هذا الاتفاق على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويرى علوش أنه لا يمكن الجزم بحصول لقاء إسرائيلي- سوري، لكن هذا الافتراض قائم بطبيعة الحال، فالمفاوضات بين الطرفين بشأن الاتفاقية الأمنية تحقق خطى متقدمة، ولا سيما خلال الاجتماع الأخير بباريس في 19 من آب الماضي، وعلى ما يبدو فإنه لا تزال هناك بعض الخلافات الأساسية بين الطرفين، ولكن لا يمكن تحديد مدى تجاوزها قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولا يعتقد علوش أن يكون هناك لقاء سوري- إسرائيلي، خصوصًا بين الشرع ونتنياهو، دون أن يكون هناك توقيع اتفاقية رسمية بينهما.
من جهته، يرى الباحث السياسي فراس علاوي، أن لقاءات الحكومة السورية مع الإسرائيليين مرتبطة بما تريده أمريكا، ومدى توافقها مع الحكومة السورية.
وتوقع علاوي حصول تواصل بوساطة أمريكية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، دون لقاء مباشر بين الشرع ونتنياهو، لمناقشة عدد من الملفات أبرزها ملف الجنوب، وفرض الأمن على الحدود، والاعتداءات الإسرائيلية وتوغلها في الأراضي السورية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى