
تدريب حول المواطنة الرقمية ودورها في بناء السلام ضمن مشروع بصمة-تك - 10 أيلول 2025 (دارة سلام)
تدريب حول المواطنة الرقمية ودورها في بناء السلام ضمن مشروع بصمة-تك - 10 أيلول 2025 (دارة سلام)
عنب بلدي – كريستينا الشماس
مع ثورة تكنولوجيا المعلومات، بات معظم السوريين يعتمدون على الفضاء الرقمي كمصدر لتلقي الأخبار، فتحول الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي إلى مساحة رئيسة للتعبير والتفاعل ومتابعة آخر الاحداث.
لكن هذا الحضور المكثف ترافق مع تحديات متصاعدة، أبرزها انتشار المعلومات المضللة وخطابات الكراهية التي تهدد النسيج الاجتماعي.
وفي ظل غياب سياسات رقمية فعالة لحماية الأفراد وضمان استخدام آمن للتكنولوجيا، أصبحت المخاطر الرقمية تهدد الأمن النفسي والاجتماعي وفرص بناء السلام في المجتمع السوري.
ناقشت عنب بلدي مع صحفيين وناشطين مجتمعيين سوريين مدى تأثير المعلومات المضللة وخطابات الكراهية المنتشرة عبر الفضاء الرقمي على المجتمع السوري.
قالت نسيبة موسى، وهي صحفية ومن مستخدمي الفضاء الرقمي، لعنب بلدي، إن مسؤوليتها كصحفية تفرض عليها التحقق من أي معلومة، صحيحة كانت أو مضللة، عبر البحث عن مصدرها وظروف نشرها، والتأكد من خلفياتها قبل التعامل معها.
وأوضحت أنها لا تعيد نشر المعلومة المضللة حتى بهدف التحذير منها، كي لا تسهم في انتشارها، بل تركز على نشر ما هو موثوق وحقيقي.
أما في مواجهة خطاب الكراهية، فترد نسيبة بخطاب بديل قائم على الإصغاء والدقة في اختيار الكلمات، مع التبليغ عن أي محتوى مسيء قد يهدد الأفراد أو المجتمع.
بدورها، وصفت منال فتيح، إحدى مستخدمات مواقع التواصل الاجتماعي، مواجهة المعلومات المضللة وخطابات الكراهية بالمهمة الصعبة، نظرًا إلى انتشارها الكبير في الفضاء الرقمي، مشيرة إلى أنها تأثرت بشكل مباشر حين أجبرتها شائعة خاطئة على ترك منزلها أيامًا عدة.
“رغم وعيي المعتاد بضرورة التحقق من أكثر من مصدر، وجدت نفسي هذه المرة ضحية للرعب، ما يثبت أن التأثير النفسي لهذه المعلومات هائل”، قالت منال.
واعتبر محمود الصمادي، ناشط مجتمعي، أن مواجهة المعلومات المضللة تبدأ بـ”الوعي النقدي”، عبر تحليل المحتوى والتساؤل عن مصدره ودوافعه، خاصة أن خوارزميات المنصات الرقمية تضخم المحتوى المثير للانقسام.
وأكد محمود ضرورة التحقق من المصادر قبل إعادة النشر أو التفاعل، إضافة إلى ما يسميه “المواجهة الرمزية”، أي الرد على خطاب الكراهية بالفن والشعر وسرديات بديلة تعيد الاعتبار للضحايا وتظهر الوجه الإنساني، مقترحًا بناء مساحات رقمية آمنة للحوار والتفريغ العاطفي.
المعلومات المضللة تؤثر على المزاج الجماعي وتزرع القلق والخوف والانقسام، وبهذا الشكل أثرت على المجتمع السوري.
محمود الصمادي
ناشط مجتمعي
قالت نسيبة موسى، إن الشباب السوري الواعي مطالب برفض أي خطاب يدعو إلى التفرقة على أساس طائفي أو عرقي أو ديني أو جنسي، والعمل عبر مؤسسات المجتمع المدني للتوعية بمخاطر هذه الخطابات.
كما يجب المطالبة بتفعيل قوانين الجريمة الإلكترونية، التي لا يزال الكثيرون يستهزئون بها، فغياب القوانين الصارمة قد يترك سوريا عرضة لمجازر وخسائر لا تقل خطورة عن السلاح، بحسب تعبيرها.
ويرى محمود الصمادي أن دور الشباب يتجاوز الرد، ليشمل إنتاج خطاب بديل عبر سرديات جديدة عن التنمية والتعدد والهوية السورية الجامعة.
وأضاف محمود أن على الشباب أن يكونوا فاعلين لا متلقين فقط، عبر التحرك الرقمي لنشر الوعي، وإعادة تعريف الوطنية بما يتجاوز الانتماءات الضيقة، لنتجه نحو بناء مفهوم الوطن كفضاء للعدالة والكرامة.
“المشاركة في الحوارات المجتمعية ضرورية، فالشباب ليسوا جمهورًا فقط، بل يمكن أن يكونوا صانعي سياسات وميسرين لحوارات عابرة للهويات والانتماءات”، قال محمود.
وجود قوانين قوية وصارمة تحد من انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية أمر ضروري، برأي الصحفية نسيبة موسى.
فغياب القوانين الرقمية سمح بتداول الأخبار المغلوطة خلال الأحداث الأخيرة في سوريا، ما أدى إلى ضياع البوصلة وخطر إعاقة الوصول إلى العدالة والسلام خلال المرحلة الانتقالية.
“القانون يجب أن يكون رادعًا يفرض غرامات وعقوبات صارمة، ليشكل عبرة لمن يعتدي على دين أو طائفة أو عرق أو أي فئة في المجتمع”، قالت نسيبة.
وتتفق معها منال فتيح على أن القانون هو الرادع الأول والأخير، مشددة على ضرورة أن يتضمن عقوبات واضحة مثل الغرامات المالية والسجن.
وترى منال أن التوعية المجتمعية، خصوصًا بين الشباب، يجب أن تترافق مع القوانين، عبر حملات تستهدف الفئات الأكثر تأثرًا بخطاب الكراهية، للوصول تدريجيًا إلى حلول جذرية.
ويملك محمود الصمادي، ناشط مجتمعي، وجهة نظر أخرى فيتعامل مع فكرة القوانين بحذر، معتبرًا أنها “سلاح ذو حدين”.
واعتبر أن الحاجة إليها قائمة لحماية الفئات المستضعفة وضمان بيئة رقمية آمنة، خاصة أن المعلومات المضللة تزرع الخوف وتفكك الثقة المجتمعية.
واقترح محمود بدائل موازية، مثل محو “الأمية الإعلامية”، لتمكين الأفراد من التمييز بين الحقيقة والتضليل، والمساءلة المجتمعية التي تتحقق بوجود آليات مجتمعية لرصد خطاب الكراهية والتعامل معه.
برزت مبادرة “دارة سلام”، وهي مبادرة سورية محلية، تهدف إلى دمج التكنولوجيا بعملية بناء السلام، وتركز على سرديات العدالة، وتستهدف النساء والشباب في أنشطتها.
وفي هذا السياق، أطلقت المبادرة مشروع “بصمة-تك”، الذي ينطلق من مفهوم “المواطنة الرقمية” ودورها في بناء السلام.
تحدث مصطفى كليب، عضو في مبادرة “دارة سلام”، لعنب بلدي، أن الهدف الأساسي من المشروع هو تمكين المستخدمين وخاصة الشباب من أن يكونوا مواطنين فاعلين وإيجابيين في العالم الرقمي، بطريقة لا يكون المستخدم مجرد متلقٍ للمحتوى، بل صاحب بصمة إيجابية تسهم في خلق بيئة رقمية أكثر أمانًا واحترامًا وتسامحًا.
قال كليب، إن المجتمع الرقمي في سوريا يواجه عدة تحديات منها:
اقترح مصطفى كليب، عضو مبادرة “دارة سلام”، حلولًا لمواجهة التحديات الرقمية عبر التوعية والتمكين من خلال المشاريع المحلية، مثل “بصمة-تك” لرفع مستوى الثقافة والمواطنة الرقمية، وهي:
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى