دون بدائل.. مدارس درعا تنذر مهجري السويداء بالمغادرة

مهجرين من محافظة السويداء في مركز إيواء داعل في ريف درعا الغربي - 9 أيلول 2025 (عنب بلدي/محجوب الحشيش)

camera iconمهجرون من محافظة السويداء في مركز إيواء داعل في ريف درعا الغربي - 9 أيلول 2025 (عنب بلدي/محجوب الحشيش)

tag icon ع ع ع

تستمر تداعيات أحداث السويداء التي بدأت في 14 من تموز الماضي، على المدنيين المهجرين من قراهم في المحافظة.

ويواجه المهجرون من السويداء، الذين يقطنون في مدارس حكومية اتخذت كمراكز إيواء لهم في محافظة درعا، صعوبات في البحث وإيجاد أماكن بديلة، مع اقتراب بدء العام الدراسي المقرر في 21 من أيلول الحالي.

كما تحتاج المدارس التي شغلها النازحون، لترميم جزئي وتنظيف للصفوف، وطلاء الجدران استعدادًا لاستقبال الطلبة، في حين لم تتخذ أي إجراءات من الجهات المعنية حيال تأمين مساكن بديلة للنازحين حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.

وبحسب مدير تربية درعا، محمد الكفري في تصريح لعنب بلدي، يبلغ عدد المدارس التي يقطنها النازحون من السويداء، 52 مدرسة معظمها في ريف درعا الشرقي.

إبلاغات من قبل المدارس

أبلغت إدارة مدرسة المليحة الشرقية في ريف درعا الشرقي، النازحين فيها بضرورة الإسراع في إخلاء المدرسة قبل بداية العام الدراسي الجديد، دون أن تؤمن لهم أي مراكز إيواء بديلة.

بشار الحمود، أحد قاطني هذه المدرسة، قال لعنب بلدي، إنه لا يوجد أي بدائل يلجأ إليها مع عائلته.

وحاول بشار أن يجد سكنًا في أحد المشاريع الزراعية، أو أن يعمل في حراستها لتأمين مكان بديل له ولعائلته، لكنه فشل في ذلك.

وأضاف بشار، أن إدارة المدرسة أبلغت عائلته مرتين بضرورة الإخلاء الفوري، ولا يعلم أين يتجه في عائلته، حيث لا توجد أي بدائل سكنية متوفرة حتى الآن.

ولا يمتلك بشار من المال ما يعينه على استئجار منزل يأويه مع عائلته في ريف درعا الشرقي.

ومطلع أيلول الحالي، طالبت إدارة مدرسة ثانوية داعل من العائلات التي نزحت إليها، إخلاء المدرسة.

بحثت سمية العلي، إحدى النازحات المقيمات في الثانوية، عن بيت للإيجار في مدينة داعل، مشيرة إلى أنها لم تجد بيوتًا إيجارها أقل من 600 ألف ليرة بالشهر، وهو مبلغ لا تستطع عائلتها دفعه.

وتعمل سمية في أعمال المياومة الزراعية (أي تتلقى أجرها على اليوم الواحد التي تعمل به)، وقالت إن فرص العمل قليلة، لأن معظم مجهري السويداء يعملون في الزراعة، ولا يمتلكون مهنة أخرى يعملون بها.

تراجع المساحات المزروعة بمنطقة داعل إثر تراجع منسوب مياه الري فيها، يتسبب بقلة الطلب على الأيدي العاملة في الزراعة.

وحملّت سمية المسؤولية للحكومة في تأمين مراكز مستدامة، لحين عودة المهجرين من السويداء إلى منازلهم.

“الحكومة هي من أمنت لنا مراكز الإيواء بعد الأحداث الأخيرة في السويداء، وهي الآن مكلفة في تأمين مراكز إيواء لنا لحين عودتنا إلى منزلنا”، قالت سمية.

واقترح عقاب الحمد، من سكان السويداء ويقطن حاليًا في مركز إيواء بداعل، توزيع خيام على العائلات للسكن في محيط المشاريع الزراعية، أو محيط مراكز الإيواء.

واعتبر عقاب أن الخيمة هي الحل الأخير الذي يمكن أن يأوي عائلته التي تشردت من منزلها في السويداء.

تراخي حكومي

رغم حاجة المدارس التي شغلها المهجرون، للتنظيف وترميم المقاعد وطلاء الجدران وإعادة تأهيل الألواح، لم تباشر مديرية تربية درعا بهذه الإجراءات، بالرغم من اقتراب موعد بداية الفصل الدراسي الجديد.

مدير تربية درعا، محمد الكفري، قال لعنب بلدي، إن المديرية عملت بالتنسيق مع وزارة التربية على إرسال تقارير إلى وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث، من أجل إيجاد مراكز بديلة لمهجري السويداء، ولإتاحة الفرصة لتجهيز المدارس قبل بداية العام الدراسي القادم.

وأضاف الكفري أن لدى المديرية دراسة جاهزة لترميم المدارس المتضررة، وستباشر قريبًا عملية الترميم على نفقة حملة تبرعات “أبشري حوران“، التي خُصص قسم منها لترميم المدارس.

وأشار الكفري إلى أن ترميم المدارس سيبدأ بالفارغة، إذ جرى تأجيل خطة ترميم المدارس التي يقيم فيها المهجرون لحين إيجاد مراكز بديلة لهم.

مراكز بديلة

حول إيجاد مراكز بديلة للمهجرين من السويداء، تحدث عضو المكتب التنفيذي للشؤون الاجتماعية، حسين النصيرات، لعنب بلدي، أنه طرحت بعض المواقع كمراكز بديلة، لكنها لا تغطي 10% من أسر النازحين.

وأوضح النصيرات أنه من الصعب وضع معايير لاختيار هذه الأسر، بسبب علاقة الترابط التي تجمع أسر البدو، وعدم رغبتهم بالتفرق من خلال التوزع على مناطق السكن المختلفة.

ونوه النصيرات لوجود مشكلة في الإسكان بمحافظة درعا، نظرًا لزيادة عدد السكان وعودة المهجرين إليها، في ظل نقص كبير بالأماكن السكنية المؤهلة للعيش، نتيجة تضررها خلال سنوات الحرب.

الأولوية للعودة

طالب المهجر بشار الحمود تأمين مساكن للمهجرين في ريف السويداء الغربي، الذي هو حاليًا تحت سيطرة الأمن الداخلي.

واعتبر حمود أن تهجيرهم الديمغرافي يعد جريمة بحقهم، لأن ما حدث كان بمثابة اقتلاعهم بالقوة من أرضهم، لذا يفضل العودة بشكل مبدئي إلى قرى السويداء.

أشار عضو المكتب التنفيذي في محافظة درعا، حسين النصيرات، إلى أن الأولوية التي تعمل عليها الحكومة هي إعادة النارحين إلى منازلهم في السويداء.

ولفت أنه سيتم العمل على عودة المهجرين، من خلال حشد الموارد لتأهيل المنازل المتضررة، وفتح قنوات التواصل بين مختلف الأطراف في السويداء، للاتفاق على العودة الآمنة للمهجرين إلى قراهم بعد بناء جسور الثقة بينهم.

وأوضح النصيرات أنه بدأ بالفعل التنسيق بين الجهات الحكومية وفصائل السويداء، على وضع خطوات جديّة لتأمين عودة المهجرين.

وقال محافظ السويداء، مصطفى البكور في 10 من أيلول، إن الحكومة تعمل على وضع خطة شاملة لإعادة المهجرين من السويداء إلى قراهم وممتلكاتهم، بما يضمن استقرارهم واستعادة حياتهم الطبيعية.

وأوضح  أن الحكومة وعلى رأسها وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث، تتابع أوضاع الأهالي المهجرين من قرى السويداء والمقيمين في مراكز الإيواء المؤقتة بمحافظة درعا وداخل مدينة السويداء.

وأشار بكور إلى أن محافظة السويداء قامت بتوجيه المنظمات الإنسانية والهلال الأحمر السوري لتأمين إغاثة عاجلة تضمن تلبية الاحتياجات الأساسية للمهجرين.

أطفال تهجروا من محافظة السويداء إلى مركز إيواء داعل في ريف درعا الغربي - 9 أيلول 2025 (عنب بلدي/محجوب الحشيش)

أطفال تهجروا من محافظة السويداء إلى مركز إيواء داعل في ريف درعا الغربي – 9 أيلول 2025 (عنب بلدي/محجوب الحشيش)

ماذا حدث؟

بدأت أحداث السويداء في 12 من تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادلة بين سكان حي المقوس في السويداء، ذي الأغلبية البدوية وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، تطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات متبادلة.

تدخلت الحكومة السورية في 14 من تموز، لفض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، وتصرفات مهينة، ما دفع فصائل محلية للرد، بما فيها التي كانت تتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية.

في 16 من تموز، خرجت القوات الحكومية من السويداء، ما أعقبه انتهاكات وأعمال انتقامية بحق سكان البدو في المحافظة، بحسب شهادات حصلت عليها عنب بلدي، الأمر الذي أدى إلى إرسال أرتال عسكرية على شكل “فزعات عشائرية” نصرة لهم.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة