متهالكة وبلا خطة عمل

مطالبات بتفعيل المراكز الصحية في ريف حلب الجنوبي

مركز العيس الطبي يفتقد للمعدات الطبية والكوادر البشرية - 8 أيلول 2025 (عنب بلدي)

camera iconمركز العيس الطبي يفتقد للمعدات الطبية والكوادر البشرية - 8 أيلول 2025 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

حلب – محمد ديب بظت

يشتكي أهالٍ في بلدات الريف الجنوبي بحلب من غياب الخدمات الطبية الأساسية، رغم وجود أبنية مخصصة لمراكز صحية في عدد من القرى والبلدات، مثل بلدة العيس.

وأشار سكان من المنطقة لعنب بلدي، إلى أن هذه المراكز مغلقة فعليًا، ما يدفع الأهالي للاعتماد على مبادرات محلية فردية أو على أدوية إسعافية يجلبونها بأنفسهم.

غياب هذه الخدمات انعكس مؤخرًا بشكل مأساوي، ففي 4 من أيلول الحالي، نقل مركز جنوب حلب الإعلامي خبر وفاة الطفل مهنا أحمد حومد من بلدة الحاضر بريف حلب الجنوبي، إثر تعرضه للدغة أفعى، وعدم تمكن ذويه من إسعافه في الوقت المناسب بسبب بُعد المسافة إلى أقرب مركز طبي مجهز في مدينة حلب.

ورغم محاولات العائلة نقل الطفل لتلقي العلاج، فإنه فارق الحياة على الطريق، في حادثة تعكس الواقع الصحي الهش في الريف الجنوبي، وتسلط الضوء مجددًا على الحاجة الملحة لتأمين مستشفيات ومراكز طبية مجهزة قادرة على التعامل مع الحالات الطارئة.

لا خطة واضحة لتشغيل المراكز

شكاوى الأهالي تركزت على غياب خطة واضحة لتشغيل هذه المراكز وتوفير تجهيزات أساسية، كالأدوية والإبر المضادة للدغات العقارب، أو وجود سيارات إسعاف قادرة على التدخل السريع.

محمد السرحان، أحد سكان بلدة العيس، قال لعنب بلدي، إن المركز الصحي في البلدة يعتمد حاليًا على مبادرات أهلية من الأهالي أنفسهم، الذين يحاولون صيانة المبنى وتحسينه، إلا أن هذه الجهود لا تكفي لتشغيل المركز بشكل فعال.

وأضاف محمد أن المركز يحتاج إلى أجهزة ومعدات طبية، وإدارة منظمة، وصرف رواتب للموظفين بعد تجهيزه، ليتمكن من تقديم خدماته بشكل حقيقي.

وأشار إلى أن تفعيل المراكز الصحية في فصل الصيف يصبح أمرًا ضروريًا، خاصة مع تزايد وجود الأفاعي والعقارب في المنطقة.

وشدد على أن أي حالة طارئة تحتاج إلى مركز صحي متوفر وجاهز للعمل على مدار الساعة لضمان سرعة التدخل وحماية حياة السكان.

محمد العبد الله، أحد سكان بلدة العيس، قال لعنب بلدي، إن غياب مركز صحي مجهز يشكل خطرًا يوميًا على الأهالي، خصوصًا مع زيادة حالات لدغات العقارب والأفاعي في فصل الصيف.

وأضاف محمد أن أي حادث طارئ يحتاج إلى تدخل سريع ومركز مجهز بالكامل، موضحًا أن الوصول إلى أقرب مركز صحي في مدينة حلب يستغرق وقتًا قد يكون كافيًا لتفاقم الحالات البسيطة وتحولها إلى حالات مميتة.

وأكد أن الأهالي يشعرون بالقلق المستمر نتيجة غياب الخدمات الطبية الفاعلة في المنطقة، مشددًا على أن تشغيل المراكز الصحية بشكل كامل ضرورة حيوية لتقليل المخاطر وحماية حياة السكان، خاصة الأطفال وكبار السن.

وأشار محمد إلى أن معظم الحالات الطبية تجبر الأهالي على التوجه إلى مدينة حلب لتلقي العلاج، وهو ما يفرض عليهم أعباء مالية إضافية، مثل أجور النقل والإقامة أحيانًا، بالإضافة إلى خطر التأخر في إسعاف الحالات الطارئة.

من جهته، ذكر المكتب الصحفي في مديرية الصحة بحلب لعنب بلدي، أن المراكز الصحية في الريف الجنوبي تعمل حاليًا وعلى مستوى عالٍ من الخدمة، مشيرًا إلى أن مستشفى “الحاضر” يعد من أكبر المستشفيات في المنطقة.

وبخصوص حادثة وفاة الطفل في بلدة الحاضر، قال المكتب إن هذه حالة خاصة، وقد تمت معالجة أصل المشكلة بشكل سريع، من خلال إرسال سيارات إسعاف وتجهيز العلاج اللازم للتعامل مع مثل هذه الحالات.

وأضاف المكتب أن المديرية افتتحت مؤخرًا عدة مراكز صحية جديدة، من بينها: “الفردوس”، “البوابية”، “الزربة”، “تل الضمان”، “البطرانة”، “عندان”.

مراكز قيد الترميم

رئيس دائرة برامج الصحة العامة في مديرية صحة حلب، فراس دهيمش، أوضح لعنب بلدي أن البنية التحتية للمراكز الطبية في الريف الجنوبي كانت متهالكة ومدمرة ومنهوبة، ومع عودة السكان عملت المديرية على تفعيل عدد من المراكز الصحية ضمن المنطقة، إضافة إلى وضع خطط سريعة لتقييم هذه المراكز بالتعاون مع المنظمات، حيث يوجد حاليًا ما لا يقل عن عشرة مراكز صحية قيد الترميم والتجهيز.

وأشار دهيمش إلى أن الفاقد في المراكز الصحية يتم تعويضه من خلال الفرق الجوالة والعيادات المتنقلة، التي تزور بشكل دوري القرى المأهولة في الريف الجنوبي، وتقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية للأهالي.

ونوه إلى افتتاح مركز توليد طبيعي في منطقة الحاضر يعمل على مدار الساعة، وتم تزويده بالأمصال الخاصة بلدغات الأفاعي والعقارب تلبية للحاجة الملحة في المنطقة.

وأضاف أن المديرية بصدد تجهيز مركز إسعاف على مدار الـ24 ساعة في الحاضر، مع توقع إضافة خدمات جديدة للريف الجنوبي خلال الأيام المقبلة.

ولفت دهيمش إلى أن المديرية تستقبل أي متطوعين حاصلين على شهادات تؤهلهم لمزاولة المهن الطبية للعمل ضمن المراكز الصحية، في خطوة لتعزيز الكادر وتوسيع نطاق الخدمات.

وشهد ريف حلب الجنوبي على مدار السنوات الماضية دمارًا واسعًا للبنية التحتية الصحية نتيجة الحرب المستمرة والنزاع المسلح.

وتضررت العديد من المراكز الصحية والمستشفيات بشكل كامل أو جزئي، كما تعرض بعضها للنهب والسلب، بينما بقيت مرافق أخرى مهجورة وغير مجهزة.

وتحولت هذه المراكز التي كانت تعد خط الدفاع الأول للأهالي إلى أبنية فارغة لا تقدم أي خدمات طبية، ما أجبر السكان على قطع مسافات طويلة إلى المستشفيات في المدينة لتلقي العلاج.

وتفاقمت الأزمة بسبب نقص الكوادر الطبية في عموم المحافظة وغياب المعدات الأساسية، ما زاد من المخاطر، خصوصًا في الحالات الطارئة مثل لدغات العقارب والأفاعي أو الأمراض المفاجئة.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة