
تجمع للنفايات في شارع البرج بحي الميدان في مدينة حلب - 27 أيلول 2025 (عنب بلدي)
تجمع للنفايات في شارع البرج بحي الميدان في مدينة حلب - 27 أيلول 2025 (عنب بلدي)
حلب – محمد ديب بظت
تزداد معاناة سكان حي الميدان وعدد من الأحياء الشرقية في مدينة حلب مع تفاقم مشكلة تراكم القمامة في الشوارع، وسط غياب حلول فعالة من مجلس المدينة.
ويعزو الأهالي المشكلة إلى ضعف خدمات النظافة، ما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة وتزايد الحشرات في الأحياء السكنية.
وفي أحياء مثل الشعار والصاخور شرق المدينة، يضطر الأهالي للتأقلم مع حاويات ممتلئة بشكل دائم، فيما تنتشر الروائح والحشرات خاصة مع حرارة الصيف.
وفي مناطق أخرى كالميريديان والجميلية والمحافظة، حيث يفترض أن تكون الخدمات أفضل، لا يختلف الوضع كثيرًا مع بطء استجابة فرق النظافة.
في الوقت نفسه، تعاني تلك المناطق بشكل عام من تهالك البنية التحتية بعد الحرب، بما في ذلك الطرق والحاويات، ما يزيد من صعوبة جمع القمامة بانتظام.
ويحتاج تحسين النظافة إلى خطة طويلة الأمد، تشمل تعزيز الكوادر وتوفير المعدات، ورفع مستوى الوعي البيئي بين السكان.
مشهد تراكم النفايات يتكرر يوميًا، فالقمامة تبقى أحيانًا لأيام دون أن تُجمع، بحسب محمد معراتي، من سكان حي ميسلون.
وذكر محمد لعنب بلدي أن الوضع لم يعد محتملًا، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، التي تزيد من حدة الروائح.
من جانبه، أوضح زين جمعة، المقيم في حي الميدان، أن تراكم أكوام القمامة قرب المدارس والأسواق يضاعف من معاناة السكان.
وأوضح أن بعض الأهالي اضطروا لحرق النفايات بأنفسهم للتخلص من الروائح، وهذا بدوره يسبب دخانًا مزعجًا ويضر بصحة الأطفال، خاصة تجمع القمامة الملاصق لمدرسة “زكي الأرسوزي”.
أما معتز جمعة، أحد سكان حي الشعار، فقال إن واقع النظافة في الحي تحسن بعد الأيام الأولى للحملة التي أطلقتها المحافظة في حزيران الماضي، خصوصًا الشوارع الرئيسة.
وأوضح لعنب بلدي أنه مع مرور الوقت ساءت الأحوال مجددًا، وبدأت النفايات تتراكم في بعض الحارات الفرعية.
وأكد أن التحسن كان مؤقتًا، وما زالت الحاجة إلى متابعة مستمرة واضحة.
أما محمود طحان، صاحب متجر في حي صلاح الدين، فأشار لعنب بلدي إلى أن مشكلة القمامة ليست جديدة، لكنها تفاقمت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة.
وأضاف أنه منذ فترة قصيرة نُفذت حملة نظافة كبيرة، لكن سرعان ما عاد الوضع كما كان، و”كأن الحملات مؤقتة فقط لإرضاء الأهالي أو لالتقاط الصور”، بحسب تعبيره.
الأهالي يختلفون في تفسير أسباب المشكلة، فبينما يعتقد بعضهم أن النقص في عدد عمال النظافة والآليات هو السبب الأساسي، يرى آخرون أن غياب التنظيم والرقابة من مجلس المدينة هو العامل الأبرز.
وأكد الأهالي الذين التقت بهم عنب بلدي أن الحاويات الموجودة قليلة، وغالبًا ما تمتلئ بسرعة، ما يدفع السكان إلى رمي النفايات بجانبها.
تراكم القمامة لا يقتصر على تشويه المشهد العام، بل يثير مخاوف من انعكاسات صحية، وزيادة احتمالية انتشار أمراض موسمية مثل الإسهال والحمى عند الأطفال، فضلًا عن توفير بيئة مناسبة لتكاثر الحشرات والقوارض وانتشار ما يعرف بمرض الليشمانيا أو “حبة حلب”.
وطالب سكان الميدان والأحياء الشرقية بخطة أكثر استمرارية لمعالجة أزمة النظافة، تتضمن زيادة عدد الحاويات، وتكثيف حملات الجمع، وتنظيم مواعيدها بشكل ثابت.
كما نوهوا إلى أهمية تعزيز التعاون مع المبادرات الأهلية لتخفيف الضغط عن مجلس المدينة.
محمد علي العزيز، رئيس مجلس مدينة حلب، أوضح في حديث إلى عنب بلدي، أن تفاقم أزمة القمامة في الأحياء الشرقية، ولا سيما الميدان، يعود إلى عدة أسباب، أبرزها نقص “الضاغطات”، وقلة عدد الحاويات، ونقص كبير في العمال، إلى جانب زيادة عدد السكان بعد “تحرير” المدينة.
وأضاف العزيز أن المجلس يتعامل مع شكاوى الأهالي عبر استقبالها ورقيًا أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ويتم تحويلها “أصولًا إلى الجهة المسؤولة”، مؤكدًا أن المعالجة تكون “فورية”.
بحسب العزيز، من المتوقع خلال الفترة القريبة توقيع اتفاقية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، بالإضافة إلى إطلاق حملة “لعيونك يا حلب”، بهدف زيادة عدد “الضاغطات” والحاويات، وتأمين تبرعات لتغطية أجور بعض العمال.
وأشار أيضًا إلى أن هناك خطة لتسليم ملف النظافة لشركات خاصة، بحيث تتولى عملية الجمع من بدايتها وحتى تدوير النفايات واستخراج الطاقة منها، في خطوة تهدف إلى معالجة المشكلة بطريقة أكثر استدامة.
رئيس مجلس المدينة وخلال جلسة “المجتمع يسأل والمحافظة تجيب”، في منتصف تموز الماضي، أوضح أن حجم النفايات التي تخرج من المدينة تضاعف منذ عام 2016، إذ كان 650 طنًا يوميًا، وأصبح اليوم أكثر من 1850 طنًا.
وأضاف أن عمال النظافة كان عددهم 350 عاملًا فقط، أما اليوم فهناك 1200 عامل، مع الحاجة إلى 75 عاملًا إضافيًا، وأعلن المجلس عدة مرات عن شواغر برواتب تقارب 150 دولارًا شهريًا، لكن الاستجابة كانت محدودة.
كما أشار إلى أن جزءًا من المكبات العشوائية ناجم عن سيارات نقل خاصة، وليست من مسؤولية مجلس المدينة.
وأوضح أن هناك عروضًا مقدمة من شركات ومنظمات محلية لتسلّم ملف النظافة بشكل كامل، بدءًا من جمع النفايات من المنازل وصولًا إلى الفرز وإعادة التدوير، مع إمكانية تحسين واقع النظافة خلال فترة قريبة.
حتى مع الحملات الرسمية، يصف الأهالي الوضع بأنه تراكم مستمر للنفايات لا تنهيه مبادرة واحدة.
وأطلقت محافظة حلب، في 20 من أيلول الحالي، تزامنًا مع “اليوم العالمي للنظافة”، حملة نظافة انطلقت من ساحة سعد الله الجابري وسط المدينة.
وبحسب المحافظة، فإن الخطوة تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية النظافة العامة، وإشراك المواطنين في تحسين صورة مدينتهم.
وفي حزيران الماضي، وجه محافظ حلب، عزام الغريب، خلال زيارة ميدانية إلى حي الشعار، بإطلاق حملة تنظيف شاملة للحي.
واستمرت الحملة عدة ساعات، وشملت الشوارع الرئيسة والحارات الفرعية، مع تعهدات من المحافظة بالاستمرار حتى الانتهاء من تنظيف الحي بشكل كامل.
وشملت الأعمال رفع النفايات وتنظيف الطرقات وتعقيم مواقع حيوية، في إطار تحسين الواقع البيئي وتعزيز الخدمات الأساسية، وفق ما أعلنت عنه المحافظة، كجزء من جهودها لمواجهة تدهور النظافة في المدينة.
وفي تموز الماضي، أطلقت محافظة حلب حملة نظافة واسعة تحت شعار “خليها نظيفة” في حي الصاخور، بمشاركة مئات المتطوعين والأهالي.
وأكد المحافظ الغريب أن الحملة ليست فعالية مؤقتة، بل جزء من برنامج متكامل يهدف لغرس ثقافة النظافة كأسلوب حياة يومي ومجتمعي.
وفي نهاية آب الماضي، أعلنت محافظة حلب عن بدء توزيع 1000 حاوية قمامة جديدة في مختلف أحياء المدينة، وذلك ضمن حملة “لعيونك يا حلب” بالتعاون مع مجلس مدينة حلب.
وتم توزيع الحاويات على عدة أحياء، بما في ذلك حي الصالحين وكرم حومد، في خطوة تعكس التزام الجهات المعنية بتحسين البيئة الحضرية وتلبية احتياجات السكان، بحسب إعلان المحافظة آنذاك.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة، يظل واقع النظافة في المدينة مترديًا، مع تراكم النفايات في الشوارع والأرصفة، ونقص الكوادر والآليات، ما يجعل التحسن محدودًا ومؤقتًا في كثير من المناطق.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى