بين اللذة والصعوبة.. “ألغام غرفة الأخبار”
في عالم تتسارع فيه الأخبار وتتقلب فيه المعاني لحظة بلحظة، حيث تتحول الكلمات أحيانًا إلى أسلحة أقوى من الرصاص، يأتي كتاب “ألغام غرفة الأخبار” للكاتب الصحفي آلجي حسين، ليكشف التحديات التي يواجهها العاملون في الحقل الإعلامي، ويتيح فرصة للتأمل في المسؤولية الكبيرة للكلمة بمواجهة ضغوط السلطة والمهنية.
صدر الكتاب في العام الحالي، عن دار “تعلّم” للنشر والتوزيع، ويغوص في تجربة المحرر الصحفي الذي يعيش يومه كما لو كان في حقل ألغام، وقد تنقلب كلمة واحدة إلى أزمة أو تحل مشكلة.
ويستعرض حسين الوزن المهني والأخلاقي للكلمة في لحظات الأزمات، مشيرًا إلى أن الكلمة قد تكون أخطر من الرصاصة إذا ما استُخدمت بلا ضوابط أو بلا حس إنساني.
ويشبه الكاتب غرفة الأخبار بمسرح للصراع، فالمعركة لا تقتصر على نقل الخبر فحسب، بل تشمل تصفية المعلومات، ومواجهة الضغوط، وحماية الحقيقة والمصداقية وسط التشويش، وضمان إيصال الرسالة الصحيحة للجمهور.
ويمزج الكتاب بين استشهادات بآراء منظري الإعلام وباحثيه، وتجربة الكاتب العملية الممتدة 15 عامًا في مختلف المناصب الصحفية، ما يمنحه مصداقية عالية وعمقًا تطبيقيًا.
يتكون الكتاب من عشرة فصول، بينها مقدمة بعنوان “هذا الكتاب لهذا”، وفصول مثل “الكلمة رصاصة في حقل ألغام”، “الأخبار المروعة”، “القوة الناعمة للأخبار”، و”فلسفة نظريات الإعلام”، إضافة إلى عناوين مبتكرة تحمل طابعًا ساخرًا وجاذبًا مثل “نزّلني عاليمين معلّم”، و”النداء الأخير للمحررين”، حيث يقدم الكاتب نصائح للصحفيين حول استخدام اللغة الإعلامية البيضاء: لغة فصيحة، موجزة، غير مبالغ فيها، تُسهل إيصال المعلومة بدقة ووضوح.
في مقابلة مع عنب بلدي، أكد حسين أن خبرته الصحفية هي الدافع الأساسي وراء الكتاب، مستعرضًا مهماته اليومية التي تشمل متابعة الأحداث والتحقق منها، وتحرير الأخبار، والإشراف على الفرق الصحفية، وإنتاج المحتوى المرئي والرقمي.
وقد جعلته هذه التجربة يدرك خطورة “زر النشر”، الذي يشبه في تأثيره “الزر النووي”، لكنه يُحدث فرقًا في المعرفة والاتجاهات والسلوك.
كما يربط الكتاب بين غرفة الأخبار والميدان الحربي، مشيرًا إلى أن العمل الصحفي يتطلب التعامل بحذر مع الكلمات كما لو كانت ألغامًا، مع الاعتماد على حس الأمان والمهنية والإنسانية كأدوات لإزالة المخاطر.
ويروي حسين تجاربه الميدانية في مناطق صعبة مثل الرقة السورية، حيث شهد الجرائم والمجازر، مؤكّدًا أن هذه التجارب تعزز قدرة المحرر على العطاء.
الكتاب يمزج بين أسلوبه البسيط والممتع والتجربة العملية، مع التأكيد على الدور الحيوي للإعلام في تشكيل الوعي العام، وتأثيره على السلوك وصناعة الرأي العام.
ويعتبر حسين أن غرف الأخبار هي المصنع الحقيقي للصحفيين، حيث تصقل مهاراتهم في الدقة والإيجاز مع الحفاظ على اللغة والمعنى، لتصبح الكلمة أداة للتأثير الإيجابي أو التحذير من السلبي.
في المجمل، يقدم “ألغام غرفة الأخبار” رؤية متكاملة عن صناعة الخبر، وتحدياتها اليومية، وقيمة الكلمة كأداة مسؤولية، وهو بمثابة دليل لكل صحفي وسط تعقيدات عالم الأخبار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :