
سيارات أجرة في منطقة المزة فيلات بدمشق - 2 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/أحمد مسلماني)
سيارات أجرة في منطقة المزة فيلات بدمشق - 2 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/أحمد مسلماني)
عنب بلدي – كريستينا الشماس
يواجه سائقو سيارات الأجرة العمومية (التاكسي) في دمشق تراجعًا ملحوظًا في عملهم، فلم تعد مهنتهم تلبي الحد الأدنى من احتياجاتهم اليومية، فمعظم المركبات العمومية تجاوزت عمرها الافتراضي منذ عقود، وباتت مصدر إنهاك مادي مستمر نتيجة الأعطال المتكررة والصيانة المكلفة، في وقت يعجز فيه السائقون عن تجديد سياراتهم أو استبدالها.
إلى جانب ما سبق ذكره من الأعباء، يعيش سائقو “التاكسي” تحدي المنافسة المتزايدة من السيارات الخاصة والتطبيقات الذكية التي تجذب الركاب بخدمة أكثر راحة وتسعيرة أوضح، ما جعلهم يخسرون جزءًا من عملهم.
معظم سيارات الأجرة في دمشق مضى على خدمتها أكثر من 20 عامًا، ما جعلها عبئًا على أصحابها وعلى الركاب في آن واحد.
فالأعطال المتكررة أصبحت جزءًا من حياة السائق اليومية، بينما تكاليف الصيانة ترتفع بشكل يفوق إمكاناتهم.
“كل أسبوع عندي تصليح، مرة ميكانيك، مرة كهرباء، مرة علبة سرعة، أنا ما عم أشتغل لأطعم أولادي، أنا عم أشتغل لورشة التصليح”، بهذه العبارات بدأ محمد حسين، سائق “تاكسي” منذ 30 عامًا بدمشق، حديثه لعنب بلدي.
لا يملك محمد مهنة أخرى لتعيله، لذا يضطر أن يعمل منذ الساعات الأولى من الصباح وحتى المغرب، ليستطيع أن يحقق ثلاث رحلات في أحسن الأحول بنهاية يومه.
ورغم أن أسعار السيارات في السوق السورية شهدت انخفاضًا نسبيًا منذ سقوط النظام السابق، فإنها ما زالت خارج متناول السائقين، فشراء سيارة مستعملة بحالة مقبولة يتطلب عشرة ملايين ليرة، وهو مبلغ يفوق قدرة سائق يعيش على دخل يومي بالكاد يكفي احتياجات أسرته اليومية.
لخّص فراس ديوب، سائق “تاكسي” منذ 18 عامًا، المعاناة المشتركة عند أغلبية السائقين، التي تتمثل بتحمل أعباء الصيانة المتكررة، أو تكلفة شراء سيارة جديدة أو حتى مستعملة بحالة جيدة تفوق قدرتهم، ليجد السائق نفسه مضطرًا للاستمرار بالسيارة القديمة، حتى وإن كانت بالكاد تقوى على السير في شوارع مزدحمة ومتعبة، بحسب تعبيره.
تواصلت عنب بلدي مع وزارة النقل السورية، للحصول على توضيحات بشأن ما إذا كانت هناك شروط جديدة ستُفرض عند فحص المركبات العمومية لمنح الترخيص، لكنها لم تتلقَ ردًا حتى لحظة تحرير التقرير.
أكثر ما يثير استياء الركاب في دمشق هو “الفوضى” في تسعيرة سيارات الأجرة العمومية، ففي حين أن أقل رحلة قصيرة مع سائق “تاكسي” قد تصل إلى 30 ألف ليرة، يمكن لذات المشوار عبر تطبيقات سيارات الأجرة أن يكلف نصف هذا المبلغ فقط، أي ما يقارب 15 ألف ليرة.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ يضع كل سائق تسعيرة مختلفة لنفس المسافة المقطوعة، فمثلًا من منطقة باب شرقي إلى المزة، قد يطلب أحد السائقين 50 ألف ليرة، بينما يطلب آخر 60 ألف ليرة للمسافة نفسها.
برر السائق فراس ديوب ارتفاع التسعيرة وتضاربها بين السائقين بالوضع الاقتصادي، وغلاء أسعار قطع الغيار والزيت والبنزين التي تزداد بشكل يومي، معتبرًا أن التسعيرة التي يطلبها السائق ليست مبالغة، وإنما محاولة لتغطية المصاريف الأساسية للسيارة.
وأوضح السائق مازن عوض أن الرحلة التي تكلف الراكب 30 ألف ليرة، قد يذهب نصفها للبنزين وحده.
ويرى مازن أن السائقين لا يملكون خيارًا آخر سوى تحديد السعر وفق ما يرونه مناسبًا، حتى يتمكنوا من الاستمرار بالعمل.
قال مدير المؤسسة العامة لنقل الركاب، عمر قطان، في تصريح سابق لعنب بلدي، إن هناك خللًا في التزام سائقي الأجرة بتشغيل العدادات.
وأوضح أن الأسباب تعود إلى ضعف المتابعة من قبل الجهات التي كانت مكلفة بالرقابة زمن النظام السابق، الأمر الذي فتح الباب أمام الفوضى.
أجمع سائقو سيارات الأجرة العمومية على مطالب موحدة لإنصافهم، داعين إلى تطبيق القانون بحزم لمنع السيارات الخاصة من العمل كسيارات أجرة، وتعزيز الرقابة على المخالفين.
ولا يعترض السائقون على وضع تسعيرة منصفة، بما يتناسب مع أسعار الوقود والصيانة.
وتتلخص المطالب الأساسية التي طرحها السائقون في:
أشار مدير المؤسسة العامة لنقل الركاب، عمر قطان، لعنب بلدي، إلى خطة مستقبلية لإعادة ضبط وتنظيم عمل سيارات الأجرة، من خلال إلزام السائقين بتشغيل العدادات، وفرض تركيبها على المركبات التي لا تحتويها، مع منع تقاضي أي أجرة لا تتوافق مع العداد، تحت طائلة المساءلة القانونية.
ودعا مدير المؤسسة المواطنين إلى الإبلاغ عن المخالفات من خلال نظام الشكاوى، حيث تم اعتماد لصاقات على وسائل النقل تتضمن رمزًا (كود) يمكن من خلاله تقديم الشكوى مباشرة، دون الحاجة لمراجعة المؤسسة، وهو مرتبط بمكتب شكاوى متخصص يتولى المعالجة والرد على الشاكي بالنتيجة.
وتُعِد المؤسسة العامة لنقل الركاب خطة شاملة لتحديث منظومة النقل، تتضمن إدخال آليات حديثة وصديقة للبيئة تتيح تحديد الأجرة إلكترونيًا من خلال تطبيقات موحدة، تعتمد تسعيرة عادلة، مع تسهيل المعاملات الرقمية وربط جميع وسائل النقل بنظام تقني حديث، بحسب مدير المؤسسة العامة لنقل الركاب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى