“من القهر إلى القصر”.. شهادة في الثورة السورية وتحولاتها
يقدم الكاتب والإعلامي ياسر أبو هلالة عملًا توثيقيًا لمسار الثورة السورية منذ اندلاعها عام 2011 حتى السنوات الأخيرة، عبر كتاب “ثوار سوريا: من القهر إلى القصر”.
يضم الكتاب، الصادر في عمان خلال العام الحالي، مجموعة من المقالات والتغريدات والمقاطع المصوّرة التي كتبها المؤلف ونشرها خلال متابعته المباشرة للأحداث.
ركّز الكاتب في فصوله الأولى على مرحلة الانطلاق، حيث كانت درعا الشرارة الأولى، وحماة رمز السلمية، قبل أن تتحول الثورة تدريجيًا إلى صراع مسلح نتيجة القمع الدموي.
وثّق أبو هلالة تلك اللحظات الأولى عبر مقالات مثل “درعا.. بانتظار الفصل الأخير”، و”حماة فضحت جرائم النظام بسلميتها”، مستعيدًا صور المظاهرات الأولى، وحملات الاعتقال، وأسماء الناشطين الذين دفعوا حياتهم ثمنًا للحقيقة.
وانتقد أبو هلالة موقف المجتمع الدولي الذي اكتفى بالمراقبة، مؤكدًا أن النظام السوري نجح في جر الثورة إلى المواجهة المسلحة ليبرر بطشه ويعيد رسم المشهد على مقاسه.
تطرق الكاتب إلى دور الإعلام في الثورة السورية، بوصفه سلاحًا ذا حدين، فمن جهة شكلت الكاميرا وسيلة الثورة لكسر الحصار وإيصال الصوت، ومن جهة أخرى تحول الإعلام الرسمي والإقليمي إلى أداة تضليل.
أشار أبو هلالة إلى تجربته الشخصية كمدير لمكتب قناة “الجزيرة” في سوريا، وكيف أسهم في إدخال الكاميرات وأجهزة البث الأولى إلى درعا، موثقًا الدماء الأولى التي أريقت هناك في فيلم “الطريق إلى دمشق”.
كما تناول حملات التشويه التي لاحقت الصحفيين والمراسلين، وذكر بأن الصحافة كانت المسودة الأولى للتاريخ السوري الحديث.
ورصد الكاتب تداخل القوى الإقليمية والدولية في الملف السوري، وحلّل أدوار إيران وروسيا وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل، مبينًا كيف تحولت الثورة إلى ساحة صراع مفتوحة.
تناول أبو هلالة الدعم الإيراني والروسي للنظام بوصفه “احتلالًا مزدوجًا”، ويرى أن النظام السوري فقد سيادته حين سلّم قراره لهذين الحليفين، بينما أشار إلى الموقف التركي المتقلّب، الذي انتقل من دعم المعارضة إلى البحث عن مصالحه الأمنية.
وطرح الكاتب قراءته لتقاطعات المصالح بين الأطراف الإقليمية التي جعلت الشعب السوري الخاسر الأكبر، منتقدًا ما سمّاه “ازدواجية الموقف العربي”، حين اختارت بعض الدول دعم النظام تحت شعار “الاستقرار”، مقابل دول أخرى احتضنت المعارضة ثم تراجعت لاحقًا.
أولى الكاتب اهتمامًا كبيرًا بالبعد الاجتماعي والإنساني للثورة، من خلال مقالات تناولت الاعتقال السياسي وقضايا النساء والمعتقلين، إضافة إلى مقالات تتناول المسألة الطائفية، ومحاولات النظام اللعب على وتر الأقليات الدينية.
أكد أبو هلالة أن الثورة السورية كانت مشروعًا وطنيًا جامعًا لا طائفيًا، وأن النظام هو من غذّى الانقسام لتبرير استمراره.
وذكّر بضحايا مجازر الثمانينيات، وبالذاكرة الجمعية التي أعادت تشكيل الوعي السوري ضد القمع.
كما توقف عند تحولات الثورة في بعدها الأخلاقي، منتقدًا ممارسات بعض الفصائل المسلحة التي انحرفت عن مبادئ الثورة، مشددًا على ضرورة استعادة “الوجه الإنساني النبيل للثورة”.
مَن الكاتب
ياسر أبو هلالة صحفي وإعلامي أردني من مواليد عمان عام 1969، حصل على بكالوريوس باللغة العربية من كلية الآداب بجامعة “اليرموك” عام 1990.
شغل عدة مناصب في شبكة “الجزيرة”، من بينها مدير مكتبها في عمان ومدير القناة في عام 2014.
عُرف بجرأته في تغطية الصراعات العربية، وبتعاطفه مع قضايا الحرية والعدالة، وكان من أوائل من رافقوا الثورة السورية إعلاميًا منذ انطلاقتها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :